مجلس " الكروتة " في طريقه إلى تشريع صيغة متوحشة لعمليات نقل ملكية المرافق العامة الى القطاع الخاص عبر قانون مطعون في دستورية من الوريد الى الوريد .
ومع ذلك فهناك من يتعامل بدم بارد مع هذا الموضوع و يراهن على التزام حكومي بتطبيق القانون كما هو متناسيا أن معظم المشاريع العامة التي تم استثمارها عبر نظام البناء والتشغيل والتسليم (BOT) كمشروع المنطقة الحرة أو عبر نظام المناقصات كإستاد جابر تخللتها عثرات عديدة بسبب عدم قدرة الحكومة مجتمعه على التصدي لقوى النفوذ .
النائب المحترم أحمد السعدون وكما ذكرت في مقال سابق كان أول من تراجع عن الصيغة الأولى لقانون الخصخصة التي أقرتها اللجنة المالية ومجلس الأمة في المداولة الأولى ولهذا قام بتقديم تعديلات عديدة ليحاول تخفيف أثر النقمة الشعبية على القانون, ومع ذلك لم يحدد النائب المحترم أحمد السعدون في تعديلاته اي توصيف محدد للمرفق العام والفرق بينه وبين المشروع العام وترك ذلك التفسير للحكومة التي تتحكم في عمل المجلس الأعلى للتخصيص المزمع إنشائه .
كما أن تعديلات النائب المحترم أحمد السعدون لم تتطرق لبحث بدائل اخرى لبيع المشاريع العامة للقطاع الخاص كطرح هذه المشاريع بنظام البناء والتشغيل والتسليم (BOT).
النائب المحترم أحمد السعدون يركز على أن هذا القانون يعتبر الأفضل في العالم من حيث المميزات للموظفين في المشاريع العامة التي سيتم خصخصتها لكن ربما لا يشير إلى عملية الخصخصة لا تنحصر فقط في حفظ مميزات الموظفين الحاليين بل تمتد إلى عملية حفظ هذه المرافق والمشاريع العامة وعدم نقل ملكيتها إلى مؤسسات تعمل وفق النظام الرأسمالي المتوحش الذي تبحث الآن دول العالم كلها وعلى رأسها الولايات المتحدة عن نظام بديل له يحفظ للشعوب مصادر دخلها بعيدا عن مضاربات استثمارية محمومة .
القضية لن تنتهي عند ضرب الحكومة والأغلبية النيابية بالآراء المعارضة للقانون بعرض الحائط , ولن تنتهي أيضا "بتطنيش " غلاة الخصخصة لرأي الأكاديميين الحقوقيين الذين أبدوا رايا قاطعا يفيد بوجود شبهات دستورية في هذا القانون , فالقانون وحينما يقر سيكون في عهدة سمو الأمير وحينها فقط يكون التوجه لسموه مشروعا وليس كما في حالة لجنة الـ 26 الذين توجهوا لسموه لرفض تشريع القروض حتى قبل مناقشته من قبل أعضاء مجلس الأمة .
فسموه في تلك اللحظة يمارس سلطاته بشكل مباشر بحيث يمكنه طلب اعادة النظر في القانون حينما يرى أن قطاعا واسعا من الشعب الكويتي ومن الأكاديميين المحترمين يتشككون في دستورية هذا القانون ولهذا يجب أن يعمل رافضوا هذا القانون على اعداد سلسلة من المناشدات لسمو الامير من أجل انصاف الشعب الكويتي من كروتة القوانين المهمة والمصيرية بهذه الصورة من دون اعداد بدائل معقولة .
أقول ذلك في حال استطاعت الحكومة تمرير هذا القانون أما اذا رفض مجلس الأمة هذا القانون أو تم تأجيل بحثه فحينها سنشعر أن الأسوأ في هذه المسألة قد مضا وأن مجلس الأمة سيخرج بصيغة متوازنة لهذا القانون لا تتيح أي مجال لنقل ملكية أي مشروع أو مرفق عام أو ثروة طبيعية للقطاع الخاص , وصيغة تبقي للدولة سلطاتها الدستورية في خلق قطاع عام يكون له دور رئيسي في الاقتصاد الكويتي كما هو الحال في القطاع العام في الولايات المتحدة والذي أخذ يتنامى من أجل توسيع أداور الدولة كبديل عن الراسمالية المتوحشة في بعض المواقع التي أصبحت فيها هذه الراسمالية خطرا على حياة الشعب الأميركي ومنها التامين الصحي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق