صحيح أن الكاتب والمحامي محمد عبدالقادر محتجز " بمزاجه" ولعدم دفعه الكفالة المالية , إلا أن هذا الإحتجاز برايي لم يكن الجاسمبقدر ما كان لرئيس الوزراء وايضا , وللأسف , للنيابة العامة فالجاسم سجين رأي شاء البعض أم رفض, أما السلطة فقد تورطت في هذه القضية وأصبحت الكلفة أكثر من الناتج, كما أن النيابة العامه عرضت خصومتها الشريفة, المفترضه مع أي خصم, للخدش .
التساؤل يدور حاليا عن سبب تشدد النيابة العامة مع الجاسم في القضية المرفوعه ضده من رئيس الوزراء في الوقت الذي كان النائب العام قد تراجع فيه عن طلب الكفالة المالية في قضايا سابقة وإكتفى بالضمان الشخصي ( قضايا ضد المرحوم سامي المنيس وأحمد ديين و حامد بو يابس ), وكما يقولون إذا عرف السبب بطل العجب .
أظن أن من ينتقد موقف الجاسم بذرائع متعدده ,بخلاف الخاضعين لسيطرة الإعلام الساقط , يبحث عن ذرائع لإنتقاده لا تحرجه مع الآخرين الذين يطرحون سؤالا بسيطا " لماذا يحتجز كاتب ما لمجرد أنه أدلى بآرائه علنا وفي ندوة عامه منشورة في موقع اليوتيوب؟
كما أن بعض هؤلاء المنتقدين للجاسم لا يريدون أن يسجلوا على أنفسهم موقفا مؤيدا لرئيس تحرير سابق لجريدة يملكها الشيخ علي الخليفة وزير النفط السابق والمتهم الخامس في قضية إختلاس شركة ناقلات النفط .
وهكذا يتناسى هؤلاء أن في قضايا الحريات العامة تغيب الشخوص ويبقى المبدأ, فالجاسم كاتب وليس لأحد أن يحتجزه مهما كانت الذرائع وهو حق مكفول لكل صحافي وإعلامي وسياسي فكما أن كلفة العمل العام عالية فإن الشخصيات العامة يجب أيضا أن لا تتعرض لاي إحتجاز لمجرد أنها قالت رأيها .
ولأدلل على أن الموقف المبدئي يسبق الشخوص اذكر قصة بيان أصدرته نقابة الصحافيين والمراسلين والتي كان يرأسها الزميل زايد الزيد وكنت اشغل فيها منصب نائب نقيب الصحافيين والمراسلين حيث أصدرنا بيانا ترفض فيه النقابة قيام النيابة العامة بإحتجاز الصحافي حامد بو يابس لليلة لمجرد انه رفض دفع الكفالة المالية في قضية رأي ,وبالرغم من أن الطرف الآخر في قضية بو يابس كان رئيس تحرير جريدة الرأي العام ( الراي حاليا) الأستاذ جاسم بودي وهي الجريدة التي كان الزيد يكتبها فيه مقالا اسبوعيا وكان كاتب هذه المقالة يعمل فيها محررا للشؤون البرلمانية ,فالمبدأ حتم علينا الوقوف مع بو يابس رغم ان خصمه كان اقرب لنا من الناحية العملية.
والأجمل من كل ذلك أن جريدة الرأي العام كانت الصحيفة الوحيدة التي نشرت البيان , ,وأن جاسم بودي نفسه رحب بمثل هذا الموقف المبدئي .
وفي قصة أخرى أصدرت النقابة بيانا ينتقد فيه الحكم القضائي الإبتدائي بوقف جريدة الوطن عن الصدور لاسبوع بتهمة نشر صور فاضحة للفنانة هيفاء وهبي مع عدي صدام حسين وهي الصور التي ثبت فبركتها على إعتبار أن العقوبة كانت قاسية وإمتدت إلى أناس لم يشاركوا في إقتراف هذا الخطأ ,وقد صدر البيان رغم أن جريدة الوطن كانت تقاطع بيانات النقابة الى درجة انها لم تنشر حتى هذا البيان رغم أنه ينصفها , و رغم أن إنتقاد أحكام القضاء كان أمر غير معهود لم نتردد في القيام به حين وصلنا إلى قناعه مفادها أن إنتقاد الأحكام القضائية , من دون المس أوالاساءة للقضاء, أصدر الحكم أمر مشروع.
عمليا قرار النيابة العامه كانت له كلفة سياسية على رئيس الوزراء فلولا إصرار النيابة العامه على دفع كفالة عالية قدرها الف دينار لما وصل الأمر لأن تطالب منظمة مراقبة حقوق الإنسان بــ " أن يقبل رئيس الوزراء فكرة انتقاده، وألا يلجأ لمواد قمعية في قانون العقوبات لإسكات منتقديه" .
وعمليا تعرضت سمعة الكويت الدولية في مجال حقوق الإنسان للضرر عبر حملة دولية أطلقتها منظمة العفو الدولية وفق إجراء عاجل للمطالبة بإخلاء سبيل الجاسم , وعبر قول منظمة مراقبة حقوق الإنسان أن هذا الإحتجاز " يقوض قطعاً من صورة الكويت كأحد أكثر البلاد حرية في المنطقة'.
لو كان الأمر يتعلق في وزارة الداخلية لكان التحرك الشعبي السلمي لإخلاء سبيل الجاسم بقدر كبير ربما لم يتصوره كثيرون ولكن ولأن الأمر مناط في النيابة العامه فهناك تحرك يراعي عدم المس بالنيابة العامه على أمل أن يدرك النائب العام حقيقة الأمر فيصدر قرارا فوريا بإخلاء سبيل الجاسم بالضمان الشخصي .
حصيلة الاسبوع الأول من إحتجاز الجاسم كان كالآتي :
- تجمع بدعوة من قوى 11-11 في مقر مظلة العمل الكويتي.
- مطالبة شارك فيها نحو مئة مثقف وصحافي والعدد يتزايد تطالب النائب العام بإخلاء سبيل الجاسم .
- بيانات تطالب بإخلاء سبيله أصدرتها :
1) قوى 11- 11 .
2) مظلة العمل الكويتي ( معك).
3) الحركة الدستورية الإسلامية.
4) حزب الأمة .
5) الإتحاد العام لموظفي وعمال الكويت .
6) نقابة وزارة العدل .
7) جمعية المحامين .
8) جمعية الخريجين .
9)بيان من 21 محاميا .
- تصريحات ومواقف من النواب مسلم البراك , وأحمد السعدون , خالد الطاحوس , وفيصل المسلم , ومحمد هايف, وعلي الدقباسي , وحسن جوهر .
- بيان غير معهود في لغته وإجراءاته يصدر بحق الكويت من منظمة مراقبة حقوق الإنسان ,وآخر مماثل من منظمة العفو الدولية .
- مقالات في صحف يومية وفي صحف إلكترونية وفي مواقع وفي منتديات ومدونات داخل الكويت وخارجها تطالب بإخلاء سبيل الجاسم .
أما الاسبوع الثاني فحتما سيشهد تصعيدا في التحركات سياسيا وإعلاميا وميدانيا ودوليا إلا إذا قرر النائب العام أن يصدر قرارا جديدا يضع حدا للجدل الذي يثيره القرار الحالي .
ليفخر كل من ناصر المبدأ وتناسى الخلافات .
ليفخر كل من رفض دفع الكفالة المالية في قضايا الرأي .
ليفخر كل من صنع للأجيال المقبلة سورا يحمي الحريات .
وليبقى في تردده كل من ترك المباديء وحاسب الشخوص .
وليبقى في تردده كل من يعتقد أن الدنيا ستتوقف لمجرد أنه لم يتحرك .
وليبقى في غيه كل من خلط الحابل بالنابل لغرض في نفس يعقوب .
واللهم لا شماته .