الأحد، 22 يناير 2012

الشيخ سعود الناصر ... الموت لا يغيب الأبطال

الشيخ سعود الناصر في آخر ظهور له خلال فترة العلاج في لندن وكلمة عن المقاومة الكويتية 



بعد عصر اليوم الأحد سيحتضن تراب الكويت جثمان أحد فرسان الكويت وأبطالها بعد أن قدر الله أن يغادر الدنيا قبل أيام من الإنتخابات البرلمانية والتي تجسد ديمقراطية إستطاع هذا الفارس توظيفها لتكون أحد أهم الأسباب في قيام العالم الحر بقيادة الولايات المتحدة بتحرير الكويت من الغزو العراقي الآثم حينما كان سفيرا للكويت في واشنطن .

رحم الله وزير الإعلام والنفط الأسبق الشيخ سعود الناصر الصباح فقد حرمنا المرض العضال من أدوار كان من الممكن أن يقوم بها الشيخ سعود في مرحلة إنتقال الكويت من حقبة الأزمات إلى حقبة الإنجازات وهي المرحلة التي مهد لها الشيخ سعود بمبادرة شهيرة قام بها بدور الوسيط بين الحكم والمعارضة في فترة غاب فيها صوت العقل وأصبح الضرب بالهراوات بديلا عن الحوار العقلاني , وهي المبادرة التي نتج عنها حزمة أفكار مهدت إلى تجنيب الكويت صراع إقصائي بين موالاة متشددة ومعارضة متحمسة .

الرجل كان صاحب شخصية كاريزمية غير عادية فهو بالفعل وكما يوصف دوما صاحب قرار في وقت تراجع فيه كثير من رجال الدولة عن حسم القضايا العالقة خشية غضب هذا وعتب ذاك ممن لا يقبلون من السلطة قرارا يمس مصالحهم .
الشيخ سعود الناصر الصباح السفير كان بالفعل أحد أبطال تحرير الكويت فهو كسفير في واشنطن كان بمثابة قائدا ميدانيا رابط الليل والنهار من أجل خلق أرضية سياسية وحقوقية تدفع الولايات المتحدة لتحرير الكويت من دون تباطؤ ومن دون المغامرة بتضييع مستقبل الكويت في أتون السياسة وتبدلاتها المرعبة .
الشيخ سعود الناصر الوزير نقل الإعلام الكويتي إلى عهد التقنيات الحديثة فعاش تلفزيون الكويت حينها مجدا لم يتكرر منذ تسعينيات القرن الماضي وكان من ملامح هذا العهد مواصلة بث تلفزيون الكويت ليكون على مدار الساعة بدلا من إنتهاء برامج التلفزيون الثانية عشر مساء , ويتذكر كثيرون حجم الهجوم الذي واجهه الشيخ سعود حينها بذريعة أن ذلك سيفسد الشباب وسيحملهم على السهر قبل أن يدرك هؤلاء لاحقا أن الرجل ورغم بساطة القرار كان صاحب رؤية .
الشيخ سعود الناصر الوزير أيضاً قام حين كان وزيرا للنفط بتحويل الشركات النفطية من شركات منفصلة تعمل عشوائيا إلى منظومة تقودها مؤسسة البترول الوطنية وفق خطط وإستراتيجيات متناغمة يكون فيها لممثل الدولة أي وزير نفط سلطة إتخاذ القرار بعد أن كان رأيه غير ملزم .
المشاكل والأزمات تكشف أحيانا عن معادن الرجال أكثر مما تكشف الأوضاع الإعتيادية التي قد يختلط فيها حابل البطولات المزيفة بنابل المواقف الثابتة ,ومن هذا قصة حصلت لي حينما كنت في زيارة رسمية للولايات تفاجأت فيها بأن أستاذة جامعية في جامعة ولاية جورجيا متخصصة في العلاقات العامة تقول لي أن منتدى الغد سيناقش ما يوصف أكاديميا بأنه أكبر كذبة في العلاقات العامة ويتمثل في قصة موت الاطفال الرضع في حاضنات المستشفيات في الكويت على أيد جنود الجيش العراقي . 

حينها قمت بالإتصال على الشيخ سعود الناصر من الولايات المتحدة من دون سابق معرفة للإستفسارعن الموضوع والتفاصيل الأخرى التي لم تعرف عن هذه القضية التي ساعدت في حشد رأي الأغلبية في الكونغرس الأميركي ضد الغزو العراقي .

رغم فارق التوقيت وإتصالاتي الملحة والمتكررة قضى الشيخ سعود جل وقته وهو يزودني بالتفاصيل الدقيقة إلى أن إستطعت خلال المنتدى الذي ضم عشرات الأكاديميين والطلبة أن أثبت صحة هذه القصة حينما كشفت للحضور عن مقدمة تقرير كان قد أرسله لي الشيخ سعود بالفاكس أصدرته مؤسسة كرول للتحقيقات وهي مؤسسة موثوقة لدى غالبية حضور المنتدى تبين فيه أنها وبعد زيارات متكرره لمحققيها تأكدت من صحة هذه القصة .
وكم كانت مؤثرة اللحظة التي قدمت فيها هذه الأستاذة الجامعية الإعتذار عن التشكيك بالرواية الكويتية.
مئات القصص المشابه لهذه القصة حصلت مع الشيخ سعود الناصر إستطاع من خلالها وعبر علاقاته الدولية وعن طريق أرشيفه المميز أن يتصدى لكل من يشكك في دولة الكويت حتى بعد تركه المنصب الوزاري .

رحم الله الشيخ سعود الناصر الصباح فقد كان وحتى قبل مرضه رهانا لكثير من قوى سياسية ومجتمعية مختلفة ليكون الأنسب لمنصب رئيس الوزراء في الكويت طالما كان يملك الشخصية القوية والإطلاع الواسع والعلاقات المتعددة .

كم " سعود الناصر" يعيش بيننا الآن ولا تستفيد الكويت من قدراته ؟

إلى جنة الخلد يا أبا فواز يقولها خصومك السياسيين قبل محبيك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق