صباح الجمعة في الكويت صباح كسول فمعظم الناس يأخذون قسطا من الراحه بعد ليلة مليئة بالمتعه والتواصل والبهجه قبل أن ينطلقوا فرادى وجماعات إلى صلاة الجمعة وهم يدعون ضمن ما يدعون "ولا مظلوما الا نصرته " .
صباح هذه الجمعة كسول وقبيح فلا يمكن لأي صباح أن يكون غير ذلك طالما كان هناك إنسان في الكويت رهن الإعتقال بسبب رأي ويحاكم بغير القانون الطبيعي .
محمد عبدالقادر الجاسم المحامي والكاتب الشهير لم يكن ليحصل على هذا التعاطف الدولي والمحلي, الذي سيتحول قريبا جدا لتجمعات ضاغطه, لو تم التحقيق معه وفق قانون المطبوعات والنشر ومن دون إحتجاز حريته, ولكن محاولة إذلاله بإتهامه وفق قانون شرع في الأصل لمحاربة من يشتبه في أنهم خونة وأعداء للدولة أمر يتضمن إشارة رمزية لن يكون مقبول توجيهها لإبن أسرة كويتية طالما كان لها حضور واضح في تاريخ الكويت وإزدهارها وهي أسرة القناعات الكريمة .
الكسولون كثر هذه الأيام وهم يذكرونني بتنابلة السلطان في العهد العثماني القديم والذين إنشغلوا بالثرثرة والتمتع بمباهج الحياة عن خطر النيران القريبة منهم ولهذا إستمعت لنصائح " تنبلية" عديدة حول قضية محمد عبدالقادر الجاسم تحاول الإيحاء بأنه يستحق ما يحصل له لأنه فجر في الخصومة .
وفي الحقيقة لم أبذل جهدا كبيرا في الرد عليهم عبر القول أن الفجور في الخصومة يجب ألا يحصل من الجميع ، والفجور في الخصومة قد تجسده محاولة التهرب من إتخاذ موقف واضح من قضية إعتقال الجاسم عبر محاولة تمييع المواضيع بنية " لعل وعسا أن يطلق سراحه فلا يضطر مفكرين وسياسيين وصحافيين طالما تنطعوا بالدفاع عن الحريات العامة تاريخيا إلى إتخاذ موقف قد يكلفهم جزءا من الكيكة التي تساقط الكثيرين وهم يتدافعون عليها .
أيها الكسولون لا تزعجونا "بمنطقة" الكلام واستحضار التاريخ في غير محل استحضار فالأمم الحية لا تعيش في ظلمات الماضي إلى الأبد وإلا لقلنا أن معظم الصحابة رضوان الله عليهم كانوا قبل أن يجب الإسلام ما قبله مجرد عبدة أصنام ، ولقلنا محليا أن هناك من هم في السلطة من انقلب على الدستور ، ولقلنا الكثير الكثير عن "تنابلة" تاريخهم مليء بالتناقض .
من ليس لديه شجاعة الموقف فليقل خيرا أو ليصمت .
ومن لا يستطيع الخروج عن المسارات التي حددت لكتاباته أو مواقفه فليقل خيرا أو ليصمت .
ومن لا يريد أن يدافع عن حق أي مواطن في أن يقول رأيه من دون أن يعتقل وفق قانون شرع لمن يريد قلب نظام الحكم فليقل خيرا ليصمت .
والصمت هنا لا يمس الديمقراطية ولا يتعرض للحق في إبداء الرأي ولكنه يأتي من باب أخف الضررين فليس من الفروسية أو الرجولة في شيء مناقشة أسباب حريق ما قبل إطفاء النار وقبل إنقاذ الإنسان وحقه في التعبير من ألسنة اللهب .
قبل نحو شهر وفي اتصال مع محمد عبدالقادر الجاسم رفضت الإنضمام الى لجنة كونت للدفاع عنه لأنها شكلت بعد حكم قضائي كيلا تكون هناك شبهة المس بأحكام القضاء وأيضا لأنني أتبنى فكرة تشكيل اللجان للدفاع عن المباديء لا الأشخاص وعرضت فكرة بديلة لم يؤخذ بها .
كما أوضحت للجاسم في ذلك الإتصال أنه وكما أن هناك من يسانده في الدفاع عن حقه في التعبير من دون أن يعتقل الا أن هناك أيضا من يختلفون مع بعض مضامين ما ينشره من آراء ولا يريدون أن تصور مسألة دفاعهم عن حقه في التعبير وكما لو كانت دفاعا عن تلك المضامين .
اليوم المسألة تختلف فمرة أخرى يدفعنا التعامل الخاطيء مع الجاسم إلى الدفاع عن المبدأ لا الشخص مع تسجيل ملاحظة مهمه قلتها للجاسم في ذالك الاتصال الهاتفي وهي أن عليه الا يحرج من يدافعون عن المبدأ بدفعهم تدريجيا للدفاع عن الشخص وهي ملاحظة أيدها الرجل لكنه أوضح أنه لا يقوم بذلك على الإطلاق ولكنه يرى أن الأوضاع وصلت مرحلة من السوء تتطلب المواجهه والوضوح .
محمد عبدالقادر الجاسم رجل مجتهد وله من الأخطاء الكثير وله من الحسنات الكثير ولكنه واضح وغير متلون كما سياسيين وكتاب مقالات ونواب تجدهم ينقلبون من عربة الى أخرى حسب المصلحة ولهذا ليس من الشجاعة تسليط سيف القانون عليه لإذلاله فالرجل ذو قامة عالية ويرتقي مرتقا صعبا على كثيرين .
لتسجل النيابة العامة التي تمثل الدعوى العمومية حسب الدستور موقفا تاريخيا وتطلق سراح الجاسم فورا لتترسخ مباديء القضاء العادل التي لا تجيز محاكمة أي فرد وفقا لقانون لا يتعلق بالإتهامات المنسوبه إليه , وليبقى الصراع بين الأطراف المختلفة في الكويت بعيدا عن هذا الإسلوب الغريب الذي لم يتعوده الكويتيون رغم أنه مر بهم في فترات تاريخية متعاقبه , ولنجعل من الكويت مفخرة تتغنى بحريتها وديمقراطيتها مختلف الدول بدلا من الذهول من مسألة محاكمة كاتب بقانون يتعلق بأمن الدولة على مقالات وكتب نشرت منذ سنوات تنظم التعامل معها قوانين أخرى .
ولمن يقرأ بإسلوب "التيك أوي" ويستمر في غيه وفي طرح أسانيد تم الرد عليها نرجو منه الرجوع إلى مقالة للكاتب أحمد الديين فصل فيها عدم قانونية التحقيق مع الجاسم http://alaan.cc/pagedetails.asp?nid=52298&cid=47.
صدق الصحابي خالد بن الوليد رضي الله عنه والذي تحول من كافر يعبد الأصنام ويشرب الخمر إلى أحد عظماء الأمة والعالم حينما ختم مقولته الشهيرة بالقول " فلا نامت أعين الجبناء".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق