ما جاء في لقاء سمو الامير مع رؤساء تحرير الصحف المحلية حول التوجه نحو رفع أسعار الوقود والكهرباء والماء أمر لابد منه بعد إنخفاض أسعار النفط ، والكويتيون يرحبون ببذل أي جهد يجنب الكويت كل هذه المخاطر الإقتصادية .
ولكن وفي الوقت نفسه تبعات الوضع الإقتصادي الحالي لن تستطيع شرائح من الشعب الكويتي تحملها فهي وفي وضعها الحالي لا تكاد تتحمل القدرة على العيش الكريم في ظل إرتفاع الأسعار الجنوني خصوصا في تأجير العقارات وفي سعر العقارات نفسها ما يجعل معظم دخل هذه الشرائح يذهب فقط لتأجير المنزل ولمواجهة المصاريف المعيشية الرئيسية .
هذه الشرائح لا تستطيع مواجهة هذا العبء الإقتصادي في الوضع العادي فما بالك إذا واجهت ظرفا خاصا تمثل في فقدان المعيل أو تعرض رب الأسرة لأي ظرف إقتصادي خانق ، وما بالك أيضا إذا ما تم رفع أسعار الوقود والكهرباء والماء وتم خفض الدعم الحكومي .
نحن هنا نتكلم عن واقع مرير يعانيه مئات الآلاف من الكويتيين الذين لا يستطيعون مواجهة أعباء الحياة رغم الدعم الحكومي بسبب الإرتفاع الفاحش لأسعار العقار شراء وتأجيرا وبسبب غلاء المعيشة الناتج عن جشع بعض التجار وعن عدم قدرة الأجهزة الحكومية على ضبط الأسعار .
وهنا يبرز التحدي الحقيقي أمام الحكومة لكي تترجم توجيهات سمو الأمير بحيث يتم ترشيد الإنفاق من دون أن يمس هذه الشرائح .
والحلول متعددة وسبق طرحها ومنها أن يتم رفع أسعار الوقود والكهرباء والماء على الشركات الكبرى التي تحقق أرباحا طائلة ولا تدفع أي ضرائب فكيف يمكن شمول هذه الشركات بالدعم الحكومي رغم قدرتها على دفع الأسعار الحقيقية للوقود والكهرباء والماء .
وفي المرحلة الثانية يتم الإنتقال لشريحة الوافدين الضخمة والتي تشكل ما نسبته 70% من سكان الكويت فعلى هؤلاء وعبر الشركات التي توظفهم دفع الكلفة الحقيقية للخدمات الحكومية كالوقود والكهرباء والماء وهذا هو التحدي الحقيقي للتخلص من هدر المال العام وللتخلص أيضا من تجارة الإقامة والتي تزدهر في ظل تمتع الوافدين بالدعوم الحكومية .
ويمكن هنا تخفيف أثر ذلك على شريحة الوافدين بالتطبيق التدريجي لسياسة رفع الدعم ، وعبر تطوير وسائل النقل العام لتكون بديلا مناسبا يجنبهم دفع ثمن الوقود غير المدعوم .
ولا شك أن خفض نسبة الوافدين في التركيبة السكانية سيكون تحديا حقيقيا من أجل أن نقلل من كلفة الخدمات التي تقدم لهؤلاء فمن غير المعقول على سبيل المثال أن يصل عدد جالية واحدة إلى نحو 800 ألف نسمة فهو عدد ضخم ويكلف الدولة ملايين الدنانير من الدعم المقدم في أسعار الوقود والكهرباء والماء فضلا عن الخدمات العامة الأخرى .
سمو الأمير طرح الأطر العامة لمواجهة سيناريو إنخفاض أسعار النفط منذ زمن وفي خطب عديدة ولكن الحكومات ومجالس الأمة المتعاقبة لم تكن على مستوى التحديات لهذا حان الوقت لإتخاذ إجراءات صارمة تضمن أن يتم توجيه الدعم الحكومي لمستحقيه من المواطنين الكويتيين بدلا من ضياعه ليكون مجرد عامل من عوامل زيادة أرباح الشركات الكبرى أو كلفة تدفع مجانا لعمالة وافدة يفترض أن يتحمل القطاع الذي تعمل فيه كلفة الخدمات العامة التي تتمتع بها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق