حينما عرضت قناة السور ترهات محمد الجويهل كان الوضع في الكويت يحتاج بالفعل إلى لجنة للإنقاذ الوطني فكل المؤشرات آنذاك تفيد بأن البلد يسير نحو فتنة الله وحده يعلم المدى الذي ستبلغه وذلك بسبب شعور القبائل في الكويت بأنها مستهدفة في أعز ما تملك وهو إنتماءها وولاءها للوطن , في ظل صمت حكومي رهيب وتخاذل من قبل وزارات الإعلام والداخلية والمواصلات ,وجهاز أمن الدولة عن ممارسة مسؤولياتهم في التصدي لأي فتنة من شأنها زعزعة النظام الإجتماعي في الكويت, ولهذا كانت الاستجابة العفوية والفورية والضخمة للحضور في تجمعي ومسيرتي "الأندلس " و "العقيلة".
ولهذا وصل الأمر في ذلك الحين إلى حد الدعوة لتقديم ثلاثة إستجوابات دفعة واحدة توجه لسمو رئيس مجلس الوزراء ووزيري الإعلام , والداخلية .
ولكن اليوم وبعد خطاب سمو الأمير غير الإعتيادي في الزمان والمكان والمحتوى , وبعد قيام سموه بالإلتقاء بشيوخ ووجهاء القبائل وبعد تحرك جهاز أمن الدولة وقيامه بالتحقيق مع من سبب هذه الفتنة , وبعد أن قامت وزارة الإعلام بالإجراءات التي يتيحها لها القانون أصبح الوضع مختلفا , فالفتنة بدأت تخبو تدريجيا و والأنفس المشحونة إطمأنت بعد خطاب سمو الأمير والإجراءات اللاحقة .
ولهذا تدعو الحكمة ويدعو الشعور بالمسؤولية الوطنية لجنة الإنقاذ الوطني التي تشكلت خلال تجمع "الأندلس" أن تبادر برفع الحرج عن النواب الذين اقسموا بإستجواب رئيس الوزراء مالم تقم الحكومة بتنفيذ ما جاء في بيان " إنقاذ" من مطالبات وأهمها إقالة وزيري الإعلام , والداخلية , وأن تصدر بيانا تشكر فيه النواب الذين أقسموا على ثباتهم وأن تعلن أنها وإستجابة لما جاء في مضامين خطاب سمو الأمير فقد أعلنت إكتفاءها في هذه المرحلة بما تم من إجراءات على أن تبقي هذا القسم حاضرا إذا تكررت الفتنة مرة أخرى .
القسم الذي أدلى به النواب أمام نحو 10آلاف مواطن غاضب من تقاعس الحكومة في التصدي لمثيري فتنة قناة السور يقابله قسم آخر أدلى به النواب أنفسهم تحت قبة عبدالله السالم أمام الشعب الكويتي باسره ولهذا فالقسم الدستوري يوجب على النواب أن يفرقوا بين وضع مشتعل ومتوتر, وبين وضع أصبح أكثر هدوءا ,أما إذا حاول البعض إستغلال هذا الوضع لتوظيفه في تكتيك سياسي يهدف إلى حل مجلس الأمة إستباقا لقرارات وقوانين قد تتخذها الأغلبية الحكومية الحالية في مجلس الأمة فهذا أمر, وإن كان مشروعا من الناحية السياسية, فإنه ليس له علاقة بفتنة قناة السور وليس له علاقة بمشاعر الغضب التي جمعت الألاف في "الأندلس" و" العقيلة.
هناك من خارج الدائرة البرلمانية من يشعل نار إستجواب وزير الإعلام ووزير النفط لأسباب ليس لها علاقة بفتنة قناة السور ولهذا يجب على النواب الذين أقسموا على تنفيذ بيان " إنقاذ" وعلى أعضاء لجنة إنقاذ أنفسهم إلا يكونوا جزءا من أجندة ليس بأجندتهم , وعليهم ألا يكونوا منفذين لأهداف ليس لها علاقة بالأهداف النبيلة والوطنية والمستحقة التي حركت آلاف المواطنين في تجمعي " الأندلس " و" العقيلة" .
حضرت شخصيا كل التحركات التي نظمت تصديا لفتنة قناة السور وكتبت مقالات عدة في هذا الصدد وكنت في حالة غير مسبوقة من الغضب بسبب التراخي الحكومي في التصدي لهذه الفتنة , ولكني وفي الوقت الحالي اشعر , ومن دون أن أزايد على أحد , بأن خطاب سمو الأمير والإجراءات الحكومية اللاحقة كانت معقولة وكافية في هذه المرحلة, أما من الناحية الإجرائية فمن الممكن أن يتحول التلويح بالإستجواب إلى تشكيل لجنة تحقيق برلمانية تحدد أسباب تراخي الحكومة وتضع نظاما محكما يمنع إستغلال مثيري الفتنة لتراخي الجهات المختصة .
ربما يعتبر البعض هذا المقال تخاذلا وتراجعا ... فليكن ذلك ولكني حتما سأشعر بأن ضميري سيكون أكثر إرتياحا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق