للتو أبرمت إيران إتفاقا مع مجموعة 5+1 ( أميركا , روسيا , بريطانيا , فرنسا, الصين , ألمانيا ) يخفف من العقوبات الإقتصادية المفروضة عليها كمحاولة لمنعها من الحصول على الإستخدام العسكري في مفاعلاتها النووية .
وهو إتفاق من الواضح جدا أن الإيرانيين حققوا فيه مكاسب كثيرة منها فرض برنامجهم النووي كأمر واقع ومن دون إجراءات صارمة تضمن عدم تحول هذا البرنامج إلى الإستخدام العسكري كما يرغب ويعمل على ذلك الإيرانيون .
إذن دول مجلس التعاون بهذا الإتفاق فقدت الشيء الكثير فإيران التي تتحكم بالملف السوري وقبل ذلك العراقي وتمتد أذرعها إلى اليمن ولبنان إستطاعت أن تتحول من هدف شبه مؤكد لضربة عسكرية أميركية مرتقبة منذ 4 سنوات إلى دولة تخطب ودها القوى العظمى في العالم بإتفاقات هشة يمكن إختراقها بسهولة .
التحول الدولي هنا من التحالف الإستراتيجي مع دول مجلس التعاون إلى محاولة خلق حالة من الود مع إيران لا يحصل فقط في الموقف الأميركي بل الأمر تعدى الأميركيين ليصل إلى دول أخرى كبريطانيا وفرنسا وألمانيا إضافة إلى دول ذات علاقة جيدة سلفا بإيران وهي روسيا والصين .
ليس هناك بديل لدول مجلس التعاون لتواجه هذه التحولات الخطيرة في السياسات الدولية من القيام بإستحقاقات تأخرت كثيرا وأهمها :
- بناء المؤسسات الديمقراطية لتحصين دول المجلس من الداخل بموقف موحد لا تنهكه الصراعات الداخلية .
- تسريع تطبيق الإتحاد الخليجي الذي سبق طرحه ليتجول من خيار إلى مصير.
- توسيع التحالفات الدولية الإستراتيجية لتشمل روسيا والصين ودول أميركا اللاتينية كي لا يكون بيض دول مجلس التعاون كله في السلة الأميركية.
- التخلص من الهيمنة الأميركية مع إقتراب تخلي الأميركان تماما عن النفط العربي تنفيذا لخطة أعلنها الرئيس الحالي باراك أوباما في برنامجه الإنتخابي العام 2008 .
- تغيير أنماط السلوك في المجتمعات الخليجية لتكون أكثر إستعدادا لخوض أي مواجهات عسكرية محتملة في الإقليم خلال السنوات الثلاث المقبلة بإقرار التجنيد الإجباري بصيغ مقبولة وبربط مباشر بمستقبل شعوب المنطقة .
الدعوة إلى الإصلاحات الداخلية والموقف من لا ديمقراطية أنظمة الحكم في دول مجلس التعاون يجب ألا يعمينا تماما عن أخطار الخارج , ومع التشديد على أن الخطر الخارجي يجب ألا يتخذ ذريعة لتأجيل الإصلاحات مطلوب من النخب في دول مجلس التعاون الإستعداد لمرحلة جديدة تعلي فيها مصالح دول مجلس التعاون على ما سواها , وتدعو فيها وتعمل على بروز دول مجلس التعاون كقوة إقليمية مؤثرة لا يمكن تجاهلها في أي تسويات دولية .
الإيرانيون وهم سادة الشطرنج كما يسميهم المفكر عبدالله النفيسي كناية على صبرهم ودهاءهم في المفاوضات , يجب ألا نتيح لهم كخليجيين ليفاجأوننا بقول " كش ميت " .