الثلاثاء، 18 يونيو 2013

سأشارك .... لأصلح





قبل نحو شهر ونصف الشهر في برنامج الكلام الحر وردا على سؤال من الزميل هادي العجمي ما إذا كنت سأصوت أو أترشح في الإنتخابات إن حصنت المحكمة الدستورية مرسوم الصوت الواحد أعلنت أنني سأشارك بالتصويت أما الترشح فربما فالأمر يخضع للظروف حينها .


مرسوم الصوت الواحد الذي قاطعنا الانتخابات الماضية تصويتا بسببه تم تحصينه من المحكمة الدستورية وإذا كان مبدأ رفض تغيير النظام الانتخابي عبر سلطة منفردة هو من جعلنا نقاطع فإن المبدأ نفسه هو من سيجعلنا نشارك للتصدي لتفرد السلطة ولإستغلال كل الأدوات البرلمانية المتاحة لإقرار نظام إنتخابي من شأنه تشكيل برلمان قوي لا تتحكم به الحكومة ومن ذلك الدائرة الانتخابية الواحدة وفق القوائم النسبية . 



لم أشكك شخصيا بمن شارك في إنتخابات الصوت الواحد قبل تحصينه تصويتا وترشيحا طالما كان مقتنعا بالمشاركة الا أنني انتقدت مجلس الصوت الواحد ومرسوم الصوت وشاركت في الجهد الشعبي والمدني لإسقاطهما .



ائتلاف المعارضة إستعجل كثيرا في إتخاذ قراره بمقاطعة إنتخابات الصوت الواحد بعد تحصينه وكان يجب أن ينتظر قليلا ليستمزج آراء القواعد الشعبية الداعمه له إما عبر سلسلة ندوات ينظمها أو عبر رصد هذه الآراء في وسائل التواصل الإجتماعي قبل أن يتخذ قراره.



البرتقالي لن ينقسم وسيبقى موحدا في مسألة التصدي لعبث السلطة بالنظام الإنتخابي  ولكن الأسلوب سيتنوع فهناك من سيتصدى لهذا العبث عبر المقاطعة وهناك من سيتخذ الموقف ذاته عبر المشاركة تصويتا وترشيحا للقيام بذلك من الداخل .



لا نعظم من شأن حكم المحكمة الدستورية فقد خيب آمال كثيرين في مسألة منع السلطة التنفيذية من تغيير النظام الإنتخابي ولكن التدقيق والتمحيص والعرض المسهب لمرسوم الصوت الواحد قبل القول أن شروط الضرورة توفرت فيه يبين أن أي عملية تغيير للنظام الإنتخابي محتمل وبنسبة عالية أن ترفضها المحكمة الدستورية ما لم تكن هناك بالفعل ضرورة فبسط ولاية المحكمة على مراسيم الضرورة سيغل يد السلطة التنفيذية من هكذا عبث مستقبلي منفرد .



من سيشارك من المعارضين قدموا تضحيات عديدة لا تقل عمن سيقاطع ومشاركتهم هي الخيار الأصعب لأنه يتضمن مواجهة مباشرة للخصوم لهذا سيكون مدمرا للحراك الإصلاحي تخوين من سيشارك أو ترهيبه بالحديث عن المقاطعه بشكل مطلق لا يقيم وزنا للأراء الأخرى .


الخميس، 13 يونيو 2013

تركيا في ميدان "تقسيم" : صراع العثمانية والعلمانية


من مظاهرات ميدان تقسيم 2013

ليس هناك حقيقة واحدة يمكن إعتمادها لتفسير ما يحصل في تركيا اليوم فأطراف الأزمة يتحركون وفقا لأسبابهم الخاصة ما يجعل الأمر يحتمل تفاسير متعدده  .

لا توجد أزمة رئيسية واضحة يمكن أن تفسر ما يحصل فأسباب التظاهرات تتعلق بنية  بلدية اسطنبول نزع 16 شجرة من حديقة غازي الملاصقة لميدان تقسيم لكن هذا السبب الذي يتبناه القلة من المتظاهرين ليس سوى الشكل أما المضمون فمختلف وفقا لمصالح التيارات السياسية العلمانية والقومية والتي تشارك بقوة في تأجيج هذه المظاهرات ليس في اسطنبول وحدها إنما في مدن تركية عده لتحاول إثبات وجودها في الشارع التركي بعد خسارتها لأغلبيتها في البرلمان التركي منذ العام  2002 .

برأيي ما يحصل في حقيقته ليس سوى محاولة أخيرة من القوى العلمانية والقريبة منها للحفاظ على تركيا العلمانية في مواجهة زحف تركيا العثمانية وهو الزحف الذي يقوده حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ العام 2002 .

الإنتخابات البرلمانية لم تعد وسيلة مؤثرة في وقف هذا الزحف , والمؤسسات ذات الطابع العلماني تاريخيا كالجيش والمحكمة الدستورية أخذت في التراجع خلال السنوات الأربع الاخيرة بعد التغييرات التي نجحت حكومة حزب العدالة والتنمية في إجراءها بمهارة الجراح الفطن والصبور .

مظاهرات حديقة غازي والتي بدأت كحركة بيئية ثم تطورت لتصبح حركة ذات طابع علماني يرفض إبراز المعالم العثمانية في مدينة إسطنبول وخصوصا قرب ميدان تقسيم تواجه بإصرار من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان على إعادة ترميم الثكنة العسكرية العثمانية مهما كلف الأمر .

أخطاء حزب العدالة والتنمية في هذه الأزمة تمثلت في الإستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة وهو الأمر الذي دفع الحكومة على لسان رئيسها أردوغان لرفض هذا الإفراط وفتح تحقيق لمعرفة المتسبب به .

لكن وفي الوقت نفسه ساهم العنف الذي قام به بعض المتظاهرين وخصوصا من المنتمين لحزب القومية التركية اليساري في تخفيف الضغط عن الحكومة التركية خصوصا بعد إستخدام بعض المتظاهرين للموتولوف وقيامهم بحرق بعض الآليات العسكرية .

تركيا غير مستعدة للعودة لحكم المؤسسات العلمانية ممثلة بالجيش المسيطر على الحكومات المدنية , وبالمحكمة الدستورية التي كانت تبطل القوانين التي تمس الطابع العلماني للجمهورية .

وكذلك تركيا غير مستعدة لحكم الأحزاب العلمانية والقومية التي فشلت فشلا ذريعا في ملفي الإقتصاد والأكراد وهما الملفان اللذان تفوق فيهما حزب العدالة والتنمية إلى حد كبير خلال العقد الأخير .

القول أن حزب العدالة والتنمية حزب إسلامي وهو ما يردده كثير من المحللين والكتاب العرب ينافي الحقيقة والموضوعية فالحزب وإن كان يهتم بالدين ويقدره إلا أنه بالأصل تكون من خليط بين مجموعتين الأولى أتخذت التدين العلماني نهجا سياسيا كانت تنتمي لحزب الرفاه ووريثه حزب الفضيلة منها أردوغان والرئيس التركي الحالي عبدالله جول , ومجموعة أخرى أتخذت العلمانية المتدينة نهجا كان ينتمي بعضها لحزب الوطن الأم الذي كان يقوده رئيس الوزراء والرئيس التركي السابق تورغوت أوزال في حين كان ينتمي بعضها لأحزاب علمانية .

تركيا جسد قلبه متدين وعيونه علمانية وسمعه متنوع وأطرافه متعدده ,ويبقى النزاع الأكبر على اللسان فهناك من يريد العودة إلى اللهجة 'الأتاتوركية' في حين يريد البعض ,الأكثر نفوذا, ألا يكون المظهر الأوربي لتركيا على حساب 'عثمانيتها' .


* لمزيد من الإطلاع  كتاب ' تركيا العثمانية العلمانية وشرف صندوق الإنتخابات'
 تأليف: داهم القحطاني    http://goo.gl/E3rT1  

الأربعاء، 12 يونيو 2013

الدولة الكويتية الرابعة







بدأت الدولة الكويتية الأولى منذ إستقلال الكويتيون بقرارهم عن دولة الخوالد في العام 1752 ,واستمرت إلى حين توقيع حاكم الكويت السابع  الشيخ مبارك الصباح إتفاقية الحماية البريطانية 1899 في حين بدأت الدولة الكويتية الثانية منذ توقيع هذه الإتفاقية إلى حين الإعلان عن إستقلال دولة الكويت في 19 يونيو 1961 حيث بدأت الدولة الكويتية الثالثة والتي استمرت إلى حين تحرير دولة الكويت من الغزو العراقي الغاشم في 26 فبراير 1991 حيث بدأت الدولة الكويتية الرابعة  والتي لا تزال مستمرة إلى الآن .


يوم الأحد المقبل 16 يونيو 2013 سيصدر حكم المحكمة الدستورية بشأن الطعون الإنتخابية المقدمة ضد نتائج إنتخابات مجلس الأمة التي عقدت في ديسمبر 2012 وهو يوم سيشهد إما إستمرارا للدولة الكويتية الرابعة إذا ما أسقطت المحكمة الدستورية مرسوم بقانون 'الصوت الواحد' ورفضت المحكمة الدستورية مبدأ تغيير النظام الإنتخابي بآلية مراسيم القوانين ,  أو سيشهد ذلك اليوم مولد الدولة الكويتية الخامسة إذا ما تم تحصين مرسوم 'الصوت الواحد' وقبول مبدأ قيام الحكومة بتغيير الدوائر الإنتخابية متى شاءت  .


تسمية الدول بالأولى والثانية والثالثة وغير ذلك يعتبر أحد الأساليب المستخدمة في العلوم السياسية لتصنيف الدولة الواحدة وفقا للمتغيرات الكبرى التي تمر بها ومثال على ذلك تسمية الجمهورية الفرنسية الحالية بالجمهورية الخامسة بعد إصدار دستور 1958 لما أحدثه هذا الدستور من تغييرات طالت الجمهورية الفرنسية الرابعة .


المتغير الأهم في الدولة الكويتية الخامسة إن بدأت يوم الأحد المقبل هو تقليص المشاركة الشعبية الفعلية في شؤون الحكم ,ومنع تكوين أي أغلبية معارضة في مجلس الأمة إلى الأبد ,وإستخدام المادة 71 من الدستور لإصدار القوانين ما بين أدوار الإنعقاد وما بين الفصول التشريعية وتحويل مهمة مجلس الأمة من التشريع إلى مجرد التصديق على القوانين .


قد لا يعني ذلك أن الحكومة الحالية ستقوم بكل ذلك ولكن ملامح الدول تحدد وفق الآليات المتاحة , وليس هناك ملمح أكبر للدولة من  تفريغ الديمقراطية من لبها عبر شرعنة  تغيير النظام الإنتخابي بمرسوم قانون يصدر من إرادة منفردة ثم يطبق أولا ويعرض لاحقا على البرلمان الناتج عنه  .


إستمرار الدولة الكويتية الرابعة يقترن بإستمرار الأصوات الأربعة في نظام الدوائر الإنتخابية الخمس ما لم يغير عبر قانون يصدر من مجلس أمة منتخب بقانون إنتخابي وليس بمرسوم قانون إنتخابي .