الأحد، 30 نوفمبر 2014

أحلام مستغانمي ومثففي الشمع






الصدمة الكبرى في قضية " دعوة أحلام مستغانمي " إلى الكويت لم تكن الدعوة بحد ذاتها ولكن كانت الصدمة من انكشاف النخبة من المثقفين أمام الرأي العام وإذا بهم يتحولون من أدعياء فكر وحضارة وديمقراطية إلى مجرد طغاة " فكر " يستكثرون على المغردين أن يعبروا عن رأيهم المناهض لكاتبة مجدت ذات مقالة بطاغية كصدام حسين .

من يصفون أنفسهم بالطبقة المثقفة لم يناقشوا أسباب الإعتراض على زيارة أحلام مستغانمي للكويت ولم يتفهموا هذه الاسباب بصدر رحب بل اكتفوا بترديد عبارات تقليدية مثل " لا تحاكموا الفكر " و " لماذا تعيشون دوما في الماضي " و" أوقفوا محاكم التفتيش عن الأفكار " .

هي عبارات مطلوبة دوما على أن تطلق في وقتها المناسب بدلا من أن تتحول إلى أصنام تعبد في كل وقت , وبإسمها يتم قمع الرأي الآخر لأنه يعبر عن الجماهير البسيطة وليس عن الطبقة المثقفة التي أجزم أنها تحولت في الكويت إلى طبقة منعزلة عن هموم الناس وتعيش في عالم إفتراضي ويتحول أفرادها إلى مجرد تماثيل لامعة زاهية الألوان لكنها بلا روح .

أحلام مستغانمي كاتبة رواية مبدعة في كتاباتها ولكنها وفي الوقت نفسه تكتب المقالات التي تعبر عن أفكارها وفي مقالة لها كتبتها العام 2007 في مجلة زهرة الخليج الإماراتية مجدت  الطاغية صدام حسين بعد إعدامه عشية عيد الأضحى جاء فيها 





هذه المقالة عادت لتكون جزءا من كتاب " قلوبهم معنا وقنابلهم علينا الذي صدر العام 2009 .

إلى هنا لم يعترض الكويتيون على ما كتبت أحلام مستغانمي  فلا يضر الكويت رأي ظالم أطلقته كاتبة شهيرة مجدت فيه طاغية كصدام حسين غزا الكويت وعذب شعبها وقتل الكثيرين ظلما وعدوانا .

لكن الألم الذي أصاب المواطن الكويتي البسيط ولم يشعر به دهاقنة الثقافة لدينا تمثل في قيام جهة رسمية هي المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدعوة أحلام مستناغمي لتكرم في الكويت من خلال محاضرة بعنوان تجربة مبدع .

هنا الغضبة لم تكن ضد الفكر والرأي بل ضد الإجراء وهي مسألة للأسف لم يدركها سدنة الثقافة هنا أو ربما أدركوها لكنهم لم يريدوا أن يظهروا بموقف من أخطأ ولا عجب فالمثقف العربي ربما يعتبر نفسه نصف آله .

الأمين العام  للمجلس الوطني للثقافة والآداب والفنون علي اليوحة والأمين العام المساعد لقطاع الثقافة والفنون بدر الدويش يتحملان وظيفيا وسياسيا وزر هذه الدعوة المهينة لكل أسير وشهيد  ضحوا بالنفس  من أجل إستمرار الكويت حرة وعزيزة , وليس من أجل كويت يتم فيها دعوة من يمجد صدام حسين قبل أن  يعتذر أو يتراجع . 

أحلام مستغانمي حاولت في لقاء مع جريدة القبس نشر اليوم أن تخفف من أثر الأزمة حين قالت أنها كانت دوما تعتبر صدام حسين طاغية لكنها تهربت من سؤال حول سبب تمجيدها له عبر إستخدام عبارات زئبقية لم تستطع فيها هذه الكاتبة الكبيرة أن تدافع عن فكرة تؤمن بها .

حسنا فعل من أمر شفهيا بإلغاء محاضرة أحلام مستغانمي فمن يحمل الفكر المؤيد للطغاة ويصر عليه لا يستحق أن يكرم في الكويت .

الكويت أنصفت أحلام مستغانمي الكاتبة الروائية فأستقبلت بشكل ودود وتزاحم حولها المعجبون بأدبها , والكويت أيضا أنصفت أحلام مستغانمي كاتبة المقالات حين واجه المغردون فكرتها التي تمجد الطغاة بنقد قاس جعل من هالتها كروائية كبيرة تتلاشى حين حانت لحظة الحقيقة .


 سلطة الرأي العام في الكويت التي إنتقلت من الصحافة المطبوعة إلى النشر الإلكتروني في تويتر وغيره من المواقع أثبتت هذه السلطة أنها القادرة دوما على تصحيح الأوضاع المقلوبة في ظل غياب الطبقة المثقفة التي غرقت في ذاتيتها وأنانيتها وأصبح معظم مفكريها مجرد تماثيل من شمع . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق