زعيم المعارضة النائب الرمز الدكتور أحمد الخطيب يلقي كلمته وفي الأسفل جانب من الحضور
مرة أخرى في التجمع التضامني مع سجين الرأي والضمير محمد عبدالقادر الجاسم أمام ديوان المرحوم محمد البراك في منطقة الأندلس يثبت الشعب الكويتي بأنه يضم من لا يخاف في الحق لومة لائم , وبأن ملح الكويت الحقيقي ليس ما يظهره الإعلام الفاسد الساقط المزيف من أبطال من ورق ورماد بل هم الوطنيين القابضين على حبهم للكويت بقلوبهم وضمائرهم مهما تلون البعض كالحرباء , ومهما باع البعض ضميره بجبن , ومهما حاول البعض أن يبتعد عن المشهد والكل يدرك أنه لم يعد يقدم أو يؤخر في مسيرة العمل الوطني ان غاب وان حضر .
وكم كان منظرا معبرا حضور زعيم المعارضة الذي لا يتلون ولا يبيع مبادئه الرمز الوطني الكبير "مانديلا الكويت" نائب رئيس المجلس التأسيسي الأب المؤسس الدكتور أحمد الخطيب , كم كان مؤثرا في ضمائر الكويتيين الأحرار حضور هذا الرجل المسن المصاب بشبه كسر في الظهر وهو يرتدي حزاما يصبر آلامه التي لا تنقطع دفاعا عن الكويت وحريتها ودستورها في وقت يغيب فيه نواب وسياسيين وكأنما ما يحصل من اضطهاد ومحاولات إذلال للجاسم أمر يحصل في جزر الواق الواق وليس الكويت .
مرة أخرى يرد الكويتيون كيد من أراد اذلال محمد الجاسم في نحره فها هو وهو يتهم بالإساءة إلى الذات الاميرية ومسند الإمارة ظلما وبهتانا يتحول من كاتب مثير للجدل إلى أحد رموز حرية التعبير في الكويت وكأنه وهو السجين يصبح سجانا لاعداء الدستور والحرية من بقايا المنادين بدولة " آمر يا طويل العمر " لا دولة الدستور والعدل والمساواة والكرامة لكل مواطن ومقيم .
مرة أخرى يعطي الكاتب الوطني أحمد الديين درسا وطنيا لكل الكتاب والمثقفين في كيفية التصدي وهو في سن متقدمة لأعداء الحرية عبر قيادته للمسيرة التضامنية التي جالت الطريق الفاصل بين منطقتي الاندلس والفردوس وهو يردد والجماهير الحرة تردد من خلفه العبارات التي ستصل إلى أسماع أعداء الحرية وتقلق منامهم .
مرة أخرى يثبت الدكتور غانم النجار أنه كويتي النكهة والهوى فها هو يدحض بصوت هاديء وواثق حجج المشككين , وها هو وهو المختص في حقوق الإنسان يبين كم خسرت الكويت دوليا جراء هذه الحملة الظالمة على الحريات العامة , وكم ستخسر في حال لم يقف مسلسل إنتهاك الحريات العامة .
مرة أخرى يعري النائب مسلم البراك , ضمير الأمة بحق, المزيفين من النواب ويضع حدا فاصلا بين الحق والباطل , ويكشف كم كان محمد الجاسم عظيما حينما ترافع في المحكمة بعز وشموخ وإباء أمام من أراد ان يحاكمه فكان منظرا لا يتكرر في الكويت فالسجين يحاكم السجان وهو وصف وفق البراك كثيرا في نقله إلى الجماهير التي حضرت التجمع فكانت الحسرة بادية على وجوههم على وطن تذبح حريته , كما كانت الغضبة بادية كذلك لرجل شريف قال كلمة الحق على رؤوس الأشهاد في وقت خرست فيه ألسن كانت تلعلع وتتكسب على حساب آلام الشعب طويلا .
وكم كان مدهشا غياب معلومة مهمة ذكرها البراك كشفت المعين الذي إستسقى منه محمد الجاسم صلابته ووطنيته ومفادها أنه وحين حلت المجالس المختلفة ومنها مجلس المعارف العام 1954 كان العم عبدالقادر الجاسم أحد الرافضين للتعيين من قبل السلطة في مناصب منتخبة شعبيا .
من كان يتردد في الوقوف ضد الظلم الذي يتعرض له الجاسم حين يتهم وهو المواطن الكويتي بأنه يسيء إلى أميره لم يعد يحق له أخلاقيا أن يتذرع بأي مبرر بعد أن اقسم المتحدثين ومنهم النائب مسلم البراك بأنهم لو كان يشكون لحظة واحدة بأن محمد الجاسم أساء إلى مسند الإمارة لوقفوا جميعا ضده .
في هذا التجمع تحدثت في أولى مشاركاتي الخطابية عن أهمية عدم تقديس قرارات النيابة العامة حين توجه الإتهام فهي جهاز قضائي نكن له كل إحترام ولكن من الطبيعي أن نعترض على الإتهامات التي يسوقها كما آلاف الخصوم في المحاكم يوميا فالنيابة العامة الأصل في عملها الخصومة الشريفة ولا يجوز لها على الإطلاق تجاوز ذلك الدور ,ولهذا يحق رفض الإتهامات التي تسوقها بحق الجاسم إلى حين صدور حكم قضائي نهائي .
وضربت مثلا في ذلك على الإتهامات التي ساقتها النيابة العامة في قضية حزب التحرير حين أتهمت بعض المواطنين بتبني أفكار تسعى لهدم الحكم الوراثي في الكويت وهي حالة مشابهة مع الإتهامات الموجهه لمحمد الجاسم ومع ذلك لم يشكك أحد في أي شخص ساند هؤلاء المواطنين الذين يعلنون إنتماءهم لهذا الحزب إلى أن صدر حكم إبتدائي ببراءتهم فذهبوا لبيوتهم ليواصلوا حياتهم العادية قبل أن تحكم محكمة الإستئناف بسجن بعضهم خمس سنوات وهو حكم رفض من محكمة التمييز التي أنصفت هؤلاء المواطنين .
ولهذا رأيت أن مجرد قيام النيابة العامة بإتهام الجاسم لا يعني عدم الوقوف معه ومساندته ورفض الإساءة إليه فهذا الإتهام ليس بحجة قانونية تجعل البعض يتحرج في الدفاع عن الجاسم إلا إذا كانوا "يبون الشارة " كما يقال بالعامية فهنا نقول لهم سحقا لمن تتبدل معاييره في مسائل الحريات العامة .
وذكرت الحضور بأن التعاطف الشعبي والدولي المتزايد الذي يحصل عليه الجاسم يؤكد أنه بالفعل مقولة "رب ضارة نافعه " فإذا كان الدفاع عن حرية شخص واحد كان بهذا الزخم إذن فالتصدي لأي محاولة للحل غير الدستوري ستجد المتصدين لها أضعاف أضعاف من تصدوا لإنتهاك حرية الجاسم , وهو ما يهدم نظرية ترددها بعض قوى الفساد من متنفذين لا يتحملون النظام الدستوري , ومن وسائل اعلامية ضالة ومضله مفادها تحريض وتوقع بأن الكويتيين شعب "ما كاري " وبأنهم لن يتصدون لأي حل غير دستوري .
كنت أول المتحدثين الذين أقسموا فقلت " أقسم بالله العظيم لو كنت أشك لو للحظة بأن محمد الجاسم قد أساء إلى مسند الإمارة لكنت أول الواقفين ضده وإنما جل ما يحصل اقحام للذات الأميرية ومسند الإمارة في صراع سياسي مع الجاسم ".
ولأن المعركة في الأصل معركة رأي عام تقدمت في خطابي بدراسة مكتوبه لإنشاء قناة فضائية محلية تعمل بإستقلالية وتنقل الرأي والرأي الآخر ولا يسيطر عليها تيار سياسي معين , وتتم ملكيتها من قبل عدد كبير من المؤمنين بالحريات العامة وهو الإقتراح الذي وجدت له تفاعلا كبيرا وبشكل اسرع مما توقعت حيث سيعقد لقاء الاسبوع المقبل لترتيب كيفية الإعلان عن هذا المشروع وكيفية إتاحة الفرصة للجميع ليشاركوا في خلق إعلام محايد لا تتم السيطرة عليه من أي جهة ليكون بديلا موازيا للإعلام الحالي الذي تعتمد فيه هوامش الحرية على المصلحة والظرف الآني .
قضية محمد عبدالقادر الجاسم وصلت أمس للعالم العربي بشكل مباشر ومتواصل عبر قيام قناة الجزيرة مباشر و قناة الجاسم بنقل تجمع الأندلس وهو ما يعتبر صفعة في وجوه كل من كان يتوقع أن ردة الفعل الشعبية ستخبوء تدريجا فإذا بها تتزايد وتتحول بعد تأسيس فريق الدفاع عن سجين الراي محمد الجاسم أول من أمس إلى حركة شعبية ممتده ربما تؤسس لتغييرات مهمة عبر قوانين إصلاحية للسلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية من أبرزها قانون إستقلالية القضاء , وقانون من أين لك هذا , وقانون تعديل الدوائر الإنتخابية لتكون دائرة واحدة وفق نظام القوائم , وقانون إنشاء هيئة مستقلة تدير الإنتخابات العامة , وقانون تنظيم الصرف على الحملات الإنتخابية.
شكرا لمحمد عبدالقادر الجاسم فرب رجل إستطاع بموقف شجاع تغيير الكثير الكثير.
* مشاركة الكاتب في المهرجان في موقع اليوتيوب: