الأربعاء، 28 يناير 2009

حينما يصبح احمد السعدون وخلف دميثير ورجا حجيلان الخصوم والحكام




إنسحاب النائب الشاب مرزوق الغانم من لجنة التحقيق البرلمانية في المشاريع النفطية لاكتشافه وجود صلة لاحد أقاربه في إحدى القضايا درس سياسي كبير رغم صغر سن النائب الغانم يستدعي ان يقوم أعضاء اللجنة الآخرين وهم النواب أحمد السعدون , ورجا حجيلان , وخلف دميثير بإتخاذ موقف شجاع مشابه لما إتخذه الغانم والذي يبلغ عمره نصف أعمارهم من أجل ان تكون هذه لجنة التحقيق هذه محايدة ولا تتضمن الخصم والحكم وإلا فإنها ستكون قد ولدت ميته .

النائب أحمد السعدون وهو الرمز النيابي العريق لم يكن متوقعا منه أن يترشح في لجنة تحقق في قضايا أبدى هو فيها موقف معارض معلن كما في قضيتي الشراكه مع شركة داو كيميكال , ومشروع المصفاة الرابعه فعضو مجلس الامة حينما يتحول الى عضو لجنة تحقيق فإنه يكون بمثابة قاض يفترض ان يصدر حكمه بتجرد ومن دون موقف مسبق وهو التجرد الذي لا يتوفر في السعدون كونه قد قاد حملة واسعه لألغاء مشروعي المصفاة الرابعه ,والشراكة مع داوكيميكال .

تهديد كتلة العمل الشعبي التي يرأسها السعدون ويصيغ بياناتها كان وفق مراقبين من أحد الأسباب الرئيسية لإلغاء مشروع الشراكة مع داو ما يجعل السعدون نفسه متهما في تعطيل هذا المشروع في حال وصلت لجنة التحقيق إلى نتيجة مفادها بأن إلغاء المشروع كان عملا خاطئا الأمر الذي يجعل من السعدون في هذه الجزئية خصما وحكما ومتهما هو وباقي أعضاء مجلس الأمة وربما بعض الوزراء الذين قد تثبت اللجنة انهم سعوا لإلغاء الصفقة لأسباب سياسية لا فنية .

عضو لجنة التحقيق خلف دميثير قال في تصريح صحافي نشر في يوم 13 يناير
http://www.awan.com/node/161166
" إن الحكومة تجاوبت مع المجلس ورفضت هذا العقد، وأعتقد أن الموضوع انتهى بالنسبة لنا ولا أرى سبباً يستدعي أن نتابع هذا العقد بالتحقيق لأنه ألغي" الا انه عاد بعد ذلك بنحو 14 يوما ليرشح نفسه ما يجعله فاقدا لاهم شروط العضوية في هذه اللجنة وهي الحيادية فدميثير لا يرى ان هناك حاجة للتحقيق كما انه يعتقد ان رفض صفقة الداو لم يكن سوى رغبة من مجلس الامة تجاوبت معها الحكومة بما يستوجب الثناء ما يجعله صاحب حكم مسبق على القضية برمتها فكيف سيشعر من يتم التحقيق معهم بالطمأنينة بوجود أعضاء لهم حكم مسبق .

أما العضو الثالث وهو رجا حجيلان فله ايضا موقف مسبق تجاه مشروع الداو إذ كان يتساءل في تصريح لـ «الرؤية» نشر في يوم 29 ديسمبر 2008
http://www.arrouiah.com/node/88445 "عن السبب في التعاقد على الصفقة من الأساس، خصوصاً أنه مشروع ضخم يحتاج إلى دراسة وتأن، وأوضح حجيلان أن قرار إلغاء المشروع يأتي من تحمل مجلس الوزراء المسؤولية تجاه صفقة الـ «داو كيميكال» ما يعني انه برر قرار مجلس الوزراء قبل نحو 29 يوم من ترشحه لعضوية لجنة التحقيق .

ووحده النائب عبدالله الرومي لذي لم يكن له موقف مسبق من مشروع الداو إذ كان ينقل عنه ان الصورة غير واضحه ولا يمكن تحديد موقف محدد من ون توفر معلومات دقيقه وهو بالضبط ما تحتاجه لجنة التحقيق .

والدستور الكويتي وإن كان يضع نصوص واضحة لحقوق أعضاء مجلس الأمة ومن أهمها الترشح لعضوية لجان التحقيق إلا أنه يركز على أهمية التحلي بالحس السياسي لدى الحكم على الأمور كما في مسألة دعوة الوزير إلى تقديم إستقالته وإن لم يصل عدد النواب على العدد المحدد دستوريا لطرح الثقه فيه إذ تقول المذكرة التفسيرية صراحة " أن شعور الرجل السياسي الحديث بالمسئولية الشعبية والبرلمانية ، وحسه المرهف من الناحية الأدبية لكل نقد أو تجريح ، قد حملا الوزيرالبرلماني على التعجيل بالتخلي عن منصبه إذا ما لاح له أنه فاقد ثقة الأمة أو ممثليها " أي ان وجود الحق في الترشح لعضوية لجان التحقيق لا يعني التخلي عن شعور الرجل السياسي بالمسؤولية والحس المرهف أدبيا تجاه النقد والتجريح وتعارض المصالح .


لجنة التحقيق في صفقة الداو والمصفاة الرابعه لن تولد ميته إذا ما تنحى السعدون ودميثير وحجيلان عنها إحتراما للدستور الكويتي ولكل قيم الخير .

الخميس، 22 يناير 2009

الكويت في عيون «الثورجيين» ... مخلب السياسة الأميركية الذي تحول درعا للتضامن العربي

مصدر الصورة : وكالة الأنباء الكويتية (كونا)



بين بيان القصر والبيان الورقة عاشت الكويت القمة الاقتصادية العربية الاولى في الزمان... والمكان الذي طالما تبوأته الكويت سنين طويلة حينما كان شعارها الرسمي «الكويت بلاد العرب» الى درجة ان بعض الساسة العرب كانوا يسمونها حينذاك بـ «القوة العالمية الثالثة» بعد اميركا والاتحاد السوفياتي السابق في عبارة وان كانت قيلت في محل انتقاد الا انها تكشف حجم التأثير الكويتي وعمقه .
وفي المشهدين كان سمو الامير الشيخ صباح الأحمد حاضرا،فعميد الديبلوماسية العالمية واقدم وزير خارجية في العالم قبل ان يصبح رئيس وزراء العام 2003 لم يعجزه ان يجمع مقادير لا تجتمع ،وأنفساً عجنتها الشحناء، في توليفة لم يكن يتوقعها اكثر المراقبين تفاؤلا،ولا عجب فالخلطة السحرية لديبلوماسي وسياسي ورجل دولة وقائد محنك مثل سمو الشيخ صباح الاحمد لا يستطيع ان يقاومها اي مركب مهما بلغت تعقيدات تراكيبه الكيماوية .

قاعة التحرير في قصر بيان تمتلئ بقادة الدول والشخصيات السياسية وعيون الملايين من العرب .

آلاف المراسلين والصحافيين يترقبون الهمسات .

قمة الكويت الاقتصادية تبدأ باحتقان والتوقعات بأنها ستنفجر من الداخل كما وصف المشهد لاحقا نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد الصباح .

الرئيس السوري بشار الاسد يتحدث بصفته رئيس القمة العربية السابقة .

الاجواء ما زالت مشحونة .
الرئيس المصري يعطى الكلمة بصفته رئيس الدولة العربية التي شاركت الكويت في تقديم مقترح عقد القمة .

كلمة الرئيس محمد حسني مبارك تؤشر على الاحتقان العربي - العربي،فالعتب والاتهامات توجه مباشرة لرؤساء الدول الذين رأى ضمنا انهم حاولوا ان يسيئوا لسمعة مصر في ما يتعلق بأزمة غزة.

الملك عبدالله بن عبدالعزيز يطلب الكلمة والتوقعات بأنها ستكون شديدة اللهجة .

العيون تتوزع في القاعة وتترقب، ربما ما يعيد مشهد المواجهة بين الملك عبدالله والرئيس الليبي معمر القذافي في مؤتمر شرم الشيخ قبل الحرب على العراق، والملاسنة بين نائب رئيس النظام العراقي السابق عزت الدوري ووزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد الصباح في قمة الدول الاسلامية في الدوحة ايضا قبيل الحرب على العراق .

خادم الحرمين الشريفين يقلب التوقعات كافة ويأتي بخطاب تصالحي إلى أبعد الحدود.

سمو الشيخ صباح الاحمد وبحنكة السياسي المحنك والعارف بخبايا السياسة العربية التي شهد تفاصيل تفاصيلها منذ ان كانت كوبا رأسمالية وليبيا سنوسية واليمن إمامية والمانيا شرقية وغربية وروسيا سوفياتية،استطاع أن يلتقط اللحظة المناسبة لعقد مصالحة شاملة بين الدول التي تبادلت الحروب الديبلوماسية والاعلامية على أرض الكويت ليكون ذلك مدخلا مناسبا لإعادة القمة الاقتصادية إلى حسبة الارقام والخطط والاستراتيجيات لا النزال العنتري الذي إن بدأ لا ينتهي .

سمو الامير يقوم من مقعد رئاسة القمة ويتجه إلى الرئيس محمد حسني مبارك ويتبادل حديثا بدا فيه أن سمو الشيخ صباح يطلب من مبارك أن يكون الوقت للمصالحة الا ان الرئيس المصري يبدو انه لا يزال يمانع في ذلك، وشيئا فشيئا وبابتسامة تهدئ النفس من سمو الشيخ صباح طالما اشتهربها كويتيا وخليجيا وعربيا إلى أن بدا ان مبارك وافق على ما طلبه منه سمو الشيخ صباح ما استدعى من سمو الامير طبع قبلة ثناء على جبين الرئيس المصري وهكذا تستطيع الكويت بابتسامة وقبلة على الجبين أن تخفف الاحتقان الذي جعل الامة العربية تعيش بعضها وكأنها في «جزيرة» معزولة.

هذا ما رصدته عدسة التلفزيون في حين واصل سمو الامير مسعاه إلى أن انتهى المشهد بصلح قرب الاضداد فتحدث مع الرئيس السوري بشار الاسد ورافقه الى مقر الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حيث كان هناك الرئيس حسني مبارك
وامير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة ليعود الجميع إلى خانة الأشقاء بعد غياب ولتتحول قمة الكويت من ساحة متوقعة للصراع العربي - العربي ديبلوماسيا إلى عنوان حقيقي للتضامن العربي .
وهكذا وجد الاعلام العربي الفرصة السانحة كي يشفي غليله فالشأن الاقتصادي عربيا لا يصنع الاثارة والحماسة التي إستغرق فيها الصحافيون العرب حتى الثمالة وهم الذين لم تفد فيهم مئات التصاريح الصحافية وآلاف الكتيبات التي شرحت بالتفصيل جدول اعمال القمة الاقتصادي وما تضمنه من مشاريع تهم الامن العربي القومي بمفهومه الشامل، من دون ان يحرك ذلك انتباههم الا فيما ندر في حين كان التنافس بين وكالة «رويترز» ووكالة الصحافة الفرنسية وتلفزيون بلمبيرغ على كل ما يتعلق بالشأن الاقتصادي فالارقام هي اللغة التي لا تحتمل المبالغة والكذب وهي الصفات التي يعتبرها معظم الصحافيين بهارات لا تكتمل الخبطة او الطبخة من دونها .

الكويت التي نجحت تنظيميا وسياسيا في حدث بهذه الاهمية لم تنطلق من فراغ ففي الجينات الوراثية للديبلوماسية الكويتية ما زالت الريادة مركبا أساسيا.

والكويت التي كان بعض السياسيين العرب من «الثورجيين» لا يترددون عن وصفها في مجالسهم الخاصة صراحة وفي مواقفهم المعلنة ضمنا بأنها مخلب للسياسة الاميركية في المنطقة عادت وبألسن هؤلاء لتكون حلما واقعيا في إعادة التضامن العربي إلى مساره الطبيعي وموقعا لاعادة تأهيل دول كاد التيار ان يجرفها بعيدا عن أمتها،وأرضا صلبة لانطلاقة عربية جديدة تتغلب فيها الحكمة والعقل على زمجرة المغامرين سياسيا .

الكويت بقيادة زعيمها الشيخ صباح الاحمد عادت لتكون كما كانت دائما بلادا للعرب .