الاثنين، 15 أبريل 2019

هكذا نواجه فكرة السيطرة الشاملة على مفاصل العمل السياسي | داهم القحطاني



داهم القحطاني 
تتكرر الأزمات والأخطاء في الكويت,وينتج عن تكرارها حالة من عدم استقرار الأوضاع السياسية والإجتماعية , كما ينتج عن ذلك نزيف المال العام للكثير الكثير من أجل توفير الاستقرار النسبي الذي يفترض أن تنعم به دولة صغيرة الحجم , وكثيرة الموارد المالية كالكويت من دون هذه الكلفة الباهظة .
ولكن لماذا تحصل حالة عدم الاستقرار هذه ؟ وهل تحصل بشكل متعمد أم أنها تتم نتيجة ظروف موضوعية يمكن التحكم بها ؟ أم أننا كبلد تجاوزنا نقطة اللاعودة وستستمر معنا حالة عدم الاستقرار بشكل أبدي؟ .
لا أحد ينكر الجهود التي يقوم بها حضرة صاحب الأمير الشيخ صباح الأحمد من أجل أن تكون الكويت بلداً مستقراً ينعم فيه المواطنون بكل الخيرات المتاحة , ويعيش الجميع فيه حالة مستقرة من الأمن والأمان والإطمئنان في إقليم مضطرب مليء بالأحداث المقلقة والحروب .
لكن وفي مقابل تحقيق الكويت نجاحات عدة في سياستها الخارجية بفضل دعم سمو الأمير,وجهود الدبلوماسية الكويتية بدءاً من أصغر موظف ودبلوماسي في وزارة الخارجية وانتهاء بالوزير الشيخ صباح الخالد , نجد أن الوضع الداخلي لا يزال يتراوح بين حالة من الاستقرار النسبي الهش وبين الأزمات العاصفة المتعاقبة والتي جعلت سمو الأمير يتحدث مراراً وبشكل صريح مطالباً الحكومة والبرلمان معاً بتعامل مختلف مع الأوضاع الداخلية يغلب المصلحة العامة , ويضع مصالح البلاد والمواطنين فوق كل اعتبار . 
إنقاذ الكويت من هذا الوضع المضطرب لا يكون فقط عبر تبني مشروعات ضخمة و عملاقة كمشروع مدينة الحرير والجزر فهذه مشاريع لا يمكن أن تنجح في ظل هذا الوضع السياسي غير المستقر.
ولا يكون إنقاذ الكويت عبر تبني فكرة السيطرة الشاملة على مفاصل العمل السياسي  بما في ذلك إقصاء كل صوت معارض .
 ولا يكون إنقاذ الكويت عبر تفكير بعض التجار ببيع كل مرافق الدولة للقطاع الخاص بإسم الخصخصة التي تخفف عن كاهل الدولة بند الأجور في الميزانية العامة فهي دعوة ظاهرها العذاب وباطنها العذاب أيضاً . 
ولا يكون إنقاذ الكويت عبر تبني بعض القوى السياسية والشخصيات السياسية المستقلة لمعارضة لا تعرف غير التصعيد نهجاً , وليس لديها برنامج إصلاح حقيقي , وتفضل دوما استمرار حالة عدم الإستقرار لأن في استمرار هذه الحالة مزيداً من الشعبية , وكسباً لأصوات انتخابية إضافية . 
ذكرنا في مقالات سابقة مصادر الخلل الرئيسية بشكل واضح , ودعونا إلى سياسة جديدة تقوم على اتباع نهج الإصلاح الحقيقي , ووقف حالات التعدي على القانون , وعلى المال العام , ونصحنا بتطبيق الحوكمة بما يجعل للعمل الحكومي , والبرلماني , السياسي , والمجتمعي سياقات واضحة تحكمها القوانين , والأعراف السياسية والمجتمعية من دون أن تتعثر نتيجة للصراع السياسي الحالي والذي أنهك الكويت وشعبها من دون أن نصل إلى نهاية لهذه الأزمات والقلاقل .
مطلوب من الدولة التقدم بمشروع إصلاح سياسي شبيه بما قدمه أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم ومعه القوى الوطنية مجتمعة مطلع ستينيات القرن الماضي , وهو المشروع الذي انتهى بتحول الكويت من إمارة أو مشيخة  إلى دولة حديثة ودستورية يترأسها الأمير ويشغل فيها منصب رئيس الدولة , وتُناطُ السيادة فيها للأمة عبر برلمانها المنتخب ومجتمعها المدني الفاعل وصحافتها الحرة.
لن نعيد ذكر ملامح المشروع الإصلاحي المطلوب فهذه الملامح معروفة جداً لدى الجميع وسبق أن تقدمت بها قوى سياسية , وقوى مجتمعية إصلاحية , ومواطنين أفراد مهتمين بالشأن العام , لكنها وفي المجمل هذا المشروع يُعنى بإصلاح الدستور والقوانين الرئيسية , ويهتم بتشريع قوانين تجعل العمل السياسي منظماً وجاذباً وغير فوضوي , ولا يكون بأي حال مصدراً للكسب المالي .
الخطوة الأولى نحو تحقيق هذا المشروع الإصلاحي يفترض أن تكون عبر تشريع قانون للانتخاب يجعل الكويت كلها دائرة واحدة أو دائرتين انتخابيتين , ويتيح الترشح عبر نظام القوائم النسبية أي أن يتم توزيع المقاعد البرلمانية وفق نسبة الحصول على الأصوات لكل قائمة انتخابية على حده ويجوز للمرشح المستقل أن يكون قائمة لوحده .
وبهذا لا يصل للبرلمان سوى من حظي بثقة الشعب الحقيقية ,وليس كل من يحصل على عدد قليل جداً من الأاصوات الإنتخابية لا يشكل في بعض الأحيان أكثرمن 5 في المئة من مجموع أصوات الدائرة الانتخابية كما هو في الوضع الحالي لقانون الانتخاب .
الإصلاح السياسي مهمة الدولة بالدرجة الأولى أما القوى السياسية والمجتمعية والنشطاء السياسيين فالدور المناط بهم الدفع نحو هذا تحقيق هذا الإصلاح , ورفع حالة الوعي لدى المواطنين من أجل جعل الإصلاح السياسي الجذري هدفاً رئيسياُ لا ننشغل عنه بصغائر الأمور .