الاثنين، 14 ديسمبر 2009

قراءة لأفكار النائب علي الراشد بشأن تنقيح الدستور

النائب علي الراشد في الندوة التي اعلن فيها عن افكاره بشأن تعديل الدستور


قراءة في الأفكار التي طرحها النائب علي الراشد
بشأن تعديل بعض مواد الدستور
إعداد : داهم القحطاني


مقدمه

قبل إبداء الرأي في الأفكار التي طرحها النائب المحترم علي الراشد بشأن تعديل بعض مواد الدستور خلال الندوة التي دعا إليها الراشد في فندق الشيراتون وحملت عنوان 'الممارسة البرلمانية بين الرقابة والتشريع' الأربعاء الماضي بمشاركة الخبير الدستوري الدكتور يحيى الجمل والذي كان حاضرا في الكويت للمشاركة في مؤتمر فكر 8 الذي تنظمه مؤسسة الفكر العربي التي يرأسها أمير منطقة مكة في المملكة العربية السعودية صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وهي الندوة التي حرصت على حضورها إستجابة لدعوة كريمة من النائب الراشد , وقمت خلالها بتدوين تفاصيل ما دار فيها كعادتي في معظم الفعاليات الجادة التي أحضرها , قبل كل ذلك أريد أن أبين بعض المواضيع الفرعية المتعلقة بالموضوع الحدث كي تتضح الصورة العريضة وكي يتم نقاش أفكار النائب المحترم علي الراشد وفق الحجة والمنطق لا العاطفة المتحمسة .

ولهذا من المهم جدا توضيح الآتي :

أولا
تعديل مواد الدستور واجب دستوري وأمانة معلقة في رقبة كل عضو في مجلس الأمة إذا ما إستشعر الحاجة لأي تعديل وفقا للسلبيات التي رصدتها الممارسات الفعلية خلال نحو 46 عاما من عمل مجلس الأمة 1963-2009 ,كما أن إختيار التوقيت الأنسب لهذا التعديل إن وجد, يعتبر أيضا أمانة معلقة في رقبة كل عضو في مجلس الأمة إذا ما إستشعر أن الوقت الحالي غير مناسب لبحث موضوع التعديل .

ثانيا
تعديل اي مادة من مواد الدستور أو أي مادة من المواد ذات الصفة الدستورية يتطلب وفقا للمادتين 174 و175 من الدستور المرور بالخطوات المتشددة التالية :

1- اقتراح يقدم من الأمير أو ثلث اعضاء مجلس الأمة ( 22 عضوا من أصل 65 نائبا ورئيس وزراء ووزير في المجلس الحالي 2009 ) بتنقيح الدستور, والتنقيح يعني ثلاثة امور:
أ) تعديل حكم أو أحكام
ب) حذف حكم أو أحكام
ج) إضافة حكم أو أحكام

كما أنه لا يجوز إقتراح تنقيح :
- الأحكام الخاصة بالنظام الاميري للكويت ما لم يكن التنقيح خاصا بلقب الامارة فقط
- الأحكام الخاصة بمبادىء الحرية والمساواة إلا إذا كان التعديل يعلق بمزيد من ضمانات الحرية والمساواة.

2- موافقة اغلبية الأعضاء الذي يتكون منهم المجلس ( 33 عضوا من أصل 65 نائبا ورئيس وزراء ووزير في المجلس الحالي 2009 ) أولا على مبدأ التنقيح ثم موافقة الأغلبية نفسها على موضوع التنقيح أي ان النقاش سيتركز أولا على ما إذا كان مبدأ التنقيح ضروري ثم يتم نقاش موضوع التنقيح ذاته .

3- موافقة سمو الأمير على مبدأ التنقيح وموضوعه ومن دون هذا الطلب يعتبر هذا الطلب مرفوضا .

4- موافقة ثلثي أعضاء مجلس الأمة (44 عضوا من أصل 65 نائبا ورئيس وزراء ووزير في المجلس الحالي 2009) على المقترح بعد نقاشه مادة مادة ما يعني في المقابل أن رفض 22 عضوا أعضاء فقط يسقط اي مقترح لتنقيح الدستور وإن وافق عليه 43 عضوا أي ان ثلث اعضاء المجلس + 1 يرجح كفة الرفض ,وإن وافق على مبدأ التنقيح وموضوعه سمو الأمير + 43 عضوا , وهذا يبين ان الدستور الكويتي من الدساتير الجامدة أي انه دستور من الصعب جدا تنقيحه .

5- مصادقة سمو الأمير على هذه الموافقة

ثالثا

الحرية في التعبير عن الرأي وفي البحث العلمي بشتى أنواعه حق مكفول لكل مواطن ,وهو أمر يختلف عن ممارسة الصلاحيات أي أن طرح أفكار لتعديل الدستور ضمن القواعد التي ينظمها الدستور أمر متاح ومكفول وللآخرين وحق الرد عليه يكون أيضا ضمن الإطار نفسه فالقضية تتعلق بالأفكار لا الشخوص ,أما حين يمارس عضو في مجلس الأمة لهذا الحق ضمن الخطوات التي رسمها الدستور فيكون الرد عليه ضمن الإطار الدستوري .

رابعا

التعديلات الدستورية قدمت في مجالس متعدده وبعضها كان يتعلق بتعديل المادة الثانية من الدستور بهدف إضافة أل التعريف لكلمة مصدر لتكون بذلك الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ومع ذلك تم رفضها رغم حساسية هذا الموضوع من الناحية الدينية .

كما أن الحكومة تقدمت بتعديلات دستورية متعددة في مجلس الأمة العام 1981 ورغم أنها كانت مدعومة بأغلبية نيابية مشابهه للأغلبية الحالية من حيث العدد إلا أن هذه التعديلات سحبت ولم تمر بسبب التحركات الشعبية خارج إطار البرلمان .

ولهذا لا خوف على الدستور من تعديلات تتنافى مع مبادىء الحرية والمساواة , أو من شأنها أن تقلص من حق الشعب الكويتي في الرقابة والمساءلة السياسية عبر نوابه .

كما أن التحركات الشعبية الحالية التي إستطاعت في العام 1981 على بساطتها وفقدانها للوسائل المؤثرة منع التعديلات التي تمس روح الدستور رغم قرب تمريرها قادرة بالتأكيد اليوم على منع مثل هذه التعديلات بالفكر والحجة والمنطق أولا , وبالتحركات السلمية المشروعة لاحقا .

إذن وتلخيصا لما سبق مسألة تنقيح الدستور حق لسمو الأمير ولأعضاء مجلس الأمة يتم طرحها وفقا لتقدير الظرف المناسب ومدى حاجة الدولة لهذا التنقيح , وكل ذلك يتم وفقا لضمائر اعضاء مجلس الامة .كما أن مسألة التنقيح معقدة وصعبة ولا تتم بسهولة .

فضلا على ان حق التعبير عن أي رأي في مسألة تنقيح الدستور حق مكفول طالما كان رأيا أو بحثا علميا ينشد لا يسعى لتقييد أي حرية أو ينتقص من مساواة نص عليها الدستور في نسخته الأولى .

وبالعودة إلى ما طرحه النائب المحترم علي الراشد في ندوة ' الممارسة البرلمانية بين الرقابة والتشريع' نجد ان النائب الراشد بين خلال الندوة انه اعلن خلال الحملة الإنتخابية له العام 2003 وحتى قبل ان يكون نائبا في مجلس الامة أهمية تعديل بعض مواد الدستور , كما يقر بأنه تراجع عن هذه الفكرة موقتا بسبب تركيبة مجلس 2003 , ويوضح ان ثمة اتفاقا على تعديل الدستور كل خمسة سنوات ولهذا يستغرب ممن يتعامل مع الدستور بقدسية اكثر من القرآن .
وطرح أفكارا عدة سنأتي عليها لاحقا .

هذا الأفكار يبدو انها لم تعجب أطراف سياسية أخرى ما جعل كتلة العمل الشعبي تصدر بيانا غير مسبوق .
ويلاحظ في بيان كتلة العمل الشعبي الآتي :

- إعتبرت الكتلة ضمنا أن ما طرحه النائب الراشد يأتي إستمرارا لمحاولات مشبوهة للنيل من الدستور والانقضاض عليه بغرض خبيث ومقصد خائب.
- وصفت الكتلة النائب الراشد بالبوق الناعق من دون أن تسميه .
- اعتبرت أن ما طرحه من افكار مقترحات بالغة الخطورة والسوء كما اعتبرت هذه الأفكار امتدادا لمحاولات بدأت منذ عمل لجنة إعداد الدستور 1962 وإستمرت خلال عمل لجنة تنقيح الدستور العام 1980 , وعبر التعديلات الدستورية التي تقدمت بها الحكومة خلال مجلس 1981.
- دعت التيارات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والكتل النيابية وكتاب الرأي بالتصدي لدعوة النائب الراشد وهي في المهد وبالإعلان عن رفضها .

وقبل مناقشة الأفكار التي طرحها النائب المحترم علي الراشد يجب التأكيد على أن ربط طرح هذه الأفكار بمحاولات حكومية لإستغلال الأغلبية النيابية التي توفرت لها خلال إستجواب سمو رئيس مجلس الوزراء ووزراء الدفاع , الداخلية ,الأشغال قول مرسل يحتاج إلى دليل ملموس وإلا سادت نظرية المؤامرة مع التأكيد على أن إسراف بعض النواب ومنهم على سبيل المثال النائب الراشد نفسه والنائبتان رولا دشتي وسلوى الجسار وغيرهم خلال الفترة الاخيرة في دعم المواقف الحكومية جعل توجيه مثل هذه الإتهامات مبررة من حيث الشكل أما من حيث المضمون فالأمر يخضع للتدقيق ولإظهار الدليل الملموس أولا .

كما تجدر الإشارة إلى أن الأفكار التي طرحها النائب المحترم علي الراشد جاءت في ندوة عامة حضرها مواطنون ومختصون ووسائل إعلام ولم تأتي مثلا في وثيقة سرية ثير الشبهه ما يجعل الرد على هذه الأفكار بالحجة والمنطق مقدما على ما سواه من تشكيك بوجود مؤامرة تشترك فيها الحكومة وما يسمون بقوى الفساد .
ولهذا ومن باب التعامل بالديمقراطية إيمانا وتطبيقا كان لزاما على المتابعين أن يدرسوا هذه الأفكار ليحددوا موقفهم منها بأسلوب علمي ومهني من دون إطلاق أحكام مسبقة, ,إذا ما ثبت لاحقا أنها كانت مقدمة لطرح تعديلات دستورية تقلص من قدرة مجلس الأمة على المساءلة السياسية فحينها يجب أن تجابه بموقف قوي وصلب .

مناقشة أفكار النائب علي الراشد
بشأن تعديل بعض مواد الدستور

النائب علي الراشد طرح افكارا تتعلق بإجراء تعديلات دستورية في المواد الآتية :

- المادة ( المادة 66) :
يكون طلب اعادة النظر في مشروع القانون بمرسوم مسبب، فاذا اقره مجلس الامة ثانية بموافقة ثلثي الاعضاء الذين يتألف منهم المجلس صدق عليه الامير واصدره خلال ثلاثين يوما من ابلاغه اليه. فان لم تتحقق هذه الاغلبية امتنع النظر فيه في دور الانعقاد نفسه. فاذا عاد مجلس الامة في دور انعقاد اخر الى اقرار ذلك المشروع بأغلبية الاعضاء الذين يتألف منهم المجلس صدق عليه الامير واصدره خلال ثلاثين يوما من ابلاغه اليه.

ويقترح الراشد ان يتم الإكتفاء بالفقرة الأولى من المادة بحيث لا يصدق سمو الأمير على مشروع القانون الذي طلب من مجلس الأمة إعادة النظر فيه إلا حين يرفض مرسوم طلب إعادة النظر بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس( 44 عضوا من أصل 65 نائبا ورئيس وزراء ووزيرا في المجلس الحالي ).
كما يقترح إلغاء الفقرة المتعلقة بالتصديق على القانون في دور الإنعقاد اللاحق لرفض مرسوم طلب إعادة النظر فيه بأغلبية عدد ا‘ضاء مجلس الأمة ( 33 عضوا من اصل 65 نائبا ورئيس وزراء ووزيرا)

التعليق :
سمو الأمير يحكم من خلال وزرائه , ورئيس الوزراء والوزراء يقومون بالمشاركة في التصويت في أعمال مجلس الأمة فيما عدا مسألة عدم التعاون وعدم الثقة , كما أن الحكومة تقوم بالتصويت على مشاريع القوانين أي ان نتيجة التصويت على رفض مرسوم طلب إعادة النظر في قانون ما تتم بأغلبية الثلثين وبمشاركة من رئيس الوزراء والوزراء الذين يحكم سمو الأمير من خلالهم .
ولهذا فإن عملية الحصول على الثلثين ليست بالسهلة , وربما لم تتكرر في الحياة البرلمانية إلا مرتين اولاهما حين تم التصويت على مرسوم اعادة النظر في قانون الأعمال الخطرة في مجلس 1992 , وثانيهما حينما تم التصويت برفض مرسوم رد قانون زيادة بدل الإيجار في مجلس 2006 .

الإكتفاء في إشتراط الحصول على اغلبية الثلثين لرفض مرسوم اعادة النظر في القانون من دون إعادة التصويت على القانون في دور الإنعقاد اللاحق وإشتراط أغلبية أعضاء المجلس للموافقة عليه من شأنها إحداث الآتي :
- دفع الحكومة ربما لاعتماد هذه الآلية في قضايا عدة .
- قيام الحكومة بالتلويح بإستخدام مرسوم طلب اعادة النظر في معظم القوانين للتقليل من قدرة النواب المنتخبين على ممارسة أدوارهم التشريعي .
- زيادة ضمانات السلطة التنفيذية وهي الضمانات التي حذرت المذكرة التفسيرية من المبالغة فيها بشكل واضح وصريح .
واقع الحل يؤكد ان مسألة التصويت على القانون الذي تم طلب اعادة النظر فيه بمرسوم ولم يحصل على اغلبية الثلثين لم تتكرر كثيرا في الحياة البرلمانية, ولم تكن مثار لأزمات دستورية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية , إضافة إلى أن قدرة مجلس الأمة على الموافقة على قانون طلب سمو الأمير إعادة النظر فيه ولم يحصل على أغلبية الثلثين في دور الإنعقاد السابق أتاح مزيدا من توازن السلطات بين البرلمان والحكومة في ظل السلطات الكثيرة التي أنشأها الدستور الكويتي للحكومة بالرغم من أنها تضم أعضاء غير منتخبين بهدف إيجاد نظام وسيط بين النظامين البرلماني , والرئاسي .

- المادة (80) :
يتألف مجلس الامة من خمسين عضوا ينتخبون بطريق الانتخاب العام السري المباشر، وفقا للاحكام التي يبينها قانون الانتخاب. ويعتبر الوزراء غير المنتخبين بمجلس الامة اعضاء في هذا المجلس بحكم وظائفهم.

ويقترح النائب المحترم علي الراشد زيادة عدد النواب في مجلس الأمة كي يتناسب مع المهام التي يتطلبها العمل في مجلس الأمة ولجانه .

التعليق :
الحقيقة ان مسألة زيادة عدد اعضاء مجلس الأمة ليست بالجديدة إذ تم طرحها في مجالس سابقة كأفكار عامة من قبل نواب مشهود لهم بالفهم الدستوري العميق ومنهم نائب رئيس مجلس الأمة سابقا النائب السابق مشاري العنجري حيث طرح افكارا لزيادة عدد النواب في مجلس الأمة ليكونوا 60 نائبا وليصل عدد اعضاء مجلس الأمة 80 نائبا ورئيس وزراء ووزيرا .

كما ان المذكرة التفسيرية حينما تتحدث السبب في إختيار الوزراء في الكويت من غير النواب في خروج عن القاعدة البرلمانية التي تلزم بإختيار الوزراء من النواب المنتخبين, فإنها تبين أن واقع الكويت المتمثل في قلة عدد اعضاء مجلس الأمة والذي حدد بخمسين عضوا تبعا لعدد السكان ( 1962) أي ان ذلك يعني أن العدد الأنسب للقيام بالوظائف البرلمانية يفوق عدد النواب الحاليين .

الأمر الذي يقودنا إلى القول أن في هذا المعنى توجيه دستوري غير مباشر بزيادة عدد أعضاء مجلس الامة مستقبلا حين يزيد عدد السكان وهو ما حصل طوال السنوات الـ 46 الماضية .
ولهذا فدعوة النائب علي الراشد برأيي تكاد ان تكون الاقرب لما دعت إليه المذكرة الدستورية .

ووفقا لتقديري الشخصي أن العدد المناسب للنواب في مجلس الأمة في وقتنا الحالي يكون 90 نائبا ,وتم اختيار هذا العدد لانه يتناغم مع نسبة تضاعف عدد سكان الكويت منذ إصدار الدستور مع الأخذ في عين الإعتبار الوصول إلى عدد معقول .

على أن يضاف إلى هذا العدد ثلث ثلثه اي 10 وزراء معينين بحد أقصى من الحكومة التي يجب الا يزيد عدد اعضائها عن 30 وزيرا ثلثيهم ,أي 20 وزيرا, من النواب وذلك لتفعيل نص الفقرة الثانية من المادة 56 من الدستور التي نصت على ' يكون تعيين الوزراء من اعضاء مجلس الامة ومن غيرهم' , وعلى إعتبار أن إختيار الوزراء من خارج مجلس الأمة جاء في حين نقاش مشروع الدستور (1962) بسبب قلة عدد أعضاء مجلس الأمة وهو ما سيتم تلافيه في حال وصل عدد أعضاء مجلس الأمة إلى 90 نائبا .

أما ترك المجال مفتوحا لتعيين الوزراء من خارج النواب في مجلس الأمة فيقترح الإستمرار فيه طبقا لحق رئيس الدولة في إختيار من يشاء وذلك لأن سموه يمارس سلطاته من خلالهم , وكذلك كي يكون مجال المشاركة في الوزارة متاحا أمام أبناء الأسرة الحاكمة والذين حتما وقطعا لا يجوز أن يصبحوا نوابا وفق المنع الذي أتى في نص واضح في المذكرة الدستورية والتي تعتبر مكملة للدستور وجزءا أصيلا منه .

- المادة (100) :
لكل عضو من اعضاء مجلس الامة ان يوجه الى رئيس مجلس الوزراء والى الوزراء استجوابات عن الامور الداخلة في اختصاصاتهم. ولا تجري المناقشة في الاستجواب الا بعد ثمانية ايام على الاقل من يوم تقديمه، وذلك في غير حالة الاستعجال وموافقة الوزير. وبمراعاة حكم المادتين 101 و 102 من الدستور يجوز ان يؤدي الاستجواب الى طرح موضوع الثقة على المجلس.

يقترح النائب المحترم علي الراشد تغيير المادة ليكون تقديم الإستجواب من قبل عشرة نواب لا نائب واحد .

التعليق :
عمليا إجراءات المساءلة السياسية ليست بسهلة فصحيح ان الإستجواب يتقدم به نائب واحد ولكن على أرض الواقع يتطلب الأمر من النائب القيام بإجراءات سياسية تدعم موقفه نيابيا , ويتطلب كذلك القيام بإجراءات دستورية ولائحية وفق الآتي :

- البحث خلال المرحلة الأولى عن ثلاثة متحدثين مؤيدين له , ضمنا وليس عبر الإجراءات الدستورية (وإن كان هناك مقترحا نيابيا تم رفضه العام 2007 يتيح للنائب المستجوب وللوزير المستجوب تحديد من يتحدث لصالحهما مسبقا ) وذلك يتحدد وفق مرافعته ووفق قدرته على الحشد فعدم وجود من يتحدث في جلسة الإستجواب إلى جانب النائب المستجوب مؤشر مبكر بأن المساءلة السياسية ستقف عند حدود المرافعة .

- تقديم طلب التعاون مع رئيس الوزراء , وعدم الثقة في الوزير المستجوب يتطلب كل منهما توقيع طلب للتصويت عليهما مقدم من عشرة نواب يشترط حضورهم الجلسة عند قراءة الطلب في جلسة الإستجواب .

- يتطلب إصدار قرار عدم التعاون مع رئيس الوزراء وعدم الثقة في الوزير المستجوب الحصول على أغلبية النواب في مجلس الأمة من غير الوزراء , كما ان قرار عدم التعاون وقرار عدم الثقة قد يعرضان , وفق المذكرة التفسيرية, مجلس الأمة إلى الحل فالمذكرة تنص على ' ولذلك لا يبقى هذا الوزير في منصبه ولو ارتأى رئيس الدولة حل مجلس الامة والرجوع الى رأي الشعب' ويفهم من ذلك انه قد يكون من أسباب حل مجلس الأمة إصدار قرار عدم الثقة في وزير .
- قرار عدم التعاون قد يؤدي إلى إستمرار رئيس الوزراء في منصبه بالإستثناء من المادة رقم (57) من الدستور والتي تنص على ' يعاد تشكيل الوزارة على النحو المبين بالمادة السابقة عند بدء كل فصل تشريعي لمجلس الأمة' وإن تم حل مجلس الأمة وبدأ فصل تشريعي جديد.

من كل هذا نخلص إلى أن الإستجواب في الدستور الكويتي وإن أتيح تقديمه لنائب واحد إلا أنه مقيد بشروط صعبه تجعل مسألة المساءلة السياسية مرتبطة بعدد لا يقل عن عشرة نواب وأكثر من ذلك , وهو عدد قد يتجاوز ذلك إذا كان الإستجواب معدا بشكل محكم وإذا كان الوزير مقصرا في أداء عمله على أكمل وجه .
ولهذا يجب أن يكون الإستجواب كأداة دستورية في منأى عن أي تعديل لان الأمر يتعلق بالممارسة ولا يتعلق في خطأ في النصوص بدليل قدرة الحكومة والغالبية النيابية في تفريغ أربعة إستجوابات من ضمنها إستجواب لرئيس الوزراء ,من قدرتها على التأثير .

وهذا التفريغ وإن كان برأيي خطأ جسيما لا تبرره ظروف بعض الإستجوابات المقدمة من دون أن موافقتها لروح الدستور فيما يتعلق بالغرض من هذه الأداة , إلا أن ذلك يوضح ان تهذيب ممارسة بعض النواب لهذه الأداة الرقابية المهمة يجب ألا يتعدى الممارسة إلى الدخول في مغامرة غير محسوبة قد تحول هذه الأداة ووفق القانون إلى أداة عديمة الفائدة .

ولهذا وحسب رأيي الشخصي فإن إقتراح النائب المحترم علي الراشد في هذا الصدد غير مقبول .

وللتدليل على أن المشكلة لا تقع في الإستجواب كأداة رقابية مهمة إنما تقع المشكلة في الإستخدام الخاطىء لهذه الأداة أو الحذر المبالغ به من قبل الحكومة من إستخدام هذه الأداة في توقيتها الصحيح نورد بعض الأخطاء التي شابت التعامل مع هذه الأداة حكوميا ونيابيا :

- عدم القدرة على المواجهة السياسية لأسباب تتعلق بصراع أجنحة الحكم على مر سنوات طويلة فتتم الإستجابة لمطالبات في مسائل تتطلب المواجهة الدستورية من على منصة الإستجواب حفاظا على مقدرات الدولة وأسس إستقرارها .

- عدم رغبة الوزراء الشيوخ من ذوي المقام الكبير إجتماعيا لدى عموم الأسرة ولدى عموم الشعب الكويتي في التعرض للتجريح السياسي الذي من الطبيعي ان يتزامن مع المساءلة السياسية .

- فقدان بعض الوزراء المتعاقبين للقدرة على التعامل السياسي مع التيارات السياسية في مجلس الأمة نتيجة لكونهم وزراء تكنوقراط ليست لديهم القدرة على التعامل مع مجلس تشريعي ورقابي لا يخلو من العمل السياسي بأنواعه كافة كحال كل البرلمانات في العالم تقريبا ما يجعلهم معرضين للمساءلة السياسية بسهولة .

- إستغلال بعض النواب لهذه الأداة للتجريح السياسي

- مصادقة رئيس مجلس الأمة على بعض الإستجوابات التي تحمل شبهة عدم الدستورية

- عدم رفض الحكومة لبعض الإستجوابات التي تتضمن شبهة دستورية بنص تصريحات أعضاء الحكومة.
- مواصلة بعض الوزراء لجلسة الإستجواب رغم أنه يقر في مرافعته بأن الإستجواب غير دستوري .

- عدم إيمان أصحاب السلطة الحقيقة بالدستور الكويتي والتعامل معه بطرق تسعى إلى تفريغه من محتواه تدريجيا عبر إستهداف ضرب الأدوات الرقابية بالوسائل كافة .

- تحول الإستجواب من أداة دستورية تناقش في جلسة عادية ويعود المجلس بعد الإنتهاء منه إلى مواصلة جدول الأعمال ( مادة 138 من اللائحة الداخلية )إلى أداة يتطلب مناقشتها جلسات مطولة تمتد أحيانا إلى 12 ساعة وبموافقة الحكومة خوفا من القول بأنها تضيق على النواب المستجوبين قبل ان يتم تقنين الوقت لائحيا لتكون مدته بحد اقصى 6 ساعات الا ربع الساعة إذا كان المستجوب نائبا واحدا وإذا كان عدد المتحدثين كما جرت العادة 6 متحدثين وإذا إلتزم المؤيدين للإستجواب والمعارضين له بالمدة المقررة وفق اللائحة وهي ربع الساعة ( المادة 82 من اللائحة الداخلية) .
ولتكون مدته الى 10 ساعات الا ربعا بحد اقصى اذا كان عدد النواب المستجوبين اكثر من واحد ووفقا للاشتراطات السابقة حين يكون المستجوب نائبا واحدا .

ولهذا فإن مد وقت الإستجواب إلى هذه المدة لائحيا وإن كان قد قلص قليلا من الوقت الفعلي للإستجوابات فإنه يعطي للنواب فرصة كبيرة للمساءلة السياسية وفي مدة قد لا تكون احيانا كافية لشرح الإستجواب , ولكنها وفي معظم الأحيان كانت أكثر من كافية لإستجوابات أخرى ما خلق على إمتداد الحياة الدستورية تكتيكات سياسية تمارس خلال جلسة الإستجواب بعضها لا يتواءم مع الهدف الدستوري من أداة الإستجواب وهو وفقا للمذكرة التفسيرية ' تجريح الوزير، او رئيس مجلس الوزراء، بمناسبة بحث موضوع عدم عدم الثقة او عدم التعاون ، كفيل باحراجه والدفع به الى الاستقالة، اذا ما استند هذا التجريح الى حقائق دامغة واسباب قوية تتردد اصداؤها في الرأي العام', اي ان تجريح الوزير يكون فقطا وفقا لحقائق دامغه وأسباب قوية تتعلق في موضوع الإستجواب وليس في قضايا أخرى أخرى تتعلق بشخوص الوزراء .

المادة ( المادة 101 )
كل وزير مسؤول لدى مجلس الامة عن اعمال وزارته، واذا قرر المجلس عدم الثقة بأحد الوزراء اعتبر معتزلا للوزارة من تاريخ قرار عدم الثقة ويقدم استقالته فورا. ولا يجوز طرح موضوع الثقة بالوزير الا بناء على رغبته او طلب موقع من عشرة اعضاء اثر مناقشة استجواب موجه اليه. ولا يجوز للمجلس ان يصدر قراره في الطلب قبل سبعة ايام من تقديمه. ويكون سحب الثقة من الوزير باغلبية الاعضاء الذين يتألف منهم المجلس فيما عدا الوزراء. ولا يشترك الوزراء في التصويت على الثقة.

يقترح النائب المحترم علي الراشد الآتي :

أ) أن يشارك رئيس الوزراء و الوزراء جميعا في التصويت على قرار عدم التعاون مع رئيس الوزراء وقرار عدم الثقة في الوزير المستجوب.
ب) سحب الثقة يكون بأغلبية أعضاء المجلس ( 42 عضوا من أصل 65 نائبا ورئيس وزراء ووزيرا )

التعليق :
وفقا للمذكرة التفسيرية فقد بينت أن منع الوزراء بما في ذلك المنتخبين منهم من التصويت على هذين القرارين جاء للأسباب الآتية :

- مساندة الوزراء لرئيس الوزراء او الوزير المستجوب بحكم واقع التضامن الوزاري وإن كان هذا التضامن برأيي يقتصر على وظائف الوزراء بصفتهم أعضاء في مجلس الوزراء كقرارات المجلس وغير ذلك , اما فيما يتعلق بأعمال وزارة كل وزير على حده فهو أمر لا يتعلق بالتضامن الوزاري وذلك لأن كل وزير مسؤول عن أعمال وزارته أمام مجلس الأمة وفقا للمادة 101 من الدستور.

والحقيقة ان مشاركة رئيس الوزراء والوزراء غير المنتخبين في قضية تتعلق بمساءلتهم أمام النواب المنتخبين قضية تتناقض مع حقيقة الديمقراطية , فوجود رئيس الوزراء والوزراء المعينين هو إستثناء على القاعدة البرلمانية التي تلزم بأن يكون كل الوزراء من النواب المنتخبين , وهو إستثناء إرتأته ظروف الكويت وواقعها حين جرت النقاشات المتعلقة بصياغة مواده , ولهذا تم منع حتى الوزراء المنتخبين من التصويت .

النائب المحترم علي الراشد إستند في طرح هذه الفكرة إلى تساؤل عن كيفية عدم تصويت رئيس الوزراء والوزراء في مجلس هم أعضاء فيه وهو تساؤل مشروع من حيث الشكل ولكنه ومن حيث المضمون فيه خروج كما ذكرت عن لب العمل الديمقراطي فكيف لعضو غير منتخب ان يشارك في قرار عدم التعاون او قرار عدم الثقة بالتساوي مع نواب منتخبين الوزراء مسؤولين أمامهم , ولنا أن نتخيل حين يقوم وزير غير منتخب بالتصويت في مسألة عدم الثقة على وزير منتخب .

أمر صحيح أن الوزراء مسؤولين أمام مجلس الأمة عن أعمال وزارتهم وفق المادة 101 ومجلس الأمة يضم النواب والوزراء المعينين , ولكن يفهم من مدلول النص ان المسؤولية تكون للنواب المنتخبين فليس من المعقول ان يقوم وزيرا ما بمحاسبة وزير آخر في ظل الممارسة الواقعية وليست اللائحية لمبدأ التضامن الوزاري .

اما قضية منع الوزير المنتخب وهو في الأصل عضو منتخب في مجلس الأمة من التصويت في مسألة عدم التعاون وعدم الثقة فهو طرح معقول ايضا من حيث الشكل أما من حيث المضمون فإن منحه ذلك الحق سيؤدي إلى تفكك مجلس الوزراء من الداخل خصوصا حين يصوت وزير منتخب ضد وزير معين, كما انه سيقلل من التضامن الشكلي المطلوب لعمل الوزراء إضافة إلى ما في ذلك من عدم مساواة بين الوزراء .

والحالة الوحيدة التي يكون فيها من المقبول تصويت رئيس الوزراء والوزراء على مسألة عدم التعاون وعدم الثقة برأيي تكون حينما يتم تشكيل مجلس الوزراء من النواب المنتخبين فقط وهو أمر غير متوقع حصوله قريبا خصوصا أنه من غير المقبول حرمان أبناء الأسرة الحاكمة الذين تمنع المذكرة التفسيرية ترشحهم لعضوية مجلس الأمة , من المشاركة كوزراء وهو الأمر الذي تسمح فيه المذكرة التفسيرية في موقع آخر وتعتبره السبيل الوحيد للمشاركة في الحكم .

ولهذا وحسب رأيي الشخصي تصويت رئيس الوزراء والوزراء جميعا في مسألة عدم التعاون وعدم الثقة أمر غير مقبول .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق