إذا كان تلفزيون كتلفزيون الوطن يقع في هذه الهفوة الكبيرة تجاه المملكة المغربية الشقيقة التي كانت من أوائل الدول التي ساندت الكويت خلال الغزو العراقي الآثم فما بالنا في قنوات فضائية " دكاكينية" تسيء لعلاقة الكويت مع دول الجوارعبر "مسجات" مسمومه يرسلها جاهل وينشرها جاهل وتتسبب في مجموعها في هدم ما تحققه السياسة الخارجية من إنجازات في ظل عالم متوحش ومتقلب الأمزجة تلعب وسائل الإعلام فيه دورا مؤثرا .
وإذا كانت مثل هذه الإساءات تؤثر على الصورة النمطية للكويت وشعبها في الخارج فإن قيام بعض الإعلاميات الكويتيات بالظهور بمظهر غيرلائق وغير محتشم في الفضائيات العربية يخلق أيضا صورة نمطية سيئة عن الفتيات الكويتيات بحيث يتصور البعض بأن كل فتاة كويتية لعوب وسهلة المنال ما يتسبب بمضايقات سنوية تواجهها الكويتيات في الخارج وهو الأمر الذي كان موضوعا للبحث قبل سنوات في ندوة أقامتها الجمعية الثقافية النسائية في الكويت .
وإساءة برامج كويتية لدول وشعوب عربية ليس بالأمر الجديد فنحن نكاد أن نكون الدولة الوحيدة التي تسيء للآخرين في حين يتحسس شعبها من أي نقد يوجه لها ,وهو أمر مستغرب إذ أن الكويت التي رسمت حدودها بقرار دولي تحتاج أشد ما تحتاج إليه إلى العلاقات الطيبة وخصوصا مع دول الإقليم .
والكل يتذكر أن الفنان داوود حسين كانت له سلسلة برامج في التقليد أساءت لدول عربية شقيقة وساهمت في جعل المواطن الكويتي شخصية غير محبوبه عربيا, وقد نوقشت مثل هذه البرامج برلمانيا إذ إنتقد النائب خالد العدوة في العام 1998 وخلال حديثه مؤيدا لإستجواب وزير الإعلام آنذاك الشيخ سعود الناصر من قبل النواب محمد العليم وفهد الخنه ووليد الطبطبائي سماح الوزارة بإنتاج مثل هذه البرامج التي تسيء للكويت قبل ان تسيء لغيرها .
تلفزيون الوطن إعتذر بحذر من المغرب والشعب المغربي وهو إعتذار نأمل أن يخفف من وطأة هذه الهفوة خصوصا أن تلفزيون الوطن يعتبر من المحطات التلفزيونية الكويتية التي إستطاعت في زمن قصير التربع على عرش الفضاء الكويتي بسبب إعتماده البرامج المحلية منهجا وبسبب إعتماده على الكفاءات الكويتية لا الأجنبية .
ولكن إذا كان تلفزيون الوطن إعتذر للمغرب وشعب المغرب فمن يعتذر للشعب الكويتي من الإساءات التي توجه إلى شرائح عده منه خلال السنوات القليلة وعبر قنوات فضائية عده بعضها غير مرخص وبعضها رغم ترخيصه لا يخضع للقانون الكويتي شئنا أم أبينا .
ومن يعتذر لأسر النواب مسلم البراك ووليد الطبطبائي وفيصل المسلم ومحمد هايف وغيرهم بسبب الحرب القذرة التي تمارس ضدهم بهدف الحط من قدرهم وخلق أزمة إجتماعية لدى أسرهم تدفعهم لمنع الترشح في إنتخابات مجلس الأمة المقبلة وذلك قنوات فضائية أشبه ما تكون" بالفتوات" الذين يظهرون في الأفلام المصرية ومهمتم ضرب البطل بطريقة قذرة وغادرة وذلك لحساب شخصية قد تكون ظاهرة وقد لا تكون .
تلفزيون الوطن ليس ملكا لكاتب مهزوم سليط اللسان ولهذا مطلوب من ملاكه ألا يقحموا خلافاتهم الشخصية والسياسية مع النائب مسلم البراك في سياسة التحرير فالدراما المحلية يجب أن تكون نزيهه وخالية المواقف المسبقة ولا نقول أنه يجب عدم نقد النواب فالنواب شخصيات عامة ويجوز نقدهم ولكن ذلك لا يعني الحط من كراماتهم إرضاء لآخرين فهذا الإسلوب ربما دفع نائب سابق للإنسحاب من الحياة البرلمانية ولكنه وفي الوقت نفسه يخلق للشخصيات التي تدفع بهذا الإتجاه عداوات تتزايد برنامجا بعد الآخر .
من يصدق أن نائبا شجاعا كوليد الطبطبائي عرض نفسه للأخطار من أجل القضية الفلسطينية مرة عبر دخول غزة عبر الأنفاق في مهمة مستحيلة على من ينتقده ومرة أخرى عبر دور بطولي قلما ندر في قافلة الحرية ,من يصدق أن هذا البطل يتعرض للإهانة على يد من هم اقل شأنا وقدرا منه .
صحيح أن البراك والطبطبائي وغيرهم يكسبون مزيدا من الأصوات الإنتخابية بسبب هذه الحملات وذلك أن أهل الكويت لا تنطلي عليهم مثل هذه السخافات ولكن وفي الوقت نفسه لا يجوز أن يستمر هذا الوضع المشين من دون مواجهه حقيقية .
حين سأل الزميل المتألق أحمد الفضلي النائب السابق محمد الصقر عن رأيه في وقف برنامج صوتك وصل كانت للصقر إجابة جميلة مفادها أنه لا يجوز وقف أي برنامج وأن حرية التعبير يجب أن تصان ولكن أيضا كان الصقر متوازنا حينما لفت إنتباه قناة سكوب إلى أن البرنامج إنتقد نوابا وترك آخرين , وهو ما يعني نزع صفة الحيادية التي يجب أن تتحلى بها كل وسيلة إعلامية .
إذن ما هو الحل ؟ وكيف يمكننا كدولة وكمجتمع وقف هذا الإنحدار الرهيب في مستوى وحيادية الإعلام الكويتي ؟
إداريا من المطلوب إطلاق رصاصة الرحمة على وزارة الإعلام عبر إلغاءها وإلغاء منصب وزير الإعلام , وإنشاء هيئة تدير وسائل الإعلام الحكومية .
وتشريعيا مطلوب تغيير قانون المطبوعات وقانون الجزاء بحيث تلغى عقوبات الحبس كافة وفي المقابل يتم رفع الغرامات المالية على أن تقوم وسيلة الإعلام بدفع قيمة الغرامة أولا ثم في حالة الإعتراض تلجأ للقضاء كما يحصل في الولايات المتحدة , وصحيح أن في هذا الأمر نوع من إعطاء هيئة الإعلام المرتقبة سلطات قضائية ولكن التجربة على المدى الطويل ستجعل وسائل الإعلام أكثر حرية في طرح القضايا الحقيقة وفي الوقت نفسه تعمل من دون إثارة النعرات ومن دون الإساءة إلى كرامات الشعوب و الأشخاص .
أما مجتمعيا فمطلوب وجود لجنة مدنية وشعبية مهمتها مراقبة وسائل الإعلام والقيام بنشر تجاوزاتها وهي لجنة سبق لي أن طالبت بإنشاءها ونشرت نظاما أساسيا مقترحا ينظم عملها وهي تحتاج لمتطوعين محايدين .
رب ضارة نافعه , وربما ياتينا الإصلاح من " المغرب" بعد أن كنا نراهن طويلا على أنه سيأتي من الداخل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق