ما حصل في قضية المقابلة التي أجرتها جريدة القبس مع وزير التربية ووزير التعليم العالي دكتور بدر العيسى يستحق أن يؤرخ كحدث لافت يبين كيف تقوم بعض الصحف في الكويت بتغيير فحوى تصريحات المسؤولين الرسميين لتعبر عن الإتجاه الفكري للصحيفة نفسها وإن أدى ذلك لإيقاع الحرج بالمسؤول .
وإختصارا للأحداث قبل التفصيل فيها نذكر أن جريدة القبس نقلت عن الوزير العيسى عبارة " التطبيقي مخطوفة من "الإسلاميين" و " القبليين " إلا أن الوزير نفى أن يكون قد قال العبارة وطلب من الجريدة نشر نفيه إلا أن القبس تجاهلت نشر النفي لمدة ستة أيام قبل أن تضطر للقول أن الوزير لم يقل هذه العبارة نصا لكنها كانت تعبر عن مدلول ومضمون حديث الوزير لهذا اعتبرت تصرفها مشروعا .
تبرير جريدة القبس لم تأت به اي جريدة محترمة في الكويت أو خارجها وهو تبرير يتعارض مع أبجديات العمل الصحافي فنسبة أي عبارات في العنوان الرئيسي يجب أن تكون نقلا عن حديث الوزير وعبر معنى مباشر لا معنى محور .
وفيما يلي تفاصيل ما حصل من تصريحات متبادلة بين الوزير العيسى وجريدة القبس .
في عدد الإثنين 13 إبريل 2015 نقلت جريدة القبس عن وزير التربية ووزير التعليم العالي الدكتور بدر العيسى قوله " التطبيقي مخطوفة من "الإسلاميين" و " القبليين".
لكن الوزير العيسى نفى في اليوم نفسه وبشكل قاطع أنه قال هذه العبارة وقال في تصريح للصحافيين نشرته كونا ما نصه "انا لم استخدم عبارة أن التطبيقي مختطفة من الإسلاميين والقبليين بل الصحيفة هي من استخدمته وقد طلبت من الصحيفة التنويه عن ذلك في عدد اليوم".
إلا أن جريدة القبس لم تلتزم بطلب الوزير نشر نفيه للعبارة .
وفي تغطيتها لتصريحات الوزير العيسى خلال سفره إلى ألمانيا في زيارة رسمية تجاهلت تماما نشر نفي الوزير للعبارة التي نسبتها له .
وفي تاريخ 16 إبريل نشرت القبس تصريحات عن ردود الفعل على ما طرحه وزير التربية دكتور بدر العيسى في مقابلته مع "القبس " لكنها لم تنشر نفي الوزير .
بعد ذلك تصاعدت المواقف والبيانات السياسية والشعبية ضد الوزير العيسى والتي إنتقدت قضايا عدة ذكرها الوزير من أهمها عباراته المسيئة للقبائل التي ينفيها الوزير وتمتنع القبس عن نشر نفي الوزير لها ما أضطر القبس إلى نشر نفي الوزير العيسى في تاريخ 19 إبريل حين قالت أن الوزير لم يقل عبارة " التطبيقي مخطوفة من "الإسلاميين" و " القبليين " لكنها عادت لتلحس نفي الوزير حين بررت القبس أن ما قامت به مشروع فمضمون ومدلول تصريح الوزير يؤدي إلى هذا المعنى .
خلاصة التجربة من هذه القضية الآتي:
- ثبت وبكل وضوح أن هناك صحف كويتية تطرح نفسها كصحف وطنية ومهنية لكنها في واقع الحال توظف سياسة التحرير لخدمة الأفكار والإيديولوجيا التي تمثلها هذه الصحف وفي حالتنا هذه كانت القبس من هذه الصحف .
- لا يجوز وفق القانون ولا الأخلاقيات المهنية نسب عبارة لأي شخص ثم التهرب من نشر نفيه أو توضيحه بالسرعة المناسبة وتركه يعاني لوحده من فعل لم يقم به .
- الشجاعة الأدبية تتمثل في تحمل مسؤولية الفعل بشكل مباشر وقطعي من دون الإلتفاف على الحقائق بتبرير الذنب بعذر أقبح منه.
- ما كان على الوزير أن ينتظر تجاهل القبس لنفيه للعبارة مثار الجدل وكان عليه أن يوجه خطاب مباشر لرئيس التحرير يحتج فيه على تأخير نشر النفي ويطلب منه وفق القانون سرعة النشر .
- الصحف في الكويت يجب أن تكون وسيلة لنقل الأخبار وليست وسيلة لتحقيق النفوذ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق