المعارضة المطلقة لصيغ التعاون بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية سواء كانت صيغة إتحادية أو كونفيدرالية تعتبر بمثابة إنتحار سياسي كويتي فالكويت كدولة صغيرة عليها أن تتخذ قرار تاريخي يجنبها التعرض لرياح التغيير الدولية ,وهي الرياح نفسها التي أطاحت بدولة عربستان 1925 على يد شاه إيران رضا خان بهلوي ,وبتواطؤ بريطاني سببه الرغبة البريطانية بنشوء كيان إيراني موحد وقوي قادر على صد المد الشيوعي .
لكن وفي الوقت نفسه لا يمكن قبول أي صيغة للتعاون مع دول مجلس التعاون يمكن أن تمس سيادة الكويت أو تمس الديمقراطية .
إذن بين هذا وذاك يجب أن تتحرك الدبلوماسية الكويتية , وأن تتعامل مع هذا الملف كقضية مصيرية من شأن نجاح الكويت فيها ليس فقط تجنبيها مخاطر التسويات الدولية التي لا تقيم وزنا للدول الصغيرة , بل من شأن النجاح الكويتي في هذا الملف قبر الأفكار التوسعية ضد الكويت في مهدها على إعتبار أن الكيان الخليجي المرتقب سيكون رقما صعبا في المعادلة الدولية نظرا للوزن النوعي لهذه المنطقة نفطيا وجغرافيا .
من يعارض الإتحاد الخليجي لأسباب تتعلق بالتخوف من مصير الأقليات في هذا الإتحاد لا يمكن رفض تخوفاته فهي حق مشروع ومن شأن طرحها للنقاش إثراء عملية الإنتقال السليم لحاله الإتحاد ,ولكن وفي نهاية الأمر كل الشعوب الخليجية ستستفيد من تحول دول الخليج إلى قوة مؤثرة تجنب شعوبها ,كل شعوبها, ويلات الحروب , وتجعلها تحظى بمزيد من الإزدهار الإقتصادي .
صيغ التعاون بين دول مجلس التعاون يفترض أن تبدأ بهيئات الأمن والدفاع , والسياسة الخارجية , ونظرا لأهمية هذه الهيئات يجب أن تكون هناك مشاركة من الهيئات المنتخبة في كل البلدان ليس فقط في مرحلة إتخاذ القرار بل حتى في مرحلة البحث المبدئي .
الإتحاد الأوربي بدأ بمعاهدة تعنى بالفحم ثم إنتقل إلى الشكل الحالي رغم التباينات الكبيرة بين دوله , لهذا علينا كدولة صغرى أن نساهم ومنذ البداية في تحديد ماهية وشكل الإتحاد الخليجي , والغياب أو عدم المشاركة بفعالية في هذه المرحله خطر جدا فقد نقبل مستقبلا بما نتحفط عليه الآن , فنحن تقريبا المستفيد الأكبر فلم يسبق لدولة خليجية أن تعرضت للغزو والإحتلال .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق