لم تحسم جلسة إستجواب وزير الاعلام الشيخ أحمد العبدالله مصير الوزير رغم تقديم طلب بطرح الثقة من قبل عشرة نواب فالتكتيك السهل الممتنع الذي إتبعه النائب المستجوب علي الدقباسي يرى البعض أنه سيجعل مسألة طرح الثقة في الوزير أو إستبعاده لاحقا من وزارة الإعلام تطبخ على نار هادئة فيما يرى آخرون أن الدقباسي فوت على إستجوابه الفرصة في حشد الشارع وبالتالي تحويل ذلك الزخم الى مواقف سياسية .
الهدوء المشوب بالحذر كان سيد الموقف رغم محاولات وزير الإعلام بإستفزاز النائب المستجوب ورغم قيام النائب مسلم البراك بتجريح الوزير سياسيا خلال كلمته وهو تجريح بالمناسبة يبيحه الدستور في حالة الإستجواب فقط كما جاء في المذكرة التفسيرية .
السيناريوهات مفتوحه ومصير طلب طرح الثقة ستحدده أصداء الإستجواب في الرأي العام خصوصا لدى النواب الذين يتأثرون بتقييم الناخبين لمجريات الإستجواب ,ولكن من المتوقع جدا أن يحصل هذا الإستجواب في جلسة التصويت على طرح الثقة في الوزير على أكبر رقم من الممتنعين ولهذا فإن التحدي الحقيقي الذي يواجه الوزير ليست الخسارة البرلمانية بل الخسارة السياسية التي قد يتعرض لها في حال كان عدد المؤيدين لطلب طرح الثقة يفوق عدد الرافضين له .
وإذ كان صحيحا أن طلبات طرح الثقة لا تحسم بالضرورة حسب القناعات وإنما حسب ' ميانة ' الحكومة على بعض النواب إلا أن الطرح الهاديء نسبيا الذي تعمدت كتلة العمل الشعبي ان تسير عليه مجريات الإستجوابات رغم محاولات النواب المعارضين للإستجواب جر النائب المستجوب ومؤيديه لقضايا حساسة وخلافية, هذا الطرح قد يفتح الباب من أجل إجراء صفقة سياسية تحقق مضامين طلب الثقة من دون أن يدفع الوزير أو الحكومة كلفة عالية كالتي دفعها الوزير نفسه بعد إستجوابه العام 2007 حينما كان وزيرا للصحة .
أبرز الملاحظات على جلسة الإستجواب كانت مرونة النائب المستجوب وكتلته النيابية وتجنبه لأي قضايا حساسة إلى درجة أنه لم يطيل في إعتراضه على رفض الرئيس جاسم الخرافي السماح له بعرض لقاء تلفزيوني مع الوزير قيل أنه تضمن إساءات للنواب والوزراء رغم ان النائب مسلم البراك قال شفهيا العبارات التي قيل ان الوزير ذكرها في اللقاء التلفزيوني .
ويفسر البعض هذه المرونة بأنها محاولة لكسب نواب كتلة العمل الوطني كي لا يتحول النقاش إلى قضايا تثير الإنشقاق في حين يرى البعض الآخر أن كتلة العمل الشعبي لم ترد مواجهة عاصفة قد تثير الإستفزاز وتجعل تثبيت الوزير خيارا حكوميا من أجل تحدي الكتلة .
وكان لافتا حضور نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد الفهد والنائب أحمد السعدون جزءا قصيرا من الجلسة ومغادرة القاعة بعد ذلك قبل أن يعود السعدون الى القاعة بعد البدء بتلاوة أسماء الموقعين على طرح الثقة حيث كان أسمه الأخير في القائمة في ين لم يعد الشيخ أحمد الفهد إلى القاعة .
النائب المستجوب لم يكمل المدة الأولى المخصصة له في الحديث حيث تبقى له من الوقت نحو 20 دقيقة في حين لم يكمل الوزير هو الآخر مدته الأولى حيث توقف قبل نحو 25دقيقة ما يدل على أن الحذر بالفعل كان سيد الموقف , وأن الإثنان لم يريدا أن يكشف أوراقهما في وقت مبكر في حين إستغرق النائب الدقباسي فترته الثانية كاملة وهو ما لم يقم به الوزير حيث إختتم حديثه قبل الوقت المخصص بنحو 8 دقائق.
مفاجأة الإستجواب كانت حديث النائب سعدون حماد لصالح الوزير رغم أنه كان أحد النواب الذين أقسموا في تجمع منطقة العقيلة على إستجواب رئيس الوزراء إذا لم تتم إقالة وزيري الإعلام و الداخلية في تحول دراماتيكي دعم موقف الوزير قليلا , وكان مستغربا أن النائب سعدون حماد لم ينف وقوفه مع الإستجواب من حيث الشكل الا انه أرجع معارضته لموضوع الإستجواب بسبب ما أسماه قيام النائب المستجوب بتقديم إستجوابه دون مواصلة التنسيق مع مجموعة من النواب من بينهم سعدون حماد نفسه .
النواب عبدالرحمن العنجري ومرزوق الغانم وصالح الملا والى حد ما النائبة أسيل العوضي كانوا على تناغم مع كتلة العمل الشعبي وكتلة التنمية والإصلاح الى درجة ان النائب صالح الملا اعترض على تطرق النائب سعدون حماد لموضوع خارج محور الإستجواب في حين بدا النائب على الراشد على الحياد .
استجواب النائب علي الدقباسي المقدم لوزير الإعلام الشيخ أحمد العبدالله فقد موضوعه كثيرا من زخمه بسبب الإجراءات التي قامت بها الحكومة وقت حصول فتنة قناة السور وهي الإجراءات التي توجت بقيام سمو الأمير بتخفيف حدة الإحتقان عبر إلقاء خطاب غير مسبوق وعبر سلسلة من اللقاءات مع مجاميع شعبية ووطنية , إلا أن سوء إدارة وزارة الإعلام قبل تقلد الشيخ أحمد العبدالله المنصب الوزاري وبعده ساهم كثيرا في نجاح النائب المستوجب في فرض قضيته مرة أخرى على المشهد السياسي .
هذا الإستجواب أعاد للإستجوابات البرلمانية بريقها الذي كادت أن تفقده بسبب تقديم أربعة إستجوابات دفعة واحدة , ومناقشة أربعة إستجوابات في يوم وليلة , وبسبب قيام أغلبية نيابية بتوقيع طلب تأييد قبل الموعد الدستوري للتصويت على طلب عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء في إعتراض واضح على رغبة الآباء المؤسسين ,حينما كتبوا الدستور , في رجوع النواب للشارع و تقييم أصداء الإستجواب في الرأي العام , وهو الطلب الذي لم يتكرر بعد إنتهاء جلسة إستجواب الأمس .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق