لنفرض جدلا أن أن مجلس الأمة لم يحاسب أي وزير طوال ثلاث سنوات وأعطى الوزراء فرصة للعمل وبعد ذلك تطلب الأمر ونتيجة لتراكمات معينة تقديم إستجواب برلماني لرئيس الوزراء أو لوزير معين .
ولنفرض جدلا أن الحكومة أدركت أن الإستجواب البرلماني سيؤكد المخالفات التي قام بها الوزراء فقررت تقديم إستقالتها لتعود الحكومة نفسها ولكن بتغيير طفيف في وزارات غير معنية بالإستجواب البرلماني الذي تم إسقاطه عبر إستقالة الحكومة .
هذه الفرضية تنتج عنها حتمية مؤكدة مفادها أن الوزراء في هذه الحالة هم من يسقطون النواب ويمنعونهم حتى من إستخدام أدواتهم الدستورية , وأن الرقابة البرلمانية ليست سوى أداة غير فاعلة لا تغير من الواقع شيئا .
هذه الفرضية التي ذكرناها حصلت في الواقع حين إستقالت الحكومة الكويتية السابقة لتتلافى مواجهة الإستجوابات البرلمانية المقدمة لثلاثة من وزراءها ثم عادت بالأوجه الوزارية نفسها تقريبا في حكومة جديدة من دون أدنى إحترام لحق الشعب الكويتي في رقابة السلطة التنفيذية عبر ممثليه من النواب .
الآن تم تقديم إستجواب برلماني لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد , وتم تقديم إستجواب آخر قديم جديد لنائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون التنمية وزير الدولة لشؤون الإسكان الشيخ أحمد الفهد وربما يتقدم نواب آخرين بإستجوابات أخرى .
هناك من النواب والسياسيين من لا قيمة ولا إعتبار لآراءهم للأسف لأنهم يضعون الإستنتاج قبل عناصر المعادلة ,ولأنهم وفي كل الأحوال يقدمون خدمة التغطية النيابية على أخطاء الحكومة ,ولهذا يتطلب الامر الرد فقط على من يثير مسألة عدم دستورية الإستجوابات المقدمة من باب الحرص على الحفاظ على الضوابط الدستورية وليس من باب خلق "ثغرة ديفرسوار" تنفذ منها الحكومة وتهرب من الرقابة الشعبية .
السؤال : هل يحاسب الوزير عن أعمال الوزارة التي سبقته ؟ وهل يجوز تقديم الإستجواب البرلماني بعد الإنتهاء من أداء الوزراء للقسم الدستوري ؟
الوزير مسؤول عن أعمال وزارته وفق نصوص الدستور, ومسؤوليته تمتد لتشمل كل أعمال الوزارة وأعمال الوزارة لا تبدأ فجأة مع كل وزير جديد بل تكون مستمرة , وإذا فرضنا أن هناك إجراءات خاطئة تمت في عهد الوزير السابق فيفترض على الوزير الجديد ووفق النهج المؤسسي أن يتخذ قرارات أولية بشأن هذه الإجراءات الخاطئة خصوصا التي وردت في صحيفة إستجواب سابق .
المحكمة الدستورية في حكمها التفسيري بشأن الإستجوابات البرلمانية بينت بأن الوزير غير مسؤول عن أعمال الوزراء السابقين فيما عدا الآثار التي تستمر في عهده من أعمال سابقة ولم يتخذ بشأنها إجراء ما وهو الحكم الذي جاء ليؤكد أمرا واقعا فالنواب لا يستجوبون الوزراء عن أعمال لا أثر ممتد لها .
أما عن توقيت الإستجواب فالأمر لا يخضع لتوقيت معين وفق مواد الدستور أو مواد اللائحة الداخلية فالوزير مسؤول عن أعمال وزارته منذ لحظة القسم لهذا فالتعامل مع التوقيت سيكون تعاملا سياسيا فإذا كانت الحكومة جديدة بالفعل وأتت بعد إنتخابات برلمانية لا يقوم النواب عادة بإستجواب الوزراء الا بعد مضي فترة معقولة ولكن حين يأتي الوزير نفسه وفي الوزارة نفسها ولديه ملفات عالقة سبق التلويح بالإستجواب عنها فطبيعي جدا إستجواب الوزير في أي توقيت .
مثل هذه الإشكالات تحل عبر قانون ينظم العمل السياسي بصورة جذرية ولا يترك الحياة النيابية في الكويت عرضة للإجتهادات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق