هناك تسميات خاطئة شائعة تتكرر في التصريحات النيابية والوزارية وفي مقالات الكتاب ومن أهمها القول بأن سمو الأمير يرد قانونا ما أقره مجلس الأمه فالتسمية الدستورية الصحيحة وفقا للمادة 66 من الدستور هي ان سمو الأمير يطلب من مجلس الأمة إعادة النظر , وليس يرد , في مشروع القانون , وليس القانون , الذي أقره مجلس الأمة والفرق واضح بين مفردتي رد القانون وطلب اعادة النظر في مشروع القانون فالفرق يبين ان العلاقة بين سمو الأمير بصفته التنفيذية كرئيس الدولة وبين مجلس الامة تتسم بالتكامل لا التنافر والصدام .
ومن هذا المنطلق الدستوري يفترض ان يكون التعامل مع مشروع القانون المتعلق بإسقاط فوائد ديون المواطنين و الذي اقره مجلس الأمة في تاريخ 6 يناير 2010 بأغلبية مريحه تتيح تمريره في دور الإنعقاد المقبل في ظل توقعات مؤكده بأنه لن يحصل على أغلبية الثلثين التي تتيح إعتباره قانونا ملزما في دور الإنعقاد الحالي.
ولهذا على مجلس الوزراء ومجلس الأمة إعادة النظر بالفعل في مشروع القانون هذا ليكون بصيغة وسطى ليست كصيغته النيابية الحالية والتي جعلته يضم مدينين لم يتعرضوا لأي متاعب في السداد , وليس أيضا بصيغته الحكومية الحالية والتي إختصرته في صندوق لا يعالج الضرر البالغ وإنما يكتفي بتلطيف الأجواء فقط .
إعادة النظر في هذا القانون يجب أن تقوم على الأسس الآتية :
- التعجيل بالمعالجة في دور الإنعقاد الحالي من دون تأجيل الموضوع إلى آخر السنة الميلادية فأوضاع المدينين المتضررين لا تتحمل مزيدا من التأخير .
- ضمان شمول القانون للمتضررين وليس فقط المتعثرين فهناك مدينين تحملوا الأمرين من أجل مواصلة السداد بمن في ذلك من ليس لديهم وظيفة .
- ضمان ان يتم تطبيق القانون بأثر رجعي بحيث يشمل كامل الفوائد وليس ما تبقى من فوائد .
- شمول القانون المدينين المتعثرين والمتضررين كافة إلى حين إصدار البنك المركزي للضوابط الجديدة لعمليات الإقتراض والإئتمان .
- ضمان أن لا يتضرر المال العام إلا بالحد الأدنى الممكن .
وتحقيق هذه الأسس يتطلب الآتي :
- إلتزام حكومي بالتعامل مع قضية إسقاط الفوائد على أساس أنها واقع يجب التعامل معه وعدم تجاهله, وعدم التعامل معه بتكتيكات غير مجدية ,والتسليم بأن صندوق المتعثرين كان محاولة لم توصل إلى حل نهائي .
- قبول اعضاء مجلس الأمة وأعضاء اللجنة المالية في المجلس بصيغة معدلة لمشروع القانون في حال إصداره كقانون تخفف من تحميل المال العام أعباء ضخمة ,وتقصر شمول القانون على المتعثرين والمتضررين الذين إقترضوا وتعرضوا لأضرار تغير الفائدة أو تسببت البنوك بتضخم مديوناتهم بسبب عدم تطبيق ضوابط القانون التي تمنع ان تزيد الفائدة عن أصل الدين كما قررت ذلك لاحقا محكمة التمييز في مبدأ قضائي جديد,وتمنع أن تتعدى الأقساط الشهرية نصف الراتب لمن يعمل, وتتشدد في منح القروض من دون تساهل البنوك الجشع الذي جعل بيوتا كثيرة تتحول إلى خراب ودمار .
والبداية الصحيحة تكون عبر موافقة الحكومة على الصيغة الحالية لمشروع القانون ربما بمضي شهر من تاريخ الموافقة على مشروع القانون من دون إصداره فيصدر بالتالي بقوة القانون ويكون ذلك بمثابة تسجيل موقف حكومي مفاده أن هناك رفض حكومي لهذه الصيغة ولكن هذا الرفض لم يصل إلى مرحلة طلب إعادة النظر في مشروع القانون وذلك تمهيدا لتقديم تعديلات على القانون في دور الإنعقاد الحالي تبحث بصورة عاجلة بالاتفاق مع أعضاء مجلس الأمة .
الحلول للمشاكل كافة ليست بالأمر الصعب إذا حسنت النوايا وأدرك الجميع أن " خير الأمور أوسطها " كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن صح هذا الحديث .