لم يكن عبثا الرهان الذي خاضه صحافيان حول النائب الأسرع في إرسال تصريحه الصحافي على كل شاردة ووارده في مرحلة شهدت تسابقا نيابيا لتسجيل مواقف معينة في الصحافة والقيام بمواقف مغايره في البرلمان.
وهذا الرهان يعبر عن الإسراف الذي يمارسه أعضاء مجلس الأمه في الكويت في مسألة التصريحات الصحافية إلى درجة أن قيام أحد النواب بالتصريح بشكل يومي رغم أنه يتمتع في عطلته الصيفية في ربوع الشام من ادل خلق إنطباع لدى ناخبيه بأنه يواصل العمل اليومي من دون كلل.
والحديث يتعلق بالتصريحات الصحافية المعممه أما التصريحات الصحافية الخاصة فهي التي تخلق للقاريء فرصة الحكم على أداء نائب معين حينما يجد نفسه أمام سؤال صحافي مفصلي .
نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد الصباح وحينما أدلى بتصريح صحافي يعبر فيه عن سياسة الكويت تجاه إيران وتجاه الديون الكويتية على العراق لم يسلم من التصريحات النيابية المضادة والمؤيده رغم أن هؤلاء النواب لم يعلنوا موقفا من هاتين القضيتين في أعمالهم البرلمانية .
والتصريحات الصحافية النيابية أصبحت تشبه إلى حد كبير نعيق البوم فهي لا تصدر في أغلبها إلا بعد حصول الكارثة لتكون تبرئة ذمة وصك غفران أمام الناخبين ولهذا لم يكن غريبا أن يفصل احد النواب في السياسة الخارجية للكويت تجاه إيران في تصريح صحافي رغم انه وفي أعماله البرلمانية لم تتعد إقتراحات دعم أسعار العلف وزيادة رواتب الموظفين وتوسعة أحد شوارع المنطقة التي يتبعها .
والتصريحات النيابية الصحافية تصدر أحيانا من دون إطلاع النائب صاحب التصريح عليها فأحيانا يقوم بها صحافي يعمل مع النائب وأحيانا وهذا مكمن الخطوره يقوم بها صحافي وافد يمرر من خلالها ما يؤيد سياسة بلده الخارجية أما النائب فلا يهمه في الأمر سوى الظهور أمام الناخبين بصورة النائب المتابع لأدق تفاصيل الأمور
حينما تزور بلدان عده عربية كانت اوربية لا تكاد ترا تصريحا صحافيا للبرلمانيين وذلك لأنهم مشغولين في أداء أعمالهم البرلمانية أما التصريحات الصحافية فتترك للناطقين الرسميين بأسماء جهات معينة أو لقادة الأحزاب السياسية ويحصل بين حين وآخر تركيز وكالات الأنباء على إقتراح بقانون تقدم به عضو في مجلس تشريعي ما .
أما في الكويت فالمسألة وصلت إلى حد العبث بصورة ضللت الناخبين عن المواقف الفعلية للنواب ففي إحدى المرات غير نائب في منطقة خارجية من موقفه المؤيد لطرح الثقة بوزير المالية السابق محمود النوري رغم أنه كان أول نائب يصدر تصريحا صحافيا يؤيد فيه طرح الثقة في الوزير نفسه .
الدستور الكويتي واللائحة الداخلية لمجلس الأمة تحدد المهام الرئيسية لعضو مجلس الأمة وتتلخص في حق تقديم الإقتراحات بقوانين والإقتراحات برغبه والأعمال البرلمانية الأخرى المتعلقه بالدور الرقابي ولهذا يتوقع ان ما ينشر عن النواب هو نشر للأعمال البرلمانية التي قاموا بها أما أن يتحولوا إلى معلقين سياسيين لا تفوتهم شاردة أو وارده إلا وعلقوا عليها فذلك دور لم يرد في الدستور واللائحة الداخلية وهو وإن كان حقا لكل مواطن فأنه امر يشغل النواب عن دورهم الأساسي .
الكويت تحتاج برلمانيون قادرون التشريع والرقابة عبر دراسة وتحليل القوانين واللوائح التنفيذية أما ملاحقة الوزراء بالتصريحات الصحافية فهي مهمة الرأي العام ومؤسسات المجتمع المدني فالحكومة تخضع للرقابة والمحاسبة داخل البرلمان من قبل النواب أما في خارج البرلمان فالمهمه مناطة بالرأي العام ومؤسسات المجتمع المدني والنواب أنفسهم يخضعون للمحاسبة والرقابة .
الرهان الذي خاضه الصحافيان توقف في مجلس ٢٠٠٦ بعد خسارة النائبين لرهانهما أمام ناخبين ولكنه عاد ليتواصل في مجلس ٢٠٠٨ بعد نجاحهما مرة اخرى .
بعض النواب في الكويت تحولوا إلى نواب من ....ورق
* نشرت في جريدة الراي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق