تستمر ولمدة خمسة ايام صعبة المفاوضات التي بدأت أمس الثلاثاء في العاصمة النمساوية فيينا بين دول مجلس الأمن ( الولايات المتحدة , بريطانيا , روسيا , فرنسا , بريطانيا ) + ألمانيا من جهة , وإيران من أجل التوصل إلى إتفاق نهائي فيما يتعلق بملف إيران النووي وذلك قبل المهلة النهائية التي حددت لذلك وهي الرابع والعشرين من الشهر الحالي , في ظل إستمرار تغييب دول مجلس التعاون الخليجي عن هذه المفاوضات رغم المطالبات المتعددة منها بأن يكون لها حضور في شأن إقليمي يتعلق بها قبل غيرها .
وفيما يبرز إصرار أميركي على التوصل إلى إتفاق نهائي يحسم هذه مسألة التفاوض مع إيران والتي إمتدت طوال 12 عاما , تتخذ فرنسا موقفا حذرا مما تعتبره مراوغات إيرانية وشبهة إستخدام المفاوضات كغطاء يتيح مزيدا من الوقت للوصول إلى مرحلة إنتاج السلاح النووي ووضع العالم حينها أمام أمر واقع لا يستطيع أحد تغييره إلا بثمن غال .
فرنسا التي تبدو قلقه أيضا من التأثير السلبي لهذا الإتفاق على العلاقات مع دول الخليج العربي حيث ترى أن دولا كالسعودية وقطر أكثر أهمية من الناحية الإقتصادية من إيران , ما يجعلها تحذر شركائها في التفاوض بأن أي برنامج نووي إيراني لا يقيد مسألة التسلح الإيراني النووي بشكل صارم سيثير مخاوف الحكومات السنية في الخليج , وسيقلق الإسرائيليين كونه سيؤدي إلى تنام أكبر للنفوذ الإيراني في المنطقة .
الموقف الفرنسي القلق الذي حاولت أميركا,عبر زيارة لوزير الخارجية جون كيري لفرنسا, بألا يظهر في صورة تصريحات ضاغطة خلال مرحلة التفاوض قد تؤدي بالمفاوضات للفشل , هذا الموقف يتزامن مع يزيد مع ضغوط أخرى تتمثل في التهديد الإسرائيلي الصريح بالقيام بعمل عسكري إستباقي في حال أقتربت إيران من صنع السلاح النووي .
الضغوط على الإدارة الأمريكية لا تكاد تتوقف ومن أقساها الضغوط التي يمارسها الجمهوريون بعد فوزهم الأخير في إنتخابات الكونجرس الأميركي النصفية الأخيرة من أجل عدم التهاون مع إيران, ما يجعل الرئيس باراك أوباما يسعى من أجل التوصل إلى إتفاق نهائي لا يعطي نصرا لإيران , ويجمد وبصورة لا لبس فيها أي سعي إيراني لإمتلاك السلاح النووي .
في مقابل السعي الغربي لعقد إتفاق نهائي مع إيران يبدو أن الإيرانيين يواجهون لحظة الحقيقة كما يقال فتأجيل الوصول لإتفاق نهائي يبدو مناورة خطرة جدا ستوقع إيران , إن لم تنجح هذه المناورة , ليس فقط في حرمانها من المكافأة التي حصلت عليها بعد الإتفاق المبدئي الذي تم توقيعه في 24 نوفمبر 2013 , والتي تمثلت في رفع جزئي للعقوبات الإقتصادية ,بل ستوقعها في حزمة شديدة من العقوبات الإقتصادية والدبلوماسية قد تؤدي إلى ظهور بوادر حرب مقبلة .
الحوار عالي المستوى الذي جمع وزير الخارجية الأميركي جون كيري والمفوضة السامية للشؤون الخارجية في الإتحاد الأوربي كاثرين أشتون مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الأسبوع الماضي في سلطنة عمان تضمن , حسب المصادر, تحذيرا من الولايات المتحدة بأن الوقت لم يعد يسمح بمزيد من التمديد في ظل ظروف المنطقة الصعبة عسكريا وسياسيا , وفي ظل الحاجة إلى إنهاء هذا الملف الذي طال أمده.
فحوى التحذير الأميريكي جعلت الرئيس الإيراني حسن روحاني يؤكد خلال إجتماع مجلس الوزراء الإيراني الأربعاء الماضي بأن على الولايات المتحدة ألا تضع مزيدا من الأعذار لمنع إيران مما أسماه روحاني من حقها المشروع في إستغلال الطاقة النووية بشكل سلمي , وتأكيده بأن إيران قدمت كل ما يلزم من أجل الإلتزام بالإشتراطات الدولية .
دول مجلس التعاون مطالبة بتكثيف حملاتها الدبلوماسية والإعلامية خلال الأيام الخمسة المقبلة من أجل ضمان ألا ينتهي الإتفاق النهائي مع إيران ببنود يقع فيها الضرر أمنيا وبيئيا على دول مجلس التعاون الخليجي كونها الأقرب للمفاعل النووي الإيراني في خورمشهر .
الأيام المقبلة صعبة جدا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق