الصورة الأشهر في تاريخ الكويت : لحظة التحول إلى إمارة دستورية
هل المطالبة بتحويل الكويت إلى إمارة دستورية والتي ستبدأ ميدانيا في تظاهرات 16 سبتمبر 2011 ستكون الحل الشافي لكل المعضلات التي تواجهها الدولة في الكويت ؟ أم أن هذه المطالبة ستكون بمثابة قفزة في الهواء قد تؤثر سلبا على التطور الديمقراطي الطبيعي في الكويت؟.
من خلال إستبيان سريع قمت به في حسابي في موقع تويترhttps://twitter.com/#!/Dahem_ حول الموضوع تبين وبكل وضوح أن الرافضين لهذه المطالبة يساوي تقريبا عدد من يدعون إلى الإمارة الدستورية هذا في أوساط مستخدمي الشبكات الإجتماعية والذين تتشكل أغلبيتهم من شريحة الشباب المثقف أو المطلع ,وبالتأكيد عدد الرافضين لهذه المطالبة سيرتفع في الشرائح العمرية الأخرى والتي لا تقبل التغيير بسهولة .
إذن الأمر يتطلب مزيدا من النقاش السياسي والمجتمعي والأكاديمي كي نصل لصيغة تحقق الهدف الأسمى وهو إصلاح الكويت على مختلف الأصعدة من دون كلفة عالية قد تهدد الديمقراطية والإستقرار والأمن .
هذا الإستبيان لا يشكل أي قيمة علمية ولكنه وبالإضافة إلى معلوماتنا العامة حول هذا الموضوع يكشف عن وجود آراء موافقة وآراء معارضة بالقدر نفسه تقريبا .
هل هذا يعني تهميش التحركات السلمية التي ستجرى في يوم 16 سبتمبر أو في فترة أخرى؟ بالطبع لا فأي تصدي أو منع أو تضييق للتحركات السلمية التي يقوم بها شباب 16 سبتمبر سيخلط الأمور وسيمنع الشعب الكويتي من التفكير الهاديء والمنطقي في تحول مهم كهذا التحول ,وسيجعل الأمور تسير لصالح تحقيق هذا لهدف وربما بوتيرة لم يتوقعها المطالبون بتحويل الكويت إلى إمارة دستورية .
هناك فهم مختلف لمعنى مصطلح الإمارة الدستورية فهناك من يرى أن ذلك يعني أن الأسرة الحاكمة يجب أن تملك ولا تحكم كما هو الحال في المملكة المتحدة (بريطانيا) وهو فهم غير دقيق فالمطالبين في الإمارة الدستورية ومن ضمنهم شباب 16 سبتمبر بينوا وفقا لمطالبهم أن المعنى يدور حول تعيين رئيس الوزراء والحكومة من أعضاء مجلس الأمة المنتخبين ولم يتطرق البيان أو المطالبات إلى المس بصلاحيات سمو الأمير وهي صلاحيات تشريعية وتنفيذية محورية .
إذن المطالبة بأن يكون الوضع كما في المملكة المتحدة غير وارد .
هناك من يرى أن الكويت الآن تعتبر إمارة دستورية فالأمير لم يحكم إلا بمبايعة وتصويت في مجلس الأمة ,وكذلك الوضع فيما يتعلق بسمو ولي العهد , كما أن مجلس الأمة له دور محوري ومهم في الحياة السياسية بدليل أن الدستور الكويتي بصيغته الحالية يسمح بإختيار رئيس وزراء من غير الأسرة الحاكمة فوفقا للمادة 56 من الدستور لا يشترط الأمر أن يكون رئيس الوزراء من الأسرة الحاكمة وترك التقدير لسمو الأمير , ورئيس الوزراء الذي يختار من أفراد الأسرة الحاكمة يتم إختياره وفقا لكونه مواطن كويتي وليس لأنه ينتمي للأسرة الحاكمة أو للفرع الحاكم فيها أي ذرية مبارك الصباح .
لهذا يجوز تعيين رئيس الوزراء من غير أفراد الأسرة الحاكمة كما يجوز تعيين رئيس الوزراء من غير ذرية مبارك الصباح من أفراد الأسرة الحاكمة وفقا لنص المادة 56 من الدستور " يعين الأمير رئيس مجلس الوزراء, بعد المشاورات التقليدية،ويعفيه من منصبه، كما يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم بناء على ترشيح رئيس مجلس الوزراء، ويكون تعيين الوزراء من أعضاء مجلس الأمة ومن غيرهم، ولا يزيد عدد الوزراء جميعا على ثلث عدد أعضاء مجلس الأمة ".
هذا النص الذي لم يقيد سمو الأمير في إختيار من يشاء لتولي رئاسة الوزراء يعتبر في حين كتابة نصوص الدستور العام 1962 تطور كبير يؤكد مضامين المادة السادسة من الدستور والتي تنص "نظام الحكم في الكويت ديمقراطي، السيادة فيه للامة مصدر السلطات جميعا، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور" بحيث لم يتم حصر منصب رئاسة الوزراء بأسرة معينة .
إذن نحن أمام أفكار متعدده لإصلاح النظام السياسي في الكويت ولسنا أمام ثورة خفية ,لا سمح الله , كما تروج بعض وسائل الإعلام المملوكة من متنفذين يتضررون بشكل فعلي من أي عملية إصلاح سياسي .
وربما الوضع الحالي يتشابه مع مرحلة ما قبل إصدار الدستور الكويتي حينما أتهمت التيارات الوطنية بأنها تسعى لقلب نظام الحكم ونزع سلطة آل الصباح قبل أن يتبين أن التيارات الوطنية وكما هو الوضع الحالي تريد تعزيز سلطة الأسرة الحاكمة لتكون منسجمة مع الدستور ومن دون أن تطغى المادة الرابعة من الدستور تدريجيا على مضامين المادة السادسة من الدستور .
يتبع غدا ...
هوامش
* المادة 4 من الدستور:
" الكويت امارة وراثية في ذرية المغفور له مبارك الصباح.ويعين ولي العهد خلال سنة على الاكثر من تولية الامير، ويكون تعيينه بأمر اميري بناء على تزكية الامير ومبايعة من مجلس الامة تتم، في جلسة خاصة، بموافقة اغلبية الاعضاء الذين يتألف منهم المجلس.وفي حالة عدم التعيين على النحو السابق يزكي الامير لولاية العهد ثلاثة على الاقل من الذرية المذكورة فيبايع المجلس احدهم وليا للعهد.ويشترط في ولي العهد ان يكون رشيدا عاقلا وابنا شرعيا لابوين مسلمين.وينظم سائر الاحكام الخاصة بتوارث الامارة قانون خاص يصدر في خلال سنة من تاريخ العمل بهذا الدستور، وتكون له صفة دستورية، فلا يجوز تعديله الا بالطريقة المقررة لتعديل الدستور.
* المادة 6 من الدستور:
" نظام الحكم في الكويت ديمقراطي، السيادة فيه للامة مصدر السلطات جميعا، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور"
* المادة 56 من الدستور :
يعين الامير رئيس مجلس الوزراء، بعد المشاورات التقليدية ويعفيه من منصبه. كما يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم بناء على ترشيح رئيس مجلس الوزراء.
ويكون تعيين الوزراء من اعضاء مجلس الامة ومن غيرهم.
ولا يزيد عدد الوزراء جميعا على ثلث عدد اعضاء مجلس الامة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق