الاثنين، 23 سبتمبر 2013

#الهاشتاق_بين_التأثير_والتدمير






في زمن الصحافة المطبوعة كان العنوان بالخط العريض ,أو كما يقال في لغة الصحافة المانشيت بالبوينت العريض , من أهم الوسائل المؤثرة في الرأي العام لأنه
غالبا ما يوجه الخبر إلى حيث ما تريد الصحيفة توجيه آراء الناس في قضية محددة  .

في الاعلام الجديد الذي يتسيده حاليا من حيث التأثير موقع تويتر ظهر ما يعرف بتأثير الهاشتاق Hashtag  أو ما يسمى بالعربية الوسم أو الإشارة وهو كلمة أو عبارة مترابطة الكلمات يسبقها الزر المربع # بحيث تظهر في التغريدة باللون الأزرق وتتيح ربط ألاف التغريدات في موضوع واحد .

ومن الهاشتاق ظهر مصطلح الهشتقة أي إنتقاد شخصية عامة أو حدث معين بقسوة وقوة وعبر هاشتاق - وسم يجعل المغردين يركزون على نقطة واحدة محددة غالبا ما تكون سلبية .

ويكفي أن يقوم مدون له متابعين كثر بإنشاء هاشتاق ذو عنوان مثير بتدوينة واحدة حتى  يتبعه عشرات فمئات فآلاف المغردين  وأحيانا يشارك الملايين إما بقراءة التدوينات أو بالمشاركة فيها وهي تعتبر للمغردين فرصة لكسب مزيد من المتابعين عبر التواجد في نقاشات تتمحور حول هاشتاق واحد .

وربما بدأت ملامح الهاشتاق وتأثيره حين هاجم المغردين في السعودية بهاشتاق موحد أحد المغردين العاديين الذين أشترى نحو 300 ألف متابع دفعة واحدة فكان في حينها حدثا غير عاديا أما في الكويت فظهر تأثير الهاشتاق المرعب حين أجتهد أكاديمي في تقديم دورة تدريبية عن إستخدام تويتر في بداياته فهوجم في هاشتاق عنيف إستهزاء به .

وظهر تأثير الهاشتاق بوضوح حين ظهر منتصف يوليو 2012 في السعودية  هاشتاق #الراتب_ما_يكفي_الحاجة الذي كان من أكثر الهاشتقات العربية إنتشارا وحصل حينها على عاشر أكثر الهاشتقات إنتشارا في العالم .

قبل أن يتحول إلى حملة شعبية  تطالب بزيادة الرواتب تحمل أسم الهاشتاق نفسه فكان بمثابة برلمان مفتوح في بلد لا يوجد فيه برلمان فظهرت حالة غير مسبوقة من النقاش العميق المتنوع تدخل فيه لاحقا وبشكل غير مسبوق أمين عام مجلس الوزراء السعودي عبدالرحمن السدحان وبتصريح صحافي ينتقد فيه الهاشتاق بشكل  مباشر ويعتبره فتنة . 

إذن الهاشتاق تحول إلى حالة من الرعب في بداياته بحيث كان البعض يهدد الآخرين بالقول " الظاهر تبوني أهشتقكم " .

وكما تأثير المانشيت بالبوينت العريض في الصحافة المطبوعة أدرك عدد من المغردين أن الغلبة في تويتر لن تكون لإعادة بث تغريدة معينة لأنها مجرد تكرار لمعنى بل ستكون الغلبة لمن يقود الهاشتقات الأكثر تأثيرا .

فبدأت جملة من الهاشتاقات المتنوعة والتي ظهرت لاحقا حسابات معينة تعلن عنها .

وأختلط الحابل بالنابل فظهرت الهاشتقات السيئة التي تنتقد بمهنية شخصيات وهيئات معينة كما ظهرت هاشتقات ظالمة توجه الأحداث إلى زوايا يحددها من يطلق هذه الهاشتاقات فقط  وأنتشرت كذلك هاشتاقات لامست الواقع وقادت إلى حوارات مباشرة وموضوعية تسمي الاشياء بمسمياتها بعيدا عن قيود الإعلام التقليدي .

 وبين هذا وذاك ظهرت أنواع أخرى من الهاشتقات تتضمن النصائح الدينية وذكريات الماضي وبالطبع أنتشرت هاشتاقات تركز فقط على الضحك ,والسخرية .

وفي الكويت لعبت الهاشتقات دورا مهما في الأزمة السياسية الأخيرة حيث تنافست هاشتاقات محددة في الإنتشار كل منها يعبر عن وجهة نظر محددة تجاورت أحيانا في تغريدة واحدة .

ومن هذه الهاشتاقات ( #الشعب_صاحب_السيادة ) الذي إستخدمته المعارضة الكويتية بقوة للترويج لأفكارها في أستخدمه في الوقت نفسه خصوم المعارضة لمواجهة أفكار المعارضة في أرضها أو إن صح التعبير في هاشتاقها .

 في حين أنتشر هاشتاق (#سأشارك) بين الموالين للسلطة في الكويت كدلالة على المشاركة في الإنتخابات البرلمانية التي قاطعتها المعارضة بسبب تغيير النظام الإنتخابي من الإقتراع بأربعة أصوات إلى الإقتراع بصوت واحد .

ولكن كيف يمكن التعامل مع الأساليب المؤثرة في الإعلام الجديد لجعلها مفيدة وإيجابية للمجتمع ؟ ومن يفترض أن يتولى هذه المهمة ؟

نكمل غدا 

الثلاثاء، 17 سبتمبر 2013

ماذا لو أهملت الحكومة مشكلة غلاء الأسعار إستنادا على تأخرها بإستطلاع مجلس الأمة ؟


* الاستطلاع غير علمي ومزج أولويات كلها ملحة وغير متعارضة
* لاستطلاع كان عبارة عن سؤال واحد فقط وباقي الأسئلة تتعلق بالبيانات
*هناك أوليات لا دلالة محددة لها كأولوية المطالب السياسية
*الاستطلاع شوه أولويات ملحة وهمشها بسبب سوء التصميم كالبطالة وغلاء الاسعار



 الاستطلاع الذي تم وفق قرار لمكتب مجلس الأمة بعنوان ' أولويات المواطن الكويتي ' وأعلنت نتائجه أمس أثار بعض الجدل فهناك من أعتبره خطوة جيدة وعلمية, وهناك من أعتبره مضيعة للوقت والمال العام على اعتبار أن أولويات المواطن الكويتي معروفة سلفا ويجب ألا تغيب عن أعضاء مجلس الأمة وألا تحتاج إلى إجراء أي استطلاع .

بعد الاطلاع على نسخة كاملة من الاستطلاع نشرت في موقع مجلس الامة في الانترنت :
http://www.kna.kw/info/kna111.pdf

استطلاع أولويات المواطن الكويتي

رصدت الملاحظات الآتية :

-  الاستطلاع قامت به الأمانة العامة لمجلس الأمة بالتعاون مع ثلاث شركات خاصة ( شركة أبسوس الكلفة 4 آلاف دينار  , مركز الآراء الخليجية لاستطلاع الرأي والإحصاء الكلفة 4,400 دينار , شركة أنظمة صلاح الجاسم الكلفة مجانا) .

-  الاستطلاع أعلن من قبل رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم وأمين سر مجلس الامة يعقوب الصانع بالرغم من أنه استطلاع فني وجرت العادة أن يصدر وفق تقرير أو عبر الأمين العام لمجلس الأمة.

- لم يكشف في التقرير التفصيلي للاستطلاع عن الآلية التي تم بها ولا عن المنهج المتبع وهو أمر يفقد أي استطلاع قيمته العلمية .

- ووفقا للتقرير الذي نشر عن الاستطلاع  لم يتضمن الاستطلاع أسئلة موجهة إنما مجرد عنوان رئيسي هو ' أولويات المواطن الكويتي ' في حين تضمن سؤال واحد فقط وهو ' هل يؤيد المواطن الكويتي استطلاعات الرأي ؟ وهو سؤال ركيك جدا ولا يشكل قيمة علمية في علم الإحصاء والسؤال بصيغته العلمية يكون كالتالي :

· أثق في استطلاعات الرأي التي تجرى في الكويت ؟

موافق – موافق إلى حد ما – لا أدري – غير موافق إلى حد ما – غير موافق بشدة

· الاستطلاع تم جزء كبير منه بطريقة الاتصال الهاتفي وهي طريقة مقبولة لكنها تتضمن أخطاء كثيرة مما يوجب علميا استبعاد كثير من العينات وهذا أمر لا يتوقع من شركات تجارية ملتزمة في وقت معين لتسليم تقارير الاستطلاع .

- الاستطلاع تم بطريقة الإجابات المتعارضة فالارتفاع في عدد أولوية معينة يكون وفقا للإستطلاع على حساب أولوية أخرى بالرغم من أن أولويات المواطن الكويتي قد لا تكون متعارضة .

مثال 1 :

حين يطلب من المواطن ترتيب الأولويات فهناك مستويات مختلفة من الأولويات فالسكن أولية تتعلق بالمدى الطويل لكنها ملحة , وغلاء الاسعار أولوية تتعلق بالمدى القصير وهي أيضا ملحة وهكذا لا يمكن التفضيل بينها فالقول أن السكن أهم لا يعني أن أولوية محاربة غلاء الاسعار غير مهمة .

مثال 2 :

الاستطلاع تضمن أولويات لا يمكن مقارنتها مع بعضها مطلقا فقضية الإسكان لا يمكن مفاضلتها مع قضية حقوق المرأة ولا مع المطالب السياسية ولا دعم قضايا الشباب لأن

 أ) حلول هذه القضايا غير مرتبطه مع بعضها البعض .

ب) بعضها الحلول مادية تتعلق بالميزانية وبعضها يتعلق بالتشريع.



وتلافيا لهذه المعضلة كان يمكن لمن صمم الاستطلاع القيام الآتي:

1) أن يرصد سلفا عددا من القضايا ويطلب من المشارك ( المواطن) اختيار أهم خمسة قضايا وبهذا نصل إلى نتائج عدة تبين لنا القضايا الملحة والقضايا الأكثر إلحاحا, وهذا الأسلوب ' الألويات المتوازية ' كان يمكن أن يجعل نتائج القضايا المهمة متقاربة وفقا لنسبتها وإن اختلفت في الترتيب كي لا يتم تهميشها لأن مركزها متأخر وكي لا تأتي الحكومة مثلا وتقول أن قضية غلاء الأسعار غير مهمة بدليل أن المواطن جعلها في المركز 13 وبنسبة 2 %.

2) أن يضيف حزمة من الأسئلة تستقرئ أسباب اختيار المواطن لأولويات معينة , وأسئلة أخرى تستطلع تعامل المواطن مع الأولويات إن قدمت حلولها بشكل مختلف (مثال: تسليم السكن بسرعة أكبر إن طلب المواطن السكن في شقق– دفع مقابل بسيط للدراسة في الحكومة مقابل خدمات ملموسة توجد حاليا في المدارس الخاصة )



-  تضمن الاستطلاع أولويات لا دلالة مباشرة وواضحة لها مثل:

· المطالب السياسية فما هو المقصود على وجه التحديد بالمطالب السياسية هل هي الحكومة المنتخبة مثلا أم رئيس الوزراء الشعبي أم عدم تصويت الوزراء عير المنتخبين .

· التركيبة السكانية فهل المقصود محاربة ظاهرة شراء الإقامات أم منع العزاب من السكن في مناطق السكن الخاص أم تسهيل الإقامات لتنشيط الاقتصاد .

                                                     

                                                لخلاصة

· الاستطلاع الذي أشرف عليه مكتب مجلس الأمة كان اجتهادا حسن النية لكنه أنتهى بشكل تم فيه تشويه أولويات المواطن ففي حين لم يضف جديدا حين كشف أن السكن والصحة والتعليم كان على رأس الأولويات كان صادما حين أظهر , بسبب سوء تصميم الاستطلاع, أن قضية مهمة كغلاء الاسعار لا تشكل سوى 2% من الأهمية لدى المواطن .

· الاستطلاع كان يجب أن يتم وفق نهج علمي رصين كي يكون مرجعا للتاريخ وكي يكون دافعا لعمل تشريعي مثمر بدلا من أن يفتح ثغرات تتيح للسلطة التنفيذية إهمال قضايا محددة لأنها أتت في مركز متأخر جدا في استطلاع يتبناه مكتب مجلس الأمة رسميا .

· كان يجب الرجوع إلى أكاديميين متخصصين في علم الإحصاء من جامعة الكويت ومن غيرها بدلا من تصميم الاستطلاع بطريقة مستعجلة وغير علمية.

· أي نشر لاستطلاعات مستقبلية يجب أن يكون عبر الجهة المتخصصة في الأمانة العامة لمجلس الأمة أو عبر تقرير شامل بدلا من ربط هذا التقرير الفني بخصومات سياسية لأعضاء مكتب مجلس الأمة .