*صورة من موقع http://www.kuwaittimes.net/ لأخر تشكيلة حكومية
اذا كان طريق رئيس الوزراء الذي سيكلف تشكيل الحكومة الجديدة
مملوءا بالورود حين شكل الحكومات الاربع الاخيرة، فان بيان
الحركة الدستورية الاسلامية الذي صدر أمس في شأن
عدم المشاركة في التشكيلة الحكومية جعل هذا الطريق
مليئا بالاشواك ، ليس فقط لأن ممثل الحركة الدستورية
وزير الكهرباء والماء وزير النفط المهندس محمد العليم
كان من أكثر الوزراء جهدا وتميزا وتصديا «لكارتل»
الشركات المدعومة نيابيا واعلاميا
وليس فقط لأن الحركة الدستورية تعتبر التيار السياسي الوحيد في الكويت
ومنطقة الخليج العربي الذي لديه رؤية واضحة ومحددة
لطبيعة العلاقة بين التيارات السياسية والسلطة التنفيذية
بل لأن هذه الحركة تعتبر أكثر التيارات تضحية
في المشاركة في التشكيلات الحكومية الأخيرة،
رغم أن وجودها خارج الحكومة كان مربحا لها انتخابيا وشعبيا
ما يجعل عدم المشاركة رسالة واضحة للحكم تحمل
مضامين واضحة ومحددة من تيار منفتح تاريخيا على المشاركة
في التشكيلات الحكومية وليس لديه موقف مسبق يرفض
هذه المشاركة وتبعاتها كما في تيارات أخرى.
واذا كان موقف الحركة الدستورية جعل من الحتمي تغيير الطريقة التقليدية
في تشكيل الحكومة في الكويت والا واجهت السلطة أو ما يسميها بعض النواب
بـ «الحكومة الخفية» وضعا سياسيا وبرلمانيا وشعبيا قد يشل قدرتها
على التحكم بمفاصل العمل السياسي الكويتي ان عاجلا أو آجلا،
فان موقف كتلة العمل الشعبي المتكرر في كل تشكيلة حكومية
حد أيضا من قدرة رئيس الوزراء على اختيار شخصيات تتطلبها المرحلة
من ضمنها النائب السابق والعضو في كتلة العمل الشعبي وليد الجري
وهو الموقف الذي ينأى بالكتلة عن أي تشكيلة كي تعمل بحرية
ومن دون مسؤولية سياسية تجاه اصلاح السلطة التنفيذية،
والاكتفاء باختيار المواضيع والقضايا التي تزيد من شعبية نواب الكتلة
دون النظر للمشهد السياسي بصورته العامة ودون تحمل
كلفة سياسية وانتخابية تتحملها التيارات السياسية التي تشارك في التشكيلات الحكومية.
وهكذا وبالاضافة الى مطالبات علنية لبعض النواب بتغيير رئيس الوزراء الحالي
أصبح سيناريو تشكيل الحكومة الكويتية محددا بثلاثة سيناريوهات وفق الآتي:
تشكيلة وزارية تقليدية تتم عبر توزير شخصيات سياسية وقبلية وطائفية لمحاولة
ارضاء الجميع ، وهو سيناريو ثبت فشله في آخر تشكيلتين حكوميتين، فلا رئيس الوزراء
والفريق المحيط به استطاع استغلال الغالبية البرلمانية لصالحه كما في
تداعيات استجوابي النائبين أحمد المليفي ووليد الطبطبائي، ولا ممثلو التيارات السياسية
بمن فيهم العليم وممثل التجمع السلفي وزير التجارة وزير الدولة لشؤون مجلس الامة احمد باقر
ولا ممثل التحالف الاسلامي الدكتور فاضل صفر ولا غيرهم من الوزراء المحسوبين
على تيارات سياسية استطاعوا أن يغيروا من طابع العمل في مجلس الوزراء.
أما السيناريو الثاني فيتمثل في الترحيب بقيام التيارات السياسية والكتل البرلمانية
والشخصيات السياسية بتقديم لائحة أسماء يتم فيها مراعاة حصة الأسرة الحاكمة
وتوزير هذه الاسماء ومنحها صلاحيات تنفيذية واسعة، ومن ذلك
عدم اتخاذ مواقف سياسية دون مناقشتها في مجلس الوزراء.
أما السيناريو الثالث فهو الأكثر عملانية ومن شأنه احداث تغيير جذري
في مسألة التشكيل الوزاري في الكويت ويتمثل في قيام رئيس الوزراء المكلف
باختيار شخصية سياسية أو برلمانية تحظى بالخبرة والكفاءة وتتمتع بالقبول
في مختلف الاوساط وايكال مسألة تقديم أسماء المرشحين للوزارة لها
وجعلها تلعب دورا رئيسيا في العمل الوزاري، يتمثل في تنفيذ الخطط
وبرامج العمل الحكومية والدفاع عنها في البرلمان وتحمل كلفة ذلك،
على أن تلتزم هذه الشخصية الضوابط الدستورية في مسألة تشكيل الوزارة.
أما السيناريو التقليدي البحت والمتمثل في قيام رئيس الوزراء بتشكيل
الحكومة بطريقة تقليدية ومن دون الرجوع للتيارات السياسية والتكتلات البرلمانية
فهو سيناريو غير مطروح على الاطلاق الا اذا كانت هناك رغبة في ادخال البلد
في أزمة سياسية ينتج عنها الانقلاب على الدستور.
* مقال نشر كاملا في جريدة الراي في الرابط الآتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق