الأحد، 30 ديسمبر 2012

قراءة في الإتفاقية الأمنية الخليجية المعدلة










مقدمة 

شكلت الاتفاقية الأمنية الخليجية المعدلة التي وافقت عليها دول مجلس التعاون الخليجي مؤخرا في قمة المنامة هاجسا مقلقا للمنظمات الحقوقية وللنشطاء السياسيين في دول مجلس التعاون خصوصا في ظل السرية التي تزال تحاط بها مواد الاتفاقية وفي ظل التخوفات من تتحول الاتفاقية إلى قيد جديد يحد من الحريات العامة في إقليم لا تتمتع دوله كافة بالحد الأدنى من الديمقراطية .
لهذا كان من المهم البحث في هذا الموضع بشكل مسبق وطرحه للرأي العام لتوعيته وتعريفه بنصوص قانونية ستطبق عليه لاحقا .
وفيما يلي قراءة للنص الوحيد المتاح للاتفاقية الأمنية الخليجية المعدلة التي اعتمدها المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورته الثالثة والثلاثين والذي عقد في قمة المنامة في 24-25 ديسمبر 2012  وهو النص الذي تم الحصول عليه من موقع المدون الكويتي عبدالهادي الجميل والذي قام بنشر صور للاتفاقية دونت على أوراق رسمية لمجلس التعاون  وذلك في صفحته في موقع تويتر .
وسيتم تحديث هذه القراءة في حال الحصول على النص الكامل والنهائي للإتفاقية .

تتكون الاتفاقية من تمهيد وستة فصول تتضمن 20 مادة .

وفي التمهيد للاتفاقية تمت الإشارة لأسباب الاتفاق على الاتفاقية والأهداف من وراءها وجاءت على النحو الآتي :
- الإيمان بمبادئ الشريعة الإسلامية .
- الانطلاق من روح الأخوة الصادقة والروابط الوثيقة بين دول المجلس.
- الاقتناع بالوحدة الإقليمية والمصير الواحد والمصير المشترك .
- التأكيد على الاسس والمبادئ التي أرساها المجلس .
- تحقيقا لمبدأ الحفاظ على أمن واستقرار دول المجلس مسؤولية جماعية .
- الحرص على مكافحة الجريمة بصورها كافة .
- الاقتناع بأن التنسيق والتعاون والتكامل فيما بين دول المجلس يخدم أهدافها ومصالحها العليا .
- إدراك خطورة الجرائم وآثارها الضارة على الاقتصاد والمجتمع والسياسة .
- الرغبة في الوصول بالتعاون الأمني لمستوى أمثل وأشمل .

ويلاحظ في التمهيد أن دول المجلس أكدت على بعض القضايا المهمة وأسست لمبادئ متجددة تجمع دول المجلس وأهمها أن المحافظة على أمن واستقرار دول المجلس مسؤولية كل دول المجلس وهذا يعني وفقا لطبيعة الاتفاقية الأمنية أن التعاون لا يتعلق فقط في الشق الدفاعي المتعلق بالأخطار الخارجية بل يشمل حتى الأخطار الداخلية التي لم تحدد بشكل دقيق وإن تمت الإشارة لاحقا إلى خطر الجريمة بشكل عام .
والجريمة هنا لا تتعلق فقط بالشق الجنائي بل شمل تعريفها حتى الجوانب السياسية وإن كان بصورة غير مباشرة .
الفصل الأول

هذا الفصل يتحدث عن الأحكام العامة ويتكون من ثلاثة مواد .
- مادة رقم 1 : يتم تعريف كيفية تعاون دول مجلس التعاون وتقرر أن ذلك يتم وفقا للقوانين المحلية لكل دولة ويضيف عليها الالتزامات الدولية , وإذا كانت هذه الاتفاقية التزاما دوليا فسيكون تطبيقها موازيا للقوانين المحلية إن تم التصديق التشريعي عليها من قبل مجالس الأمة والشورى في دول المجلس .

- مادة رقم 2 :يتم التعريف المستهدفين بهذه الاتفاقية ويبدو واضحا ومن دون لبس أن الاتفاقية يشمل تطبيقها الجنسيات كافة ومن بينها مواطني دول مجلس التعاون أي أن الاتفاقية لا تتعلق فقط في المتهمين بجرائم في دولة طرف في هذه الاتفاقية  وتم هربهم إلى دولة أخرى ضمن الموقعين والمصدقين على هذه الاتفاقية .


-  مادة رقم 3 : يتم إلزام كل دولة بتطبيق قوانينها المحلية ضد مواطنيها أو غيرهم إن تدخلوا في الشؤون الداخلية للدول الأطراف في هذه الاتفاقية .
ويلاحظ أن الاتفاقية لم تبين على وجه التحديد ما هي هذه الشؤون الداخلية المقصودة وهو بالتأكيد معنى واسع جدا .

وإذا عرفنا أن أي جريمة سب أو قذف لرئيس أي دولة يعتبر جريمة في القانون الكويتي ويخضع تطبيقه للآليات التي تنظمها التشريعات الكويتية كتحريك الدعوى القضائية من جهة الاختصاص وهي وزارة الخارجية أو وزارة الإعلام أو عبر دعوى قضائية يتقدم بها المتضرر عبر محام كويتي  .

الجديد في الأمر أن تطبيق القانون في حق من يشتم أو يسب رؤساء الدول سيكون أمرا ملزما وفق المادة الثالثة من هذه الاتفاقية ولأي دولة مطالبة دولة أخرى طرف في هذه الاتفاقية بتطبيق القانون المحلي في حق من يسيء لرئيسها .
الفصل الثاني

يتكون الفصل الثاني من ثمانية مواد تتعلق بمجالات التعاون والتنسيق الأمني .

- المادة رقم 4 : لأي دولة طرف في الاتفاقية بطلب أي معلومات أو بيانات تتعلق بموطني أي دول أخرى في هذه الاتفاقية أو تتعلق بالمقيمين فيها .

ويلاحظ أن طلب المعلومات هذا غير مشروط ولا يرتبط بحصول جريمة معينة إنما هو طلب يتاح في أي وقت ومن دون تقديم مبرر معين .

-    المادة رقم 5 أوجدت تنظيما جديدا في مسألة توظف مواطني دول مجلس التعاون ممن يعملون في الأجهزة الأمنية حيث منعت عملهم في جهاز أمني في دولة أخرى ما لم يحصل على موافقة مسبقة من وزارة الداخلية في بلده

- المادة رقم 6 تعتبر قلب الاتفاقية ومن أهم موادها حيث تتضمن ثمانية بنود تفصيلية تتلق بتوضيح ماهية التعاون بين أطراف الاتفاقية وجاءت كالتالي:

•     تبادل المعلومات والخبرات لمكافحة الجرائم
•     توحيد القوانين والأنظمة الأمنية ما أمكن ذلك لمكافحة الجريمة وتبادل القوانين والأنظمة والبحوث الأمنية .
•     التعاون في مجالات التعليم والتدريب في المعاهد والكليات الأمنية .
 إنشاء مراكز تدريب متخصصة .
•     الدعم التقني للأجهزة الأمنية وتنظيم الدورات التدريبة المشتركة .
•     تكثيف الزيارات الميدانية بين رجال الأمن في الدول الأطراف في الاتفاقية .

ويلاحظ أن مجالات التعاون هذه مطبقة سلفا في الوضع الحالي ولكن تم تأطيرها بشكل تنظيمي شبه ملزم .كما يلاحظ أن هذه المادة تعطي للاتفاقية السمة الأمنية البحتة .


-    المادة رقم 7 تتحدث عن التعاون والتنسيق الإقليمي والدولي في المؤتمرات الأمنية المتخصصة .

-    المادة رقم 8 تنظم عملية تبادل المعلومات والتحركات والبيانات فيما يتعلق بأسماء المبعدين عن أراضي كل دولة طرف ويشمل الأمر أصحاب السوابق الخطرة من دون تحديد ماهية هذه السوابق إن كانت جنائية أم تشمل المحكومين في قضايا سياسية أو قضايا جنائية ذات طابع سياسي

-    المادة رقم 9 تتحدث عن التبادل المعلوماتي فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب وإن لم ننم تسمية الإرهاب بالنص إنما تمت الاستعاضة عنه بمصطلح ' العصابات الإجرامية ' .
وتلزم المادة كل دولة طرف ليس فقط بالتبادل المعلوماتي بل حتى بتبيان الإجراءات  التي قامت بها كل دولة طرف لمكافحة وتعقب هذه العصابات الإجرامية إن كانت تخطط لارتكاب جرائم في أراضي دولة عضو أخرى .

-المادة رقم 10 تعتبر من أهم وأخطر مواد الاتفاقية الأمنية الخليجية المعدلة حيث تتيح هذه المادة للدول الأطراف في هذه الاتفاقية في التدخل الأمني في أي دولة طرف في الاتفاقية إن طلبت ذلك لمواجهة الإضطرابات الأمنية والكوارث .
وإذا كانت الكوارث كمصطلح معروفة تقريبا لم يتم تعريف المعنى المقصود من الاضطرابات الأمنية فهل ذلك يعني أي خطر يهدد نظم الحكم ؟ وإذا كان كذلك فهل هذا التدخل يعني مثلا مكافحة المسيرات والمظاهرات السلمية في أي دولة طرف في الاتفاقية إن كانت هذه المسيرات والمظاهرات حصلت بسبب تضرر الناس من سياسات وإجراءات حكومية خاطئة في دولة طرف في الاتفاقية ؟

-    المادة رقم 11 : تنظم هذه المادة عمليات التحقيق المشتركة بين الأجهزة الأمنية في الدول الأطراف إن حصلن جرائم في دولة طرف وكان لهذه الجرائم صلة بأمن دولة طرف أخرى أو كان بعض مرتكبي هذه الجرائم ينتمون لجنسية الدولة الطرف الأخرى .
الفصل الثالث

يتكون هذا الفصل من ثلاثة مواد تتعلق بالتعاون في مجال ضبط الحدود .

-    المادتان رقم 12 و13  : تتعلق بمكافحة التهريب عبر الحدود وبمنع عمليات التسلل وتضع تفصيلا لكيفية التعامل مع من يقوم بذلك .

-    المادة رقم 14 : تعتبر هذه المادة من أهم المواد التي حالت في نصها المقارب في الاتفاقية السابقة إلى رفض دخول الكويت فيها لتعارض ذلك النص مع الدستور الكويتي الذي لا يبيح دخول دوريات دولة أخرى إلى داخل أراضي الكويت لمطاردة المجرمين .
وفي النص المعدل تم ترك هذه الجزئية لاتفاقيات ثنائية بين الدول الأطراف لتتناسب مع دساتيرها وتشريعاتها .
وفي حال عدم وجود اتفاق ثنائي بهذا الشأن منعت الاتفاقية اجتياز دوريات المطاردة في دلة طرف للحدود البرية لأي دولة طرف أخرى .
أما إن كانت المطاردة بحرية فقد أتاحت الاتفاقية لدوريات المطاردة اجتياز الحدود البحرية إلا أن تصل إلى نقطة تلاقي بحرية بين الدولتين يتفق عليهما وفق هذه الاتفاقية وبعد ذلك تتولى الدوريات البحرية للدولة الأخرى إكمال المطاردة والقبض على المجرمين وتسليمهم إلى الدولة التي هربوا منها إن كانت قوانين الدولة الأخرى تتيح ذلك .

ويبدو هذا النص مناسبا للتطبيق في الكويت مالم يكن هناك عائقا دستوريا يتعلق باجتياز الحدود البحرية .
الفصل الرابع

يتكون هذا الفصل من مادة واحدة تتعلق بالتعاون في عمليات إنقاذ الأشخاص في الحوادث .
-    المادة رقم 15 تتعلق بتسهيل عمليات الإسعاف الجوي بين الدول الأطراف في الاتفاقية ونقل المصابين وطاقم الإسعاف من دون انتظار إجراءات الدخول والخروج الرسمية .
الفصل الخامس

يتكون هذا الفصل  من مادة واحدة تتعلق بتسليم المتهمين والمحكومين .

-    المادة رقم 16 تعتبر المادة الأخطر في الاتفاقية وتشكل قلقا في أوساط النشطاء السياسيين والنشطاء في مجال حقوق الإنسان .
فالمادة مصدر القلق تتيح لأي دولة طرف في الاتفاقية طلب أي مواطن أو مقيم في دولة أخرى للتحقيق معه في اتهامات وجهتها هي له , كما يتيح النص أيضا لأي دولة طرف أن تطلب تسليم أي مواطن ومقيم لتنفيذ حكم قضائي أصدر ضده عبر محاكمها .

وعمليا هذا النص يتيح لدولة معينة طلب أي سياسي أو ناشط حقوقي في الكويت وجه انتقادات معينة لها تتعلق في قضية معينه للتحقيق أو لتنفيذ العقوبة .

ورغم أن النص يتضمن حصول ذلك وفقا للتشريعات المحلية في كل دولة إلا أن النص يقرن التشريعات المحلية بالاتفاقيات ما يعني أن الاتفاقية الأمنية الخليجية المعدلة ستطبق كقانون محلي .

والنص له تفسيرات عده فهناك تفسير مفاده أن تسليم المتهمين والمحكومين قد يكون ملزما بعد الاتفاق الثنائي أو الجماعي على ذلك في حين أن تفسيرا آخر يعتبر نص المادة 16 إطارا تشريعيا كافيا لتقديم هذا الطلب .
الفصل السادس


ويتضمن هذا الفصل أربعة مواد تتعلق بالأحكام الختامية التي تنظم كيفية الموافقة والتصديق والتطبيق والانسحاب من هذه الاتفاقية .
-    المادتان رقم 17 و18 : وتضع هاتين المادتين تنظيما لكيفية تدعيم التعاون بين الدول الأطراف , كما تنظم عملية سرية المعلومات فيما يتعلق بالإجراءات المتبعة بين الدول الأطراف وفقا لهذه الاتفاقية .

-    المادة رقم 19 : تتيح هذه المادة  سريان الاتفاقيات الثنائية التي عقدت وستعقد بين الدول الأطراف على أن تختار الدولتان الطرف في اتفاقية أمنية ثنائية في حال تعارض هذه الاتفاقية مع الاتفاقية الأمنية الخليجية المعدلة تطبيق الاتفاقية التي تريان أنهما يحققان أكبر قدر من التعاون .

-    المادة رقم 20 : تنظم هذه المادة إجراءات المصادقة بحيث تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ بعد شهر من إيداع ثلثي الدول الأطراف أي أربع دول وثائق التصديق  .
كما تبين المادة أن الانسحاب من الاتفاقية لا يسري فعليا إلا بعد سنة أشهر من تقديم الدولة المنسحبة طلبا كتابيا بذلك .
وهناك تساؤل يبرز في هذا الشأن هل ستسري أحكام هذه الاتفاقية على دولة الكويت إن وافقت أربع دول على ذلك حتى من دون انتظار تصديق مجلس الأمة الكويتي على هذه الاتفاقية وإصدار قانون بشأنها ؟ أم أن السريان سيكون جزئيا ولبعض المواد ؟
كما أن النص لم يتح للجهة التشريعية في كل دولة طرف التحفظ على مادة معينة بحيث لا تطبق في بلد معين ما يعني أن مجلس الأمة في الكويت إما سيقبل الاتفاقية بعلاتها أو سيرفضها كاملة .
الخلاصة

التعاون والتنسيق الأمني بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لم يكن وليدة هذه الاتفاقية فهناك اتفاقية أمنية سابقة طبقتها خمس دول طرف في الاتفاقية المعدلة طوال 18 عاما ولكن وبعد أحداث الربيع العربي في الدول العربية برزت مرة أخرى محاولات حثيثة لضم دول مجلس التعاون كلها في اتفاقية معدلة خصوصا أن هناك مؤشرات واضحة من قلق دول مجلس التعاون من تأثير حركات الربيع العربي على الأوضاع الداخلية فيها .

وتبرز أهمية هذه الاتفاقية الأمنية الخليجية المعدلة في انضمام دولة الكويت لها بعد 18 عاما من الرفض لأسباب دستورية وإن كان هذا الرفض يهدف أيضا إلى منع هيمنة أي دولة على الكويت خصوصا في مرحلة الضعف السياسي والأمني الذي مرت بها منذ الغزو العراقي لها وفي السنين التي تبعت تحريرها والتي شهدت توقيع الاتفاقية الأولى وإن كان ذلك لم يمنع درجة عالية ومتصاعدة من التنسيق الأمني بين كل دول مجلس التعاون خصوصا بعد تصاعد موجات الإرهاب العالمي ووصولها إلى دول المنطقة .

وفيما يرى نشطاء سياسيون وحقوقيون خليجيون أن هذه الاتفاقية ومهما حاول البعض إظهارها بغير حقيقتها ستضيق إلى حد كبير من الحريات العامة خصوصا فيما يتعلق بالتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارس بحق الشعوب الخليجية وفقا للتقارير التي يعدونها ويعرضونها في المحافل الدولية وهي التقارير التي قد تعتبر وفق ظاهر نصوص الاتفاقية تدخلا في الشؤون الداخلية تمنعه الاتفاقية وتعاقب عليه .

في الجانب الآخر تعتبر الاتفاقية الأمنية الخليجية المعدلة وسيلة عملية لمواجهة التحديات الأمنية التي تواجهها دول مجلس التعاون الخليجي خصوصا في ظل تصاعد القلاقل في دول مجاورة كالعراق وسورية ومصر واليمن وإيران واحتمالية امتداد تلك القلاقل إلى دول مجلس التعاون إما عبر الجاليات الضخمة المقيمة في دول مجلس التعاون من هذه الدول التي تشهد قلاقل أو عبر ما يعتبره مسؤولون أمنيون خليجيون استهدافا منظما لشباب دول مجلس التعاون الخليجي بأفكار انقلابية خارجة عن طبيعة دول المجلس .

وبين هذا التخوف وذاك الحذر تواجه الكويت اتفاقية أمنية بهذه الخطورة والأهمية بمجلس أمة يعتبره كثيرون لا يتمتع بالشرعية الشعبية ما يزيد من قلق النشطاء السياسيين والحقوقيين من مواجهة وضع لم يتوقعوه أبدا ولم تزيل تخوفاته التطمينات المستمرة من المسؤولين الرسميين في الكويت والذين أعلنوا مرارا أن الكويت لن تقبل بأي اتفاقية تتعارض مع الدستور الكويتي .





الاثنين، 24 ديسمبر 2012

الحريات العامة لا تغلق ولو لـ "يوم"





قرار إغلاق قناة اليوم غير القانوني سيدونه التاريخ كنهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة في مسألة الحريات العامة .

هذا القرار سيقلل مستقبلا من جرأة الجهات الحكومية على دس أنفها في كل شيء بعد ردود الفعل السلبية التي تلقاها هذا القرار حتى من حلفاء السلطة في المرحلة الحالية فالقرار كشف كم هي السلطة التنفيذية  إنتقائية في تعاملها مع الآخرين فمن التساهل المشبوه مع قنوات مشبوهة تضرب الوحدة الوطنية بشكل فعلي وملموس إلى تشدد في السلطة التقديرية تجاه قناة تعتبرها الحكومة خصما فقط لكونها , وهذا حسب ردود فعل الناس ,  تتيح المجال للآراء كافة في مرحلة يراد فيها تكميم الأفواه .

هذا القرار الإنتقائي الذي ووجه برفض ومعارضة واسعة حتى من حلفاء السلطة أثبت أن الجسد الكويتي يحمل مناعة ذاتية ضد الممارسات التي لم يتعود عليها الكويتيون , كما أنه كشف أن هناك حد أدنى يرفض المجتمع النزول عنه فالإقصاء أسلوب لا يصلح للتطبيق في الكويت تحديدا في ظل عقود من التعددية السياسية والفكرية .

كما أن المجتمع يرفض بطبعه تحول الحكومة من ناظم للقوانين والقرارات إلى مستخدم لها بإنتقائية تضر في الحقوق الدستورية للأطراف كافة فملامح الدولة الشمولية يتحسس منها الكويتيين جميعا مهما كانت المغانم وافره إن رحبوا بها .

الأربعاء المقبل سينظر القضاء الكويتي القضية المرفوعة من قناة اليوم ضد وزارة الإعلام ويتوقع أن يحكم القضاء بالشق المستعجل بعودة القناة إلى البث إلى حين الحكم في الموضوع , وإن تم ذلك فسيكون درسا قاسيا لمن يحاول إقحام الجهاز التنفيذي للدولة في قضايا خلافية .

الأهم من كل ذلك ضرورة أن يتجه النشطاء السياسيين والإعلاميين إلى مجال تلفزيون الأنترنت وأن يبدأوا في إنشاء قنوات تلفزيونية متعدده تديرها فرق إعلامية متخصصة من الشباب الكويتي وتتضمن برامج محدده تتيح  حرية إبداء الآراء  ومن دون المراهنة على قنوات محددة فالحريات العامة تتطور بالكيف  دوما لكنها أحيانا تتوسع  بالكم  الذي يفرض واقعا لا يمكن الرجوع عنه .

الأربعاء، 19 ديسمبر 2012

أسئلة ما قبل تأييد مجلس الصوت الواحد








لنفرض أن هناك مواطنا ممن يرفضون نظام الصوت الواحد قرر أن يؤيد هذا النظام لكنه طلب الإجابة على الأسئلة الآتية أولا فمن يجيب  ؟ :

- كيف لي أن أؤيد نظاما إنتخابيا أتى بمجلس أمة يضم نائبا تمت إدانته بحكم قضائي نهائي بتهمة التزوير ؟ وكيف لمثل هذا أن يصبح عضوا في اللجنة المالية التي يفترض أن تكون عين الشعب الكويتي لمعرفة كيفية صرف أمواله ؟ 

- كيف لي أن أؤيد نظاما إنتخابيا أتى بمجلس أمة يضم نائبا تم عبره تضييع قضية التحويلات المليونية قضائيا حينما قدم بلاغا قالت عنه اللجنة الدائمة في محكمة الوزراء أنه لا يستند لوقائع ولا يحمل أدلة ؟ وكيف لمثل هذا أن يصبح عضوا في اللجنة التشريعية التي يفترض آن تشرع القوانين بتجرد وموضوعية ؟ 

- كيف لي آن أؤيد نظاما إنتخابيا أتى بمجلس يضم نائبا أشتهر في قضايا النصب والإحتيال وسبق له أن تم سجنه قبيل ترشيح نفسه على ذمة قضايا نصب ؟ كيف لمثل هذا أن يصبح عضوا في اللجنة التشريعية ؟

- كيف لي أن أؤيد نظاما إنتخابيا أتى بمجلس أمة يضم  نائب أمضى سنة ونصف السنة خارج الكويت تهربا من حكم قضائي بسجنه ؟ كيف لمن لم ينفذ مشاريع الدولة وشوهها أن يراقب برلمانيا تنفيذ الحكومة لمشاريع التنمية ؟

- كيف  لي أن أؤيد نظاما إنتخابيا أتى بمجلس أمة يضم  نائب ونائبة أشتهرا بتضييع حقوق المساهمين في شركات إستثمارية ؟ كيف لمثل هذا وهذه أن يؤتمنا على مصالح الشعب وأمواله ؟ 

- كيف لي أن أؤيد نظاما إنتخابيا أتى بمجلس أمة يضم نائبا ذو طرح طائفي صريح وبغيض يساهم في تخريب علاقات الكويت مع دول شقيقه ويزيد من حدة التوتر الطائفي في المجتمع الكويتي ؟ كيف لمثل هذا الدخول إلى قاعة تحمل إسم الشيخ عبدالله السالم  ؟ 

- كيف لي أن أؤيد نظاما إنتخابيا أتى  بمجلس أمة يضم  نوابا قالت عنهم اللجنة الوطنية العليا للإنتخابات أنهم سيئو سمعه ؟ كيف لأمثال هؤلاء أن يجعلوا للكويت سمعة حسنة ؟ 

النظام الإنتخابي الجديد أتى بنواب لا لون ولا طعم لهم وهو بالتأكيد لن يكون المنقذ من هذا الوضع المتردي الذي تعيشه الكويت نتيجة لعشوائية القرار في الميادين كافة .

هذه أسئلة المواطن فمن يجيب ؟ 

الاثنين، 17 ديسمبر 2012

لا لتحويل القوانين لقوانين طوارىء







من غير المعقول ما يحصل من إعتقالات للشباب الوطني لمجرد أنه يعبر عن موقفه من قضية سياسية وبوسائل مشروعه.

ومن غير المعقول قيام وزارة الداخلية بتوجيه التهم لهذا الشباب وكأنما قانون التجمعات أو ما تبقى منه أصبح قانونا للطواريء يتيح القبض على السياسيين والناشطين ويعاملهم كما لو كانوا مجرمين جنائيين.

كيف تتم الدعوة لإحترام دولة القانون وفي الوقت نفسه نرى هذا التعسف بإستخدام القانون بما يخرجه من دائرة القانون نفسه خصوصا مع توارد شكاوى تسجل لدى جهات التحقيق من قيام قوات الشرطة بضرب المشتبه بهم وشتمهم بما يجعل المطالبات بحفظ كرامة الكويتي في وطنه مطالبات مستحقه وليس مجرد مبالغات لا تستقيم كما يقال مع واقع الحال المرفه.

من المحزن أن يتم تبسيط الأمور إلى درجة الإيحاء عبر وسائل الإعلام بأن من يتظاهر مجرد قلة من المارقين الذين يهددون إستقرار الكويت وأمنها فهذا الخطاب الخطر خطاب أعمى وقد يوجه لاحقا حتى للتيارات والشرائح الني يجد هذا الخطاب صدى له في أنفسها.

ليتوقف هذا العبث قبل أن تنفجر الأوضاع فالكويتيين الذين يرفضون الفساد ويحاربونه ويحافظون على دستورهم ليسوا أعداء الكويت بل هم من أكثر أبناءها وبناتها إخلاصا ولا يغركم مقدار التسامح الكبير لديهم فالحلم لا يعني الضعف.

الخميس، 13 ديسمبر 2012

الترقب سيد الموقف


من المظاهرات الرافضة لإنتخابات الصوت الواحد 

أجريت الإنتخابات وجاءت النتائج بمجلس أمة مثير للجدل ضمن أعضاءه 12 نائبا سمعتهم سيئة حسب اللجنة الوطنية العليا للإنتخابات إضافة لنواب إشتهروا بالعنصرية والطائفية لكنه يضم أيضا نواب إنتخبوا من قبل فئات شاركت بقوة في الإنتخابات وترى أن مرسوم الصوت الواحد أتاح لها تمثيلا داخل البرلمان بعد سنين طويلة من التهميش  .

قدمت الطعون الإنتخابية من قبل تيارات سياسية وسياسيين مستقلين في ظل تكهنات متضاربة عن الحكم المتوقع للمحكمة الدستورية بين إلغاء مرسوم الصوت الواحد وبين تثبيته .

تشكلت الحكومة الجديدة من دون وجود للتيارات السياسية فيما عدا نصف التجمع الإسلامي السلفي الموالي وكان لافتا خروج فاضل صفر وهو وزير محسوب على التحالف الوطني الاسلامي الشيعي رغم نجاح خمسة نواب من التحالف في مجلس الأمة الحالي ما يجعل بعض المحللين يتوقعون تصعيدا من التحالف ربما يخففه حصول زعيم التحالف النائب عدنان عبدالصمد على منصب نائب رئيس مجلس الأمة ليكون السياسي الشيعي الأول الذي يتقلد هذا المنصب  .

معركة رئاسة مجلس الأمة  مشتعله بين النائبين  علي العمير وعلي الراشد وآثاره هذه المعركة  تهدد مجلس الأمة بالإنقسام خصوصا أن الأطراف التي تدعم كل مرشح ستنظر بعدم الرضا للموقف الحكومي الذي سيحسم هذا الصراع  .

المعارضة الكويتية المتفرغة للحراك الميداني تترقب الأوضاع لإستغلال أي تعثر لمجلس الأمة الحالي وللحكومة الحالية وخلال ذلك تقوم بزرع عشرات الألغام في طريق المجلس والحكومة لخلق أوضاع سياسية تعيد المشهد إلى ما قبل إصدار المحكمة الدستورية حكما بإبطال مجلس فبراير 2012 المبطل .

الحراك الشبابي يشتد ويستخدم أساليب تعبير جديدة من ضمنها مسيرات المناطق السكنية والتواجد المدروس في الأماكن والأحداث العامة ولا يبدو أن الحراك الشبابي متأثرا بحملات الملاحقات السياسية التي شهدت توسعا غير مسبوق في الكويت .

وسائل الإعلام تدعم مجلس الأمة الجديد والحكومة الجديدة فيما عدا قناة فضائية واحدة وصحيفة تتيحان المجال للآراء المؤيدة والمعارضة لمجلس  الصوت الواحد , في حين لعبت صحف إلكترونية وخدمات إخبارية دورا مهما  في إبقاء الأراء المعارضة حاضرة في المشهد السياسي  .

توتير أصبح المحرك الرئيسي للأحداث في الكويت وكل أطراف الصراع تحرص على إستغلال كل ما فيه لتحقيق أهدافها إلا أن الغلبة فيه لا تزال للآراء المعارضة لمجلس الصوت الواحد ربما لأن المعارضة الكويتية لجأت منذ فترة طويلة للنشر الإلكتروني بعد أحداث *ديوان الحربش  ديسمبر 2010  عندما كشفت معظم وسائل الإعلام في الكويت إنحيازها لمصالح ملاكها .

الوضع في الكويت جعل الترقب سيد الموقف وهو يشابه أجواءها الشتوية تماما فمن برودة شديدة إلى جو خانق قد يكون مصحوبا بقليل من الرطوبة التي يعقبها المطر أو الغبار وكل هذا في يوم واحد .

* ( حادثة أعتدت القوات الخاصة فيها بالضرب على نواب وإعلاميين ومواطنين خلال ندوة سياسية )