السبت، 12 أغسطس 2017

وداعا ..... أيها العبقري




بقلم داهم القحطاني 

أنه الكويتي البسيط الذي لم يرث الأموال ، ولَم يكوّنها بالحرام ،  والذي عاش  طوال حياته بكرامة وعزة  كما الملايين من المنتمين للطبقة الوسطى في الخليج العربي .

أنه الممثل العبقري الذي استطاع أن يضحك الملايين من العرب لكنه كان ضحك من نوع مختلف فالنكات في مسرحياته السياسية كانت بمثابة صواريخ "وعي - جهل " إذ كانت وعبر الضحك المستنير تضىء الدرب بالوعي فتنتهي الضحكة العميقة بفكرة مذهلة ترفض الجهل والديكتاتورية ، وترفض سلب العقل بخزعبلات عالم " الماورائيات" .

أنه حسينوه هذا الفتى الحالم  الذي أراد أن يعمل في التجارة فحملته المغامرة إلى التفكير في نقل إهرامات الجيزة إلى ساحة الصفاة ، رغم غرابة الفكرة ، فقط ليثبت وبتحدي أنه أفضل بكثير من كل من يحتقره من الطبقة المخملية  خصوصا مديره الذي رفض أن يزوجه ابنته احتقارا له  ، وليثبت لإبنة المدير أنه إبن عاقول الذي لا يمكن أن يُذَّل  .

أنه هذا ال " حسينوه" الذي  رفض دوما وطوال حياته أن يقبل الخضوع لأعراف المجتمع الطبقي المتعالي فكانت المسرحيات والمسلسلات التي تحمل رفض مئات الآلاف من الكويتيين لهذه الطبقية لكنه رفض حسينوه أتى ناعماً فليس هناك  قطع لصلات الود والمحبة فحسينوه في النهاية كان ذلك الكريم الشهم الذي يحمل المحبة للجميع . 

أنه شارد بن جمعه ذلك المواطن الكويتي المتصابي الذي يبحث  في لندن عن الجمال والفرح  في أوربا وعالمها الساحر ، لكنه وأثناء هذا البحث يكشف وبحزن كم هو مخدوع هذا الشعب العربي من المحيط إلى الخليج  بنظم حكم تتلاعب فيه بعبثيتها فتتركه ضحية للجهل والجوع والفقر ،  ولا تتيح للناس أن تتمتع بحقها الطبيعي في الحرية ، هذه الحرية  التي كانت ستحمي هذه الأمة من كل الأعداء بمن فيهم إسرائيل .
لهذا كله كان شارد ورفيقه نهاش  يتساءلان وفي ألم وحزن عن سبب عربدة إسرائيل  الدائمة  في ظل وجود آلاف الدبابات  والطائرات العربية النائمة في المطارات   .

أنه عبدالحسين عبدالرضا الذي عبر بفنه وعبقريته وإبداعه عن الإنسان العربي أينما كان فكانت رحلة طويلة من الإبداع والمرارة والألم والفرح حمل همها بو عدنان فتعب القلب مرارا ومرارا لكن صاحبه لم يبالي فكان يزيد من الجهد سنة تلو سنة ليكون هذا الفن الإبداعي سلاحا لا يصدأ ولا يهدأ في محاربة الجهل والشمولية .

وفِي نهاية المطاف كان لابد لهذا الجسد المثقل بهموم الأمة أن يستريح ، وأن يودع ، الجسد فقط، هذا العالم الفاني ، أما عبدالحسين عبدالرضا نفسه فهو لم  ولن يموت فهذا الإبداع يعيش دوما في الضمائر ، وتتناقله الأجيال  ألم يظَّل درب الزلق وما يزال وسيظل دوما مسلسلا خالدا يتلقفه كل  جيل جديد وكأنه صُوِّر في هذا الزمن   . 

يقولون أنه زرع الإبتسامة على الوجوه ، وأقول أنه زرع الوعي في الأذهان فكانت هنا العبقرية التي سيكتشف العالم يوماً كم كانت مؤثرة في أجيال متعددة . 

وداعا .... عبدالحسين عبدالرضا 





الأحد، 6 أغسطس 2017

مغالطات عبدالرحمن الراشد



 داهم القحطاني :  

ينشر الكاتب السعودي عبدالرحمن الراشد هذه الأيام سلسلة من المقالات في جريدة الشرق الأوسط السعودية عن الغزو  العراقي للكويت وعن دور السعودية في تحرير الكويت .
لكنه وللأسف يحاول أن يوظف  دور السعودية في تحرير الكويت في الأزمة الخليجية الحالية ليخلص أن الكويت لم تقم بواجبها الأخلاقي في الوقوف مع السعودية ضد ما يسميه مؤامرات قطر ، ويعيب ، خلال هذا الطرح ،على الكويت دورها المتوازن .

ويتمادى الراشد ، وهو كاتب له حظوة ، فيعتبر في مقالاته أن قطر كان يمكن أن تتراجع عن موقفها الحالي لولا مواقف الكويت وسلطنة عمان الداعمة ، حسب وجهة نظره ،  لقطر  بصورة أو بأخرى ، وبهذا يعتبر الراشد بأن الكويت من أسباب استمرار الموقف العدائي لقطر ضد السعودية  ، وهو إتهام  وإن كان مبنيا على الوهم إلا أنه إتهام  خطير وغير مقبول ويشوه بعمد الموقف الكويتي  . 

لا أحد  ينكر دور ⁧‫السعودية‬⁩ والملك فهد بن عبدالعزيز  رحمه الله في تحرير ⁧‫دولة الكويت فالكويتيين شعبا وحكما وحكومة يقدرون وبوفاء وبشكل مستمر هذا الدور ‬⁩ ولهذا تمت تسمية أكبر 3 طرق سريعة على ثلاثة من ملوك ⁧‫السعودية في سابقة لم تحصل في بلد آخر ‬⁩  ⁦‪.

   عبدالرحمن الراشد والذي يعد قريبا من متخذي القرار في السعودية  يقفز  وللأسف على أحداث تاريخية مهمة من أجل أن يربط بين غزو عسكري وإحتلال لدولة ، وبين أزمة سياسية قابلة للتفاوض.  ⁦‪

 ⁧‫السعودية‬⁩ في غزو ⁧‫الكويت‬⁩ كانت المستهدف الحقيقي من قبل نظام صدام حسين  لهذا كان قرار الملك فهد بن عبدالعزيز  بالتصدي للأطماع العراقية في مهدها ‬⁩ وقبل  تحولها إلى إحتلال لحقول النفط في المنطقة الشرقية . 

 ومن عاصر تلك الفترة يتذكر  جيداً الموقف الأمريكي حينها والذي كان يخشى غزوا عراقيا لحقول النفط السعودية ما جعل الرئيس جورج بوش يطلب من وزير دفاعه ديك تشيني شرح  حقيقة الموقف  للملك فهد بن عبدالعزيز  . 

  وبالفعل وفِي يوم 6 أغسطس 1990 وبعد إجتماع تاريخي جمع الملك فهد بن عبدالعزيز  بوزير الدفاع الأمريكي  ديك تشيني ووفد عسكري أمريكي  رفيع المستوى ، أدرك  الملك فهد رحمه الله بحنكته وبُعد نظره أن صدام حسين يستهدف ⁧‫في أطماعه التوسعية السعودية‬⁩ أيضا ولا تقتصر تحركاته على الكويت لهذا صدر الأمر التاريخي الذي أنقذ السعودية والمنطقة من مخاطر السكوت على الغزو العراقي للكويت .

 نعم كانت هناك خيارات أخرى للسعودية‬⁩ غير استدعاء الأمريكان وتحرير ⁧‫الكويت‬⁩ لكنها خيارات غير مضمونة وتغامر بالأمن الوطني السعودي  لهذا كله يبدو ربط عبدالرحمن الراشد  الأخلاقي  بين دور ⁧‫السعودية‬⁩ في تحرير ⁧‫الكويت‬⁩ وبين موقف الكويت  المتوازن من ⁧‫الأزمة الخليجية‬⁩ ربطا ساذجا لا يليق به ككاتب له حظوة ، 

 والأمر الأهم وأنا  هنا أنبه  وبمحبة  الأخ  عبدالرحمن الراشد  بانه يقوم وبنعومة بتحريض  الشعب السعودي ضد ⁧‫الكويت‬⁩ بتصويرها خطأ بأنها  داعمة للسياسات القطرية .  ⁦‪

 وهذا التحريض ضد ⁧‫الكويت‬⁩ يقوم به الراشد عبر إنتقاء أحداث تاريخية  محددة وعرضها بمعزل عن ظروفها التاريخية ، وتوظيفها بدهاء في ⁧‫الأزمة الخليجية‬⁩ بصورة تشوه الموقف الكويتي . 

 نحن حليف رئيسي للسعودية، ‬⁩والجيش الكويتي يرابط الآن في الحد الجنوبي ولهذا لا يجوز أخلاقيا التشكيك في مواقف الكويت الداعمة دوما لشقيقتها الكبرى السعودية .

 السياسي الحذق لا يهدم منزلا كاملا لأن هناك  جدارا لا يعجبه ⁦‪.