بقلم داهم القحطاني
أنه الكويتي البسيط الذي لم يرث الأموال ، ولَم يكوّنها بالحرام ، والذي عاش طوال حياته بكرامة وعزة كما الملايين من المنتمين للطبقة الوسطى في الخليج العربي .
أنه الممثل العبقري الذي استطاع أن يضحك الملايين من العرب لكنه كان ضحك من نوع مختلف فالنكات في مسرحياته السياسية كانت بمثابة صواريخ "وعي - جهل " إذ كانت وعبر الضحك المستنير تضىء الدرب بالوعي فتنتهي الضحكة العميقة بفكرة مذهلة ترفض الجهل والديكتاتورية ، وترفض سلب العقل بخزعبلات عالم " الماورائيات" .
أنه حسينوه هذا الفتى الحالم الذي أراد أن يعمل في التجارة فحملته المغامرة إلى التفكير في نقل إهرامات الجيزة إلى ساحة الصفاة ، رغم غرابة الفكرة ، فقط ليثبت وبتحدي أنه أفضل بكثير من كل من يحتقره من الطبقة المخملية خصوصا مديره الذي رفض أن يزوجه ابنته احتقارا له ، وليثبت لإبنة المدير أنه إبن عاقول الذي لا يمكن أن يُذَّل .
أنه هذا ال " حسينوه" الذي رفض دوما وطوال حياته أن يقبل الخضوع لأعراف المجتمع الطبقي المتعالي فكانت المسرحيات والمسلسلات التي تحمل رفض مئات الآلاف من الكويتيين لهذه الطبقية لكنه رفض حسينوه أتى ناعماً فليس هناك قطع لصلات الود والمحبة فحسينوه في النهاية كان ذلك الكريم الشهم الذي يحمل المحبة للجميع .
أنه شارد بن جمعه ذلك المواطن الكويتي المتصابي الذي يبحث في لندن عن الجمال والفرح في أوربا وعالمها الساحر ، لكنه وأثناء هذا البحث يكشف وبحزن كم هو مخدوع هذا الشعب العربي من المحيط إلى الخليج بنظم حكم تتلاعب فيه بعبثيتها فتتركه ضحية للجهل والجوع والفقر ، ولا تتيح للناس أن تتمتع بحقها الطبيعي في الحرية ، هذه الحرية التي كانت ستحمي هذه الأمة من كل الأعداء بمن فيهم إسرائيل .
لهذا كله كان شارد ورفيقه نهاش يتساءلان وفي ألم وحزن عن سبب عربدة إسرائيل الدائمة في ظل وجود آلاف الدبابات والطائرات العربية النائمة في المطارات .
أنه عبدالحسين عبدالرضا الذي عبر بفنه وعبقريته وإبداعه عن الإنسان العربي أينما كان فكانت رحلة طويلة من الإبداع والمرارة والألم والفرح حمل همها بو عدنان فتعب القلب مرارا ومرارا لكن صاحبه لم يبالي فكان يزيد من الجهد سنة تلو سنة ليكون هذا الفن الإبداعي سلاحا لا يصدأ ولا يهدأ في محاربة الجهل والشمولية .
وفِي نهاية المطاف كان لابد لهذا الجسد المثقل بهموم الأمة أن يستريح ، وأن يودع ، الجسد فقط، هذا العالم الفاني ، أما عبدالحسين عبدالرضا نفسه فهو لم ولن يموت فهذا الإبداع يعيش دوما في الضمائر ، وتتناقله الأجيال ألم يظَّل درب الزلق وما يزال وسيظل دوما مسلسلا خالدا يتلقفه كل جيل جديد وكأنه صُوِّر في هذا الزمن .
يقولون أنه زرع الإبتسامة على الوجوه ، وأقول أنه زرع الوعي في الأذهان فكانت هنا العبقرية التي سيكتشف العالم يوماً كم كانت مؤثرة في أجيال متعددة .
وداعا .... عبدالحسين عبدالرضا