لم تكن المباراة التي جمعت الوزراء والنواب في دورة "النائب السابق جاسم الكندري الرمضانية" أول من أمس بعيده في نتائجها عن الواقع السياسي فالنواب كما هم دائما يستعرضون ويهددون ويهاجمون وفي النهاية الحكومة هي من تفوز و بثلاثة أهداف لم يسجلها أيا من الوزراء مقابل هدفين للنواب .
مباراة الأمس التي غاب الوزير والسياسي الوحيد الذي يشغل منصبا رياضيا الشيخ أحمد الفهد رئيس اللجنة الأولمبية الرياضية الكويتية لم يغب عنها الصراع الرياضي فالنائب مرزوق الغانم والنائب صالح الملا تواجدا وبقوة في ملعب الحكومة وكانا مصدر تهديد حقيقي لمرماها إلا أنهما لم يتمكنا أو ربما لم يبذلا جهدا "خرافيا " لتحقيق الفوز على الحكومة ربما لأن خصومهما الحقيقيين لم يكونا في الملعب وهو ما جعل غياب وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء روضان الروضان عن الملعب يفقد المباراة متعة لا توصف .
التنسيق الذي بدا واضحا بين مرزوق الغانم وخالد الطاحوس لم يتعد منتصف ملعب الحكومة فهما كانا يبدآن هجمة منظمة إلا أنهما كانا يفترقان حين تقترب الكرة من مرمى الحكومة والذي كان يحرسه وزير الأشغال والبلدية فاضل صفر فربما كان لكل منهما طريقة مختلفة في التسجيل فالغانم يريد هدفا سريعا وهادئا لا يثير غضب الفريق الحكومي بينما ربما كان يتمنى الطاحوس لو أن وزير المالية مصطفى الشمالي ترك مدرجات الصالة ولعب ضمن فريق الحكومة كي ينفذ الطاحوس استجوابه الموعود عبر "فنقر" لا يرد ولكن تأتي رياح "الشمالي " بما تشتهي لا سفن "الطاحوس " .
الفريق الحكومي تناسى خلافاته الأخيرة حول تمويل مشاريع التنمية فقام باللعب وفق تكتيك الهجمات المرتدة مستغلا خبرة ومهارة الأمين العام لمجلس الوزراء عبداللطيف الروضان ,والذي وصفه البعض "بجارينشا الكويت " تيمنا بالجناح الطائر البرزيلي جارينشا ,وأمين سر اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية فواز الفضل وهو لاعب سابق في نادي الكويت الرياضي حيث استطاع الاثنان اثبات أن سر حيوية ونشاط الحكومة يكمن في جهازها التنفيذي.
إلا أن اعتماد فريق الحكومة على تكتيكات الروضان أرهقت الأخير وعرضته للإصابة ما جعله يغادر الملعب ويترك الساحة مكشوفه أمام النواب من دون وجود خطة بديلة يتعامل بها الوزراء مع "تهويشات" النواب .
وزير الإعلام ووزير النفط الشيخ أحمد العبدالله ورغم فقدانه لرشاقته واستسلامه ربما لسحر "العيش البسمتي " إلا أنه استطاع رغم كل الظروف المحيطة به أن يتواجد في أماكن جيدة أمام مرمى النواب , وأن يسدد بعض الكرات الخطرة من دون أن تنتهي إلى داخل الهدف ربما لأن حارس مرمى النواب الدكتور وليد الطبطبائي لم يكن ليسمح , وهو المتخصص في قضايا الإعلام ,لأي وزير إعلام باختراق مرماه .
وزير الصحة هلال الساير والذي روج البعض إشاعة مغرضة مفادها أنه وفر لفريق الوزراء وخصوصا "الشياب" منهم منشطات تجعلهم منافسين لنجوم ريال مدريد وبرشلونة معا فقد تشابهت طريقة لعبه مع أدائه الوزاري فالرجل يتواجد في موقعه ويجتهد في منع مرور النواب من منطقته وحين تسنح الفرصة فأنه يحاول التسديد ولكن بهدوء ومن دون أن يضطر إلى أن "يشلع " نائبا معينا .
وزير الكهرباء الدكتور بدر الشريعان توفرت له الحماية الكاملة فكونه يلعب كقلب الدفاع الحكومي كان على هجوم النواب أن يمر أولا في منتصف الملعب ما جعل حماسهم يخف تدريجيا خصوصا أن بعض النواب لا يحبذون الهجوم جهة وزير الكهرباء طالما توفرت جهات أضعف لا تتوفر لها الحماية رغم حسن أدائها .
حارس مرمى فريق الوزراء الدكتور فاضل صفر أستمتع كثيرا بالحماية التي وفرها له دفاع الحكومة وبدا أنه أكثر الوزراء فرحا بعدم قدرة النواب على التنسيق لبدء هجمة منظمة على مرماه فهو سريع التنقل بين الجهتين ويبادر بالتصدي للهجمات ولكنه وحين تقترب الكرة من مرماه يحاول تشتيت الكرة في أي اتجاه إلى أن "يفتر" النواب ويتخلون عن هجمتهم ورغم هذا فقد استطاع النواب تسجيل هدفين سهلين في مرماه .
وفي حين كان النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك مستمتعا بتفوق زملاء المهنة على النواب أنشغل وزير التجارة أحمد الهارون بجانبه بتوثيق وقائع خسارة النواب وإخفاقاتهم عبر جهاز الأي فون ربما ليستخدم مقاطع الفيديو التي ألتقطها في حال تعرض لأي مساءلة سياسية مستقبلا تتعلق بغلاء الأسعار .
النائبة رولا دشتي حرصت على حضور اللقاء بالطبع من على مقاعد المتفرجين وبجوار الوزير السابق فيصل الحجي من دون أن تبدي تشجيعا لطرف معين فلم يكن يعلم الجمهور ما إذا كانت تشجع فريق النواب أو فريق الوزراء أم أنها محسوبة على الفريقين في الوقت نفسه .
النائب السابق محمد الصقر كان نجم فريق النواب فالرجل في" نيو اللوك الجديد" بدأ قائدا حكيما لفريق النواب لا يهاجم إلا حينما يكون مضطرا وحينما تكون فرصة التسجيل مواتية فأنه لا يفوت الفرصة ما جعله يسجل هدفا جميلا من مجهود فردي ,في حين كان بعيدا عن " مداغشات" النواب والوزراء وكان لا يتدخل إلا حينما يختلط الحابل بالنابل فينهي هجمة هنا ويعزز هجمة هنا .
محمد الصقر كان أمس في المباراة وكما هو دائما في مجلس الأمة "ليبرو الفريق " .
أما النائب مرزوق الغانم فكان الدينامو المحرك لفريق النواب فالرجل بحكم سنه الصغير نسبيا استطاع الحفاظ على فريق النواب من التعرض لخسارة ثقيلة كان فريق الوزراء يريد ردها للنواب إنتقاما من خسارة الحكومة العام الماضي 6/1 كما حصل العام الماضي , إلا أنه لم يوفق في التسجيل طوال تنسيقه مع الطاحوس رغم خطورة الهجمات التي كان يشنانها وحين لعب منفردا أستطاع اختراق الدفاع الحكومي وتسجيل هدف جميل .
النائب صالح الملا والذي حرص على التواجد قريبا من مرزوق الغانم كونهما يشكلان ثنائيا خطيرا لم يستطع أن ينهي هجمة واحدة طوال المباراة رغم تهديده المستمر لمرمى الحكومة ربما لأنه وكما هو الواقع البرلماني يريد لتسديدة الأخيرة أن تكون في الزاوية التسعين وإلا فأنه لن يسدد .
الطاحوس بدا مقنعا في أدائه فهو لا يريد أن يبذل جهدا ضائعا في مباراة يغيب عنها اللاعبين الخطرين في الفريق الحكومي ولهذا لم يكن فدائيا ومغامرا في طريقة لعبه بل تعامل بواقعية وترك المجال للغانم والملا ليقدما ما لديهما مع حضوره دائما في آخر المشهد ليزودهما ببعض التمريرات التي تجعلهما يواصلان اللعب من دون خشية أن ينتهيا وحيدين .
أما النائب الدكتور وليد الطبطبائي فقد تألق في حراسة المرمى النيابي ولم يخترقه سوى هدف واحد للساحر الروضان إلا أنه أخطأ كثيرا حينما عهد بحماية مرمى النواب للنائب عبدالرحمن العنجري والذي ترك دفاع النواب فهلت الأهداف الحكومية لتمر على مقربة من يد العنجري الذي بدا أنه ثقيل الحركة وغير قادر على صد هذه الأهداف السهلة ما جعل مرزوق الغانم يتهم العنجري على سبيل المزاح بأنه كان متعاونا مع الحكومة وهو اتهام لم يسلم منه العنجري برلمانيا .
النائب الدكتور علي العمير اتسم لعبه بمحاباة الحكومة وعدم الضغط عليها كثيرا حيث كان يكتفي بلفت انتباه دفاع الحكومة بوجوده عبر هجمات لا تصل إلى المرمى .
الطريف أن وزير الإعلام الشيخ أحمد العبدالله كان يحظى بتعليق خاص من قبل معلق القناة الثالثة حامد كميل فحتى حينما كان الوزير "يبوش " كان كميل يعتبرها لعبة تكتيكة .
في حين سجل محمد الصقر احتجاجا رسميا ظريفا عبر التلفزيون على إشراك النائب السابق جاسم الكندري والذي كان متألقا مع فريق الوزراء ما جعل فريق الحكومة يكسب .
مباراة الأمس لم تكن كما قلنا بعيدة في نتائجها وتفاصيلها عن الواقع السياسي لهذا فريق النواب لعب وفريق الوزراء تلاعب وهكذا هي كرة القدم والسياسه معا فالعبرة في النتيجة وليس في الأداء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق