الثلاثاء، 15 مارس 2016

حكومات الشركات الكبرى




الإصلاح الاقتصادي في الكويت لا يمكن أن ينجح بالطريقة التي يتم الترويج له فيها حاليا فسياسات الإصلاح الاقتصادي تتطلب أن تتم بهدوء وحكمة وضمن بيئة تشريعية ومجتمعية وسياسية مناسبة , وبغير ذلك فمصير هذا الإصلاح إما الفشل المؤذي أو الدخول في إجراءات ترقيعية لا تنتهي قد تخفف الصداع قليلا لكنها حتما ستؤدي إلى معضلات أكبر .

إذن ما هو الحل ؟

سياسات الإصلاح الاقتصادي لا يمكن التعامل معها كحل للمشكلات الطارئة فالمعالجات الآنية لأزمات طارئة مرتبطة بعوامل متغيرة , كما يحصل مع أزمة إنخفاض أسعار النفط , لا يمكن اعتبارها إصلاحا اقتصاديا فالإصلاح يعني خلق بيئة مناسبة للتحولات المهمة في طبيعة النشاط الاقتصادي , ووفقا لذلك , وليس قبل ذلك , يتم خفض الإنفاق على الأنشطة التي تستنزف الموارد المالية ويتم قصر هذا الإنفاق على كل ما هو ضروي من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية بالتوازي .

دور الدولة الأساسي هو توفير الأمن الاجتماعي للمواطنين عبر سياسات راسخة لا تتبدل من أهمها أن تخضع المؤسسات الرئيسية في الدولة كالمدارس والمستشفيات ووسائل النقل والاتصال والمطارات والجمعيات التعاونية ومراكز الشرطة والجيش والجمارك   لسلطة الدولة المباشرة , وأن تدار بشكل مباشر من دون أن تشملها الخصخصة .

وهذا لا يعني عدم إتاحة مرافق بديلة يديرها القطاع الخاص , ولكن ولأن هذا القطاع يبحث بالدرجة الأولى عن الربح المالي , من الخطر جدا نقل الخدمات الحكومية كافة إليه من دون وجود بدائل تابعة للدولة فهذا يعني أن الشعب سيكون في واقع الحال محكوما من هذا القطاع الخاص , وخاضعا لسيطرة أصحاب الرساميل .

ولن يغير تحكم الدولة في التشريعات والنظم في الأمر شيئا فعلاقة المواطن ستكون مباشرة مع الشركات الكبرى , وسيكون خاضعا لتقلبات هذه الشركات فيما يتعلق بتقديم الخدمات العامة , وهو ما يعني تدريجيا تحول هذه الشركات العملاقة إلى حكومات مصغرة لا تخضع في واقع الحال لسلطة القانون نتيجة لقدرتها على تجاوز القوانين بسبب النفوذ السياسي الذي يتمتع فيه ملاك هذه الشركات .

دور الدولة يجب أن يظل قائما بشكل مباشر في تقديم الخدمات الحكومية الاساسية للمواطنين وبغير ذلك ستتحول الكويت إلى حالة أقرب ما تكون إلى اليونان أو إيطاليا أو إسبانيا من حيث تعثر النظامين السياسي والاقتصادي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق