الخميس، 21 فبراير 2013

ملاحقة السياسيين للسياسيين بقوانين جزاء هدم للحياة السياسية






قبل الحديث عن الحكم بحبس الكاتب زايد الزيد لمدة شهر مع الشغل والنفاذ بسبب القضية التي رفعها ضده وضد الدكتور سعد بن طفله عضو المكتب السياسي في التحالف الوطني الديمقراطي الوزير والنائب السابق والأكاديمي د عبدالمحسن المدعج ,من المهم توضيح بعض مواد قانون الجزاء المتعلقة بالسب والقذف .

المادة 214 من قانون الجزاء تبين أنه لا يعتبر القذف ( إسناد واقعه تستوجب العقاب أو تؤذي السمعه لشحص في مكان عام ) جريمة إذا كان يتضمن واقعه تقدر المحكمة أن المصلحة العامه تقتضي الكشف عنها وبوجه خاص إذا تضمن الكشف عنها نقدا أو حكما في مسلك موظف عام أو شخص مكلف بالخدمة العامة أو كان الكشف عنها يتعلق بواقعه تتعلق بأعمال وظيفة هذا المسؤول , أو أن يصدر النقد بهدف حماية مصلحة خاصة أو عامه .

إذن القانون يتيح لأي مواطن وخصوصا للكتاب والصحافيين الكشف عن وقائع قام بها الغير إن كان ذلك يهدف للصالح العام والمحكمة من تقدر مقدار المصلحة العامة .

ولولا هذه المادة لغابت رقابة الرأي العام ولتمكن الفاسدون من تحقيق ما يسعون إليه بحماية القانون .

هذه الرخصة القانونية أتيحت للجميع إيمانا بأن المجتمع أيضا يحمي نفسه بنفسه عبر سلطة الرأي العام , ولكن ولأن الكتاب والصحافيين لهم طبيعة عمل خاصة تتطلب النقد المستمر الذي يستفيد منه المجتمع أصدرت بشأنهم قوانين خاصة توفر لهم نوعا من الحماية وتفرق بينهم وبين الاشخاص العاديين ومن هذه القوانين قانون المطبوعات والنشر الذي صدر حتى قبل الدستور الكويتي .

لهذا كان مستغربا أن يقدم أي كاتب أو صحافي ليحاكم عن رأي أو نقد كتبه وفق قانون الجزاء وهو قانون لا يتعلق في مضامينه بالنقد الصحافي , والأكثر غرابة أن يقدم الشكوى وفق هذا القانون أحد القيادات في تجمع سياسي كالتجمع الوطني الديمقراطي الذي تدعو أدبياته إلى حرية الراي وإلى توسيع نطاق النقد للشخصيات العامة كما في حالة الشكوى التي رفعها الدكتور عبدالمحسن المدعج ضد الكاتب زايد الزيد والدكتور سعد بن طفله .

صحيح أن هناك نقص في التشريعات الحالية , وأن هناك مبدأ أقرته إحدى محاكم التمييز مفاده أن النشر الإلكتروني يعتبر مكانا عاما ولكن هذا لا يعني تطبيق قانون الجزاء على النقد الصحافي في ظل وجود قانون أقرب لطبيعة هذا النقد ومنها قانون المطبوعات والنشر .

وهذا أيضا لا يعني أن هذا المبدأ مستقر فربما تأتي دائرة تمييز أخرى وتصدر حكما لا يعتبر النشر الإلكتروني مكانا عاما .

من هذا المنطلق نفهم القضية المرفوعه من الدكتور عبدالمحسن المدعج بأنها ملاحقة سياسية بغطاء قانوني تماما كما تفعل قوى يصفها الدكتور عبدالمحسن المدعج نفسه بالفاسدة حين تلاحق السياسيين المعارضين في الكويت قضائيا ومن ضمن هؤلاء الملاحقين زملاء للمدعج أشهرهم الأمين العام السابق للتحالف الوطني الديمقراطي خالد الفضالة والذي حوكم عن أقول أدلى بها في ندوة سياسية وفق قانون جزاء وكأنما الرأ ي السياسي في الكويت أصبح جريمة بحد ذاتها .

ماذا عن الدكتور عبدالمحسن المدعج وشعوره بالظلم لإسناد واقعه لا يقر بصحتها ؟ وماذا عن شعور أسرته ؟ .

الدكتور عبدالمحسن المدعج سياسي قديم ورجل السياسة بطبيعته معرض للتجريح السياسي المباح وفق المذكرة الدستورية ووفق أحكام قضائية راسخه وله أن يرد على مقالة الكاتب زايد الزيد بمقالة تفند أقوال الزيد وتحرجه وتدفع الإتهام عن المدعج .

هكذا يتم في كل البلدان الديمقراطية حفاظا على طبيعة النظام الديمقراطي ومنعا لتكبيله بأحكام قضائية قد تجعل من العمل السياسي مكلفا إلى درجة الشلل الجزئي .

وإن شاء السياسي اللجوء للقضاء لعدم مقدرته على رد ما يعتقد أنه غبن له وفقا لقدراته السياسية المتواضعه فيفترض ,وهذا أخف الضرر, اللجوء وفق دعوى تعويض مدنية لا تنتهي بسجن الكتاب والسياسيين وتقتصر على التعويض المادي أما الإصرار على مقاضاة الخصوم وطلب حبسهم ووفق قانون لا يتعلق بطبيعة عملهم فهذا نوع من الهدم للحياة السياسية في الكويت ويتم بأيدي من يطرحون أنفسهم كإصلاحيين .

زايد الزيد في المقالة التي حكم عليه بالسجن بسببها أتت في المقام الأول دفاعا عن نقابة العالمين في هيئة الإستثمار والذين وجدوا أنفسهم يحاكمون بسبب كشفهم لقضايا فساد ,وأتت هذه المقالة لأن عبدالمحسن المدعج كان عضوا في الهيئة العامة للإستثمار ولم تكن مجرد سب وقذف يحصل في الشارع وهو المعني به قانون الجزاء .

القضية رفعت بالاصل ضد الدكتور سعد بن طفله بصفته ناشر جريدة الآن الإلكترونية وضد زايد الزيد وحكم فيها بالسجن على الإثنين في الدرجة الأولى وفي الإستئناف تمت تبرئة بن طفله بعد أن أفاد الزيد بألا علاقة لبن طفله بعملية النشر .

وللتاريخ أحمد السعدون وسعد بن طفله وزايد الزيد من القلائل الذين تعرضوا لحملات شرسة في وسائل الإعلام كافة ولم يقوموا برفع قضية واحدة ضد خصومهم رغم أن ذلك كان سيدخل خصومهم السجن وكان سيدر عليهم مبالغ تعويض مدني طائلة ولكنه المبدأ حين يرسخ ويستقر .



للتلخيص :

- قانون الجزاء يسمح بنسب الوقائع للشخصيات العامه وفي القضايا العامه حين تكون المصلحة العامة للنشر أكبر والتقدير لدى القضاء .
- قانون الجزاء لم يشرع لمعاقبة الكتاب والصحافيين والسياسيين وهناك قوانين خاصة اقرب لهؤلاء .
- إعتبار النشر الإلكتروني مكانا عاما تم وفق مبدأ لإحدى محاكم التميز وقد يلغى بحكم لاحق .
- السياسي والإعلامي حين يتعرض لشبهة القذف فله أن يرد بمقالة أو تصريح من دون إقحام الخلاف السياسي في قانون جزائي وإن إضطر فدعوى التعويض المدني تغني عن سجن الخصوم .
- يجب تشريع قانون يضفي حصانة إجرائية لوسائل الإعلام وللكتاب والصحافيين لمنع 'جرجرتهم' في المحاكم وفق قوانين لا تتعلق بنقدهم السياسي والإعلامي .
- على التيارات السياسية والشخصيات السيااسية عدم هدم الحياة السياسية بمحاولة سجن الخصوم وتقديمهم وفق قوانين جزائية لا تتعلق بطبيعة عملهم .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق