قضية حصول مواطنين كويتيين على جنسيات دول أخرى أو إحتفاظ مواطنين متجنسين بجنسيات دول أخرى قضية تتعلق بمصير أسر ومستقبل مواطنين ولهذا فهي ليست مجالا لأن تكون أداة سياسية أو وسيلة للتنفيس عن زفرات العنصرية أو القبلية .
مرة أخرى مصير آلاف الأشخاص يرتبط بهذه القضية ولهذا لا يجوز أن يسمح لأي شخص لأن يتدخل فيها نظرا لأنها تعتبر قضية سياديه ومعالجتها وفقا للقانون يجب أن تكون بيد الحكومة , أما أي محاولة إستغلالها في الصراع الطبقي أو الطائفي و القبلي فليس ذلك سوى جنون لا تتحمله الكويت .
ولكل هذا كان من سخرية القدر أن يقود أحد عتاة العنصريين الذين خسروا الإنتخابات البرلمانية ولم يحظوا بثقة الشعب لأكثر من مرة حملة منظمة بإسم هذه القضية للإنتقام من خسارته الإنتخابية ومن تعرضه أيضا للضرب على يد أفراد قبيلة معينة بسبب مسه بأعراض وسمعة الناس هكذا بإسم الحرية ,والضرب لاشك تصرف مرفوض منهم في حينه فالقانون يجب أن يسود ولكن الفوضى لا ينتج عنها سوى فوضى .
هذا الموتور الذي يتفاخر البعض , للأسف, باطروحاته ويعتبر لسانه أفضل من الف مقاتل , كما قالت إحدى الكاتبات في مقال الأسبوع الماضي , هذا الموتور بدأ حياته السياسية بمحاولة رشوة الشعب الكويتي عبر إعلان مشبوه تصدى له أهل الكويت في حينها ومنعوه من تلويث الحياة السياسية بفعلته الفاضحة .
وفي تجربته الإنتخابية الثانية إعتدى شفهيا على أعراض النواب المؤيدين لتعديل النظام الإنتخابي ولحملة "نبيها خمسة " بمعلومات شخصية وعائلية تم تسريبها له من متنفذين وكان من أبرز المتضررين منه النائب السابق ناصر الصانع ,والنائبين الحاليين أحمد السعدون وفيصل المسلم , وآخرين , وأيضا كان في هذه المرحلة محل سخط وغضب من أهل الكويت فتم القبض عليه لتنفيذ حكم جنائي فسلمت الكويت من سمومه وأحقاده .
ولكن وحينما ركز هذا الموتور في حملته الإنتخابية الأخيرة على قضية حصول مواطنين كويتيين على جنسيات دول أخرى وحاول حصرها في البدو فقط وجد من يصفق له ويكبر ويهلل ويغفر له ما تأخر من ذنبه وما تقدم , فسبحن الذي جمع العنصريين في ملة واحدة , و وسبحن الذي جعل هؤلاء يقبلون كلمة باطلة أريد فيها باطل فقط لأن العنصرية بلغت فيهم مبلغا لا يمكن معالجته .
التعاطي مع هذه القضية بهذا الزخم وكأنما المسألة تتعلق بخيانة الكويت ليس سوى , وبكل وضوح , محاولة سافرة وآثمة لإقصاء البدو في الكويت , ومحاولة تحجيمهم وإعادتهم إلى زمن الـ " عريب دار " ,ولهذا كان لابد من تسمية الأمور بمسمياتها فأمن الكويت وإستقرارها وبقاءها لا يمكن أن يترك لحفنة من العنصريين الذين يريدون الإستغلال السيء لقضية قانونية بحته تحصل بسبب حداثة الناس بدولة المؤسسات وبسبب التداخل الكبير بين شعوب دول الخليج العربي ودول المنطقة .
هناك من يحاول أن يربط قضية حصول مواطنين على جنسيات دول أخرى بالخيانة الوطنية , ومن يحكم على هؤلاء بعدم الولاء للكويت رغم أن بعض هؤلاء لديهم من الأبناء والإخوة والأمهات من قدم الشهداء والأسرى " يوم حجت حجايجها " , ولهذا كان على وزارة الداخلية أن تطبق القانون الذي يمنع إتهام مواطنين بالخيانة وبعدم الولاء هكذا جهارا نهارا ولكن قاتل الله العنصرية البغيضة التي خلطت الأمور وجعلت الكويت على صفيح ساخن أحس الجميع بسخونته حينما خرج الآلاف في منطقتي " الأندلس " و" والعقيلة " للتعبير عن سخطهم وغضبهم من مؤامرة " فرق تسد " الخبيثة والنتنه .
القانون الكويتي لا يعتبر حصول مواطنين كويتيين على جنسية أخرى بمثابة الخيانة وعدم الولاء وإلا لكان قد وضع عقوبات جنائية على كل من يحصل على جنسيات دول أخرى , بل على العكس قانون الجنسية ذاته يعطي للمتجنس مهلة 3 أشهر لإسقاط جنسيته القديمة أي أن القانون لا يجد ضيرا في وجود جنسيتين لمواطن لثلاثة اشهر.
إذن لماذا يعتبر البعض , وبخبث , أن حصول مواطنين على جنسيات دول أخرى بحد ذاته خيانة للكويت طالما لم يقم هذا المواطن بفعل يتضمن الخيانة الوطنية ؟
هناك فرق بين حصول مواطن كويتي على جنسية دولة أخرى ,وبين إقامة كويتي في بلد آخر , وبين حصول مواطنين أجانب على الجنسية الكويتية وإقامتهم خارج البلاد ولهذا يجب أن تعالج هذه المشاكل بطريقة قانونية متسامحه تتضمن ليس تخيير المواطن في هذا الأمر بل إبلاغه بأن الجنسية الكويتية ستسحب منه إذا لم يسقط الجنسية الأجنبية فورا هذا إذا كان من فئة المواطنين المتجنسين.
أما إذا كان من فئة المواطنين بالتأسيس فيجب ألا تسحب منه الجنسية الكويتية تحت أي ظرف فأي فعل يقوم به أي مواطن لا يمكن أن يسقط مواطنته , فمعاقبته على الفعل الشائن الذي يصدر منه وترى الدولة أن هذا الفعل يسم الأمن الوطني أمر مشروع أما إسقاط مواطنته فأمر مرفوض عالميا وإسلاميا .
ويمكن معالجة هذا الوضع عبر تشريع قانون يعاقب على هذا الأساس المواطن بالتأسيس بمنع بعض المزايا عنه إلى حين إسقاط الجنسية الأجنبية الأخرى التي يحملها أما إلغاء جنسيته فأمر لا يحق لأحد أن يفعله فمواطنة الكويتي تأتي وفق الفطرة ولا يمكن أن تلغيها قوانين أو قرارات .
لنتخيل أن أحد أفراد الأسرة الحاكمة حصل لسبب أو لآخر على جنسية أميركية فهل يعني هذا أنه خائن للكويت وأنه لا يحمل الولاء لبلده ؟ وهل يعني هذا أنه ليس كويتيا , فقط , لأن القانون ينص على ذلك ؟
ولنتخيل أن مواطنا ينتمي لعائلة عاشت في الكويت منذ تاسيسها حصل لسبب قاهر على جنسية خليجية من أجل تسوية مسألة تتعلق بإرث قديم فهل يعني هذا أنه خائن للكويت وأنه لا يحمل ولاء لبلده ؟ وهل يعني هذا أنه ليس كويتيا , فقط لأن القانون ينص على ذلك ؟
ولنتخيل أن مواطنا من أصول قبيلة حصل على جنسية بلد خليجي من أجل تسهيل قضايا تتعلق بتجارة أو إرث فهل يعني هذا أنه خائن للكويت وأنه لا يحمل ولاء لبلده؟ وهل يعني هذا أنه ليس كويتيا . فقط ,لأن القانون ينص على ذلك ؟
إذن في الحالات الثلاث القضية تتعلق بخطأ وليس خطيئة , والمعالجة لا يجب أن تكون بالحكم بالإعدام وكأنما المسألة تتعلق بخيانة البلد.
ولكن ماذا لو حصل أي مواطن على جنسية بلد لا تربطه في الكويت علاقة إستراتيجية وثيقة كما في حالة إيران فهنا يجب دراسة كل حالة على حده فإذا كان السبب كالأسباب في الحالات الثلاث الماضية فيجب أن يكون التعامل مشابها , أما إذا كانت هناك أسبابا تتعلق بأمن الكويت الوطني فهنا يكون التعامل مختلفا .
وفي كل الأحوال يجب "الا نزر وازرة وزر أخرى " عبر تجنيب الأطفال والأولاد والزوجات أي عملية لسحب الجنسية, وأن يقتصر ذلك على ولي الأمر بالطبع غذا لم تفلح معه محاولات إسقاط جنسية الدولة الأخرى .
سحب جنسيات كل المواطنين الذين حصلوا على جنسيات دول خليجية وعربية وأوربية وأميركية أمر يجب أن يرفض وأن يستبدل بمعالجة حكيمة وعبر التفرقة بين من يسكن الكويت من هؤلاء , وبين من يقيم بالفعل خارجها فالمسألة في النهاية ستؤثر على أمور هيكلية من أهمها وأخطرها التركيبة المذهبية في البلد , وفقدان الكويت لآلاف من الخبرات في مجالات عده والذين لا ذنب لهم سوى أن أولياء أمورهم أخطأوا لأسباب معينة .
كما أن دول الإقليم لن تقبل مثلا بترحيل مئة ألف لبلد ومئة ألف أخرى لبلد أخر , ومئة ألف لبلد ثالث أما سحب جنسيات هؤلاء وتركهم في البلاد فيعني تحويل هذه الكويت الوديعة الهادئة إلى براكين متفجرة تضاف إلى البراكين التي تغلي بسبب قضايا البدون و والعمالة السائبة .
لا يوجد من الكويتيين من هو مزدوج الجنسية فالجنسية الكويتية هي الأصل أما الأجنبية فالحصول عليها تم لظروف معينة يمكن معالجتها.
أما من يحمل الجنسية الكويتية من الأجانب فهؤلاء فهؤلاء أيضا ليسوا مزدوجي الجنسية فهم يعيشون خارج الكويت ونسبتهم ضئيلة جدا ويجب التعرف عليهم لمعرفة سبب إقامتهم خارج الكويت قبل تطبيق القانون عليهم فلربما كانوا كويتيين فضلوا العيش خارج الكويت لأسباب تتعلق بهم كما في حالة خالد عبدالعزيز السعدون الذي عاش حياته في البحرين أو كما حالة الكاتب عبداللطيف الدعيج الذي يعيش منذ سنوات في الولايات المتحدة , أو حالة الكاتب صالح الشايجي الذي المهاجر إلى لبنان .
اللهم أحفظ الكويت من كل فتنة ومكروه في ظل حضرة صاحب السمو الامير وفي رعاية من المباديء العظيمة التي تضمنها الدستور الكويتي .
لست اتفق مع توجه وزير الداخلية والذي على ما يبدو قد قرر رفع المايك بعد ان اسقطه الجاهل , ولكني مع ايجاد حل للقضية ولا اقصد لأهميتها بالنسبة للولاء وانما لضرورة اشاعة الانتماء وبأننا زائلون ان زالت الكويت , بدلا من ان يتم التعامل معها بلا احترام كما هو حاصل الان ولو احترقت فالكثير لن يكون مهتما لأن الامر لن يمس مستقبل ابناءه .
ردحذفمع حل القضية ليس بالضرورة من خلال طردهم من المواطنة ولكن من خلال نشر الوعي الوطني ونبذ من يرفض الانتماء للكويت فقط اجتماعيا , لان هناك حالات لايمكن معالجتها كما هو الحال من لديه حق الهجرة سواءا لسبب استثماري او بسبب الولادة او ربما الكفاءة العلمية حتى .