صورة خاصة بالمدونة
القاعة الماسية في فندق الشيراتون مساء الثلاثاء 13 مايو 2009 بالفعل كانت قاعة ماسية ففي حضرة الرمز الوطني العملاق حمد الجوعان كانت كلمات وحكم هذا الرجل تتلألأ كالماس النقي الذي كان وسيظل صلدا لامعا نقيا تماما كقلب وضمير حمد الجوعان .
في ذك المساء التاريخي لم تكن لدي اي قدرة على تحمل التأخير في الحضور فقد لا أجد مكانا أو قد أجد مكانا بعيدا فيفوتني ان اقترب من هذا الرجل المغموس بعشق الكويت فكان حضوري قبل موعد الندوة بساعتين وبالفعل حصلت على موقع أتاح لي متابعة الحدث عن قرب فكان المسافة التي تفصل موقعي عن المنصة الرئيسية مجرد أمتار قليلة .
الحضور يحتشد مع اقتراب الموعد المقرر لبدء الندوة إلى أن إمتلأت القاعة تماما فكان الحصول على مقعد في الصفوف الأمامي حينها أمرا لا يتاح إلا لمحظوظ .
حينها وقبل حضور حمد الجوعان كنت أشعر بأن القاعة كانت مليء بالقلوب المحبة بشغف رغم أن معظم رغم أن من كان في القاعة كانوا من الشباب صغير السن والذين لم يعاصروا جولات صولات حمد الجوعان في السياسة والبرلمان ولا غرابة فهكذا تلهم الرموز الأمم وتبقى حاضرة في القلوب والأذهان .
التصفيق دوى فجأة حين حانت لحظة لقاء القلوب والعيون بفارسها ورمزها فها هو حمد الجوعان يدخل القاعة شامخا مكللا بالفخر والقوة والحب, ورغم أنه كان مقعدا إلا ان قامته كانت كالنخيل الشامخ الذي يعانق الغيم, وهكذا يكون من ترك في تاريخ بلده بصمة لا تمحى ومن ترك لأبنائه إرثا لا يبلى فنعم الرجل ونعم العمل .
التصفيق الحنون يتزايد والصيحات تتعالى مرحبه , والرجل يبتسم بتواضع ويوزع النظرات على الحضور شاكرا هذا الترحيب بعبارة كررها مرارا " جزاكم الله خير " إلى ان إستطاع بحنكة العارف وخبرة الخطيب المفوه أن يجمع شتات هذا الحماس بهدوء الحكيم حين بدأ بدعاء "رب إشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي "
وبعد مقدمة عن ظروف عودته إلى الندوات العامه بعد سنين من المرض سكنت خلالها القاعة والجميع يستمع لرجل تحدى المرض وقهر الآلام وحضر فقط ليصنع شيئا ولو بسيطا يمنع فيه تردي البلد للمزيد من الاخفاقات أدخل الحضور في جو الندوة حينما ألقى نكته يتندر فيها على تزايد حالات قبض أمن الدولة على المواطنين فكانت ضحكات جمعت الفكاهة والسخرية عرف الحضور بعدها أن هذا الخطيب المفوه لا يزال يملك الكثير من القدرة البلاغية وحضور النكته فحمد الجوعان لا يزال كما لو كان بالامس فقط يزلزل قاعة عبدالله السالم بكلمات هادئة تهز أركان الفساد .
من الغياب الطويل الطويل حضر حمد الجوعان ليكون القريب القريب فبدأت الندوة بحكمة لا تزال معانيها العميقة تترد في عقول العارفين حينما قال " انه مريض يتحدث عن مريض ...لكن مرض الجسد أقل إيلاما من مرض البلد "
وتبع هذه المقولة الحكيمة باخرى كانت المدخل الذي جعل الجميع يدرك خلالها ان حمد الجوعان على اطلاع كبير بأحوال البلد حينما قال " كنت قد فكرت في إعداد كلمة شبة مكتوبه ولكن طاف بي طائف بي فقال لي لماذا فأنت مريض ومازلت تعاني من بعض المرض ولكن بلدك مريض وقد يعاني مزيدا من المرض "
الجوعان والذي كان يخطب بوضوح وبلغة فصحى عرض فكرته الرئيسية ومفادها ان هناك ثمة سلطة رابعة غير دستورية أسماها سلطة اصحاب النفوذ لخصها بالقول :
- بعضهم يأتي من الاسرة الحاكمة
- بعضهم يأتي من السلطة الحاكمة
- بعضهم يأتي من اصحاب المصالح والجيوب المنتفخة
- بعضهم يأتى من تيارات وقوى سياسية
-بعضهم موجود في الحكومة وموجود في مجلس الامة
- هي قوة رهيبة منتشرة لها من النفوذ ما لا تملكه اي سلطة دستورية
- لها في كل موقع مدافع او عميل او من لا يدري انه يعمل لها
- تعمل بشكل خفي وتتحكم في مجلس الأمة وفي مجلس الوزراء
ودعا حمد الجوعان بكل إختصار ووضوح إلى جمع القوى الوطنية للقضاء على هذه السلطة وإلا فقد تقضي هي على الشعب والبلد وآمال الابناء .
الندوة كانت بحق كلمات مختصرة إستطاع فيها حمد الجوعان ان يشخص الداء الذي تعانيه الكويت من سنين طويله وبتعابير واضحة ومباشرة حينما قال كلمات حملت من الشجاعه الكثير الكثير إنطلقت من شهيد حي إخترق الرصاص جسده ولكنه لم يمس روحه فكانت العبارة التي ستظل طويلا في أذهان الجميع بمن فيهم السلطة الرابعه غير الدستورية "عصر القوة المسلحة انتهى فنحن في عصر الألفية الثالثة ...في اللحظة التي تنطلق فيها رصاصة لحماية اصحاب المصالح فسيكون هناك ضحايا بل سيكون هناك شهداء ".
رسالة حمد الجوعان كانت واضحة فالديمقراطية مستمره فالرصاصة الاولى التي ستنطلق لحماية اصحاب النفوذ سيقابلها وجود الشهداء فالقوة المسلحة لم تعد كافية لتغيير المعادلة في ظل زمن العولمه ووجود اعلام ينقل الاحداث بلحظة .
ورسالة حمد الجوعان كانت موجهه لمن ينادي بحل المجلس حلا غير دستوريا بالرفض المستغرب من هذه المناداة فالدستور والقوانين المكملة له فيها ما يكفل الخروج من أي أزمة فقط إذا طبقت مواد الدستور وإحترمت دولة المؤسسات ليس فقط بالكلام بل بالتطبيق العملي .
ورسالة حمد الجوعان كانت واضحة فالمعركة ليست فقط ضد الفساد بل ضد من أسماهم بالسلطة الرابعه غير الدستورية ودعوته الواضحة للقضاء عليها قبل ان تقضي هي على البلد .
ورسالة حمد الجوعان كانت واضحة فالشباب الكويتي تقع عليه مسؤولية حماية الدستور والديمقراطية وداهم الى ان يخلقوا من بينهم قادة جدد يتصدون لسلطة اصحاب النفوذ وعليهم عدم انتظار قيام المخضرمين من السياسيين بعمل ما فالواجب الوطني يحتم على الشباب ان يؤدوا هذا الدور.
ورسالة حمد الجوعان واضحة ان الكويت ستبقى جيلا بعد جيلا دولة الحريات والديمقراطية والحضن الوحدة الوطنية مهما حاولت سلطة اصحاب النفوذ تجيير كل ذلك لها .
انتهى حديث حمد الجوعان ولم ينته, فالمعاني التي أراد إيصالها في اقل من ساعتين ستبقى طويلا في الضمائر والأذهان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق