السبت، 5 يوليو 2008

الوثيقة ... الإفك





الوثيقة" الإفك" الذي إنفرد الزميل محمد سندان والزميلة جريدة القبس بنشرها السبت الماضي والتي نفى وزير الاعلام الشيخ صباح الخالد علمه بها تمثل برأيي قمة الاستهتار في الديمقراطية ومحاولة خبيثة لإفراغ الحريات الاعلامية والتلفزيونية والنقابية من الداخلية عبر إفتراضات وإستنتاجات ما أنزل الله بها من سلطان .

كما أنها توضح كيف تدار الامور في الحكومة من الداخل وتوضح آلية صنع القرار الحكومي
وهو في مراحله الاولية.


ونحمد الله أن هذه الوثيقة الافك لم تتحول إلى قرارات وزارية وإلا فعلى التنمية في الكويت السلام فالحرب على أعداء الدستور وأعداء الحريات لن تترك مجالا للتنمية والبناء .


حسنا فعل وزير الاعلام بنفي علمه بهذه الوثيقة الافك والدور على وزير الشؤون فلعمري لا توجد صحيفة إستجواب أقوى أثرا من هذه الوثيقة الافك .

الكويت على مفترق طرق وسمو الامير يحث السلطتين على سرعة تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري في المنطقة ومع ذلك بعض المغامرين يتصورون انهم سيهزمون الحرية في الكويت ويريدون إشغال الرأي العام في قضايا أخرى غير قضايا التنمية .

أيها المغامرون الحرية في الكويت لا تهزم .


وفيما يلي تعليقات على بعض ما إحتوته هذه الوثيقة الإفك :

* إستخدام عبارة " الدستور فوض الدولة في سن القوانين " كان لافتا فمثل هذا الفهم لم يأت به أحد من قبل ولم يرد في المذكرة التفسيرية للدستور ولا حتي في المؤلفات الكويتية القانونية فسن القوانين حق أصيل لمجلس الامة وسمو الامير وليس للدولة .

وهذه العبارة لا تصدر إلا في جو غير ديمقراطي تسود فيه شريعة الحزب الواحد وليس نظاما ديمقراطيا السيادة فيه للأمة , لهذا أستبعد أن تكون هذه الوثيقة قد صيغت من قبل مواطن كويتي .

* الوثيقة الإفك تفترض في التمهيد أن الفوضى تفشت في الصحافة , والنقابات , والفضائيات ,وإعادة تأهيل العائدين من المعتقلات الخارجية من دون أن تدلل على ذلك بأمثلة حية ما يعني أن القفز المباشر نحو النتيجة كان في الذهن مسبقا وإلا لقام من حرر هذه الوثيقة الإفك ببذل قليل من الجهد كي يقنع متخذ القرار بالنتائج والتوصيات ولكن يبدو ان هذه النتائج والتوصيات طلبت مسبقا من متخذ القرار أو مقربين من متخذ القرار .

* الوثيقة الإفك بينت أن إزدياد عدد الصحف أدى إلى الآتي :
- وبدأت التيارات الفئوية تطل برأسها من خلال الصحف الجديدة.
- كما اصبحت بعض هذه الصحف تتخذ كوسيلة لجماعات المصالح
ولفرض سيطرتهم على المؤسسات التنفيذية عن طريق التهديد
واختلاق الاشاعات والأخبار المضللة.
- انتشر فيها اتجاهات تزييف الرأي العام والانحراف بالنقد عن غاياته الصحيحة.

هذه الاستنتاجات تعبر عن رأي شخصي ولم تنتج عن إحصائيات علمية أو إستطلاعات رأي ما يبين أن الوثيقة الإفك لم تهتم بالحيثيات أو التفاصيل التي من شأنها إقناع الآخرين بل كانت تسرع الخطى أو الأحرف من أجل الوصول إلى التوصيات الآثمة.

في التوصيات طلبت الوثيقة الإفك إستخدام السلطة التقديرية للاحتراز في اصدار التراخيص للصحف في الفترة المقبلة .

وهنا يتضح النفس التخريبي لمن حرر هذه الوثيقة الإفك إذ أن من صاغ هذه الوثيقة الإفك يطلب الاحتراز وكأنما الترخيص لجريدة يعتبر أمر مشبوه ومعيب في بلد ديمقراطي السيادة فيه للامة كالكويت .


كما ان هذه التوصية فيها نوع من التوريط للحكومة فوفقا لقانون المطبوعات الجديد يجوز لمن رفض مجلس الوزراء الترخيص له اللجوء للقضاء وتخيلوا لو تم الترخيص لصحيفة عبر القضاء لا عبر مجلس لوزراء .


في التوصية الثانية من الوثيقة الإفك تم إستهداف رؤساء التحرير في الصحف المحلية عبر مراقبة كل رئيس تحرير والتأكد من عدم مزاولته لمهنة أخرى .


وهكذا تطلب الوثيقة الإفك العودة بالكويت للروتين الاداري القاتل الذي أخر الكويت لسنين طويلة بسبب ديناصورات عاشوا لزمن طويل بقرب متخذ القرار . في التوصية الثالثة تطلب الوثيقة الإفك تشكيل محاكم تفتيش على الرأي والفكر لمراقبة كل حرف يكتب في الصحافة وتحويل صاحبه إلى النيابة العامه .


وإذ لم أكن مخطئا فمثل هذه اللجان تعمل حاليا في دول قمعية من الداخل وربما تكون من نفس البيئة التي ينتمي لها من صاغ هذه الوثيقة الإفك .


من توصيات الوثيقة الإفك أيضا " التشدد في الجهات الحكومية لمنع اصدار الأذون للموظفين العموميين بالاشتغال في الصحافة، تطبيقا للحظر المنصوص عليه في قانون الخدمة المدنية رقم 15 ــ 1979 الذي يحظر على الموظف تأدية اعمال للغير بأجر او من دونه ولو في غير اوقات العمل الرسمية الا بإذن كتابي من الوزير" .


وهنا يتضح مدى الجهل والتخبط وسوء النية التي يضمرها متخذ القرار للصحافة والصحافيين فبالرغم من الصحافة بالتأكيد تعتبر سلطة مستقلة إلا أن من أمر بصياغة هذه الوثيقة الإفك لا يراهم سوى موظفين صغار وربما يستكثر عليهم الاتصال مباشرة بالوزراء .


يحصل هذا والصحافة الكويتية تعتبر من الصحف المتوازنة في الطرح قياسا لصحف أخرى في المنطقة كما أن معظم ما ينشر في الصحف الكويتية أخبار منقولة عن شخصيات بإسمها وأقل من ذلك بكثير منسوب إلى مصادر وأقل من ذلك التحقيقات الصحافية التي تعتبر برأيي هي الصحافة الحقيقة .


والسؤال هنا : إذا كان معظم الوزراء لا يستطيعون السيطرة على وزارتهم ولا يستطيعون مقاومة الضغط النيابي في تعيين المحسوبين عليهم بلا عمل فكيف سيستطيعون منع مواطن كويتي من العمل خارج أوقات العمل الرسمي ؟ وماذا لو كتب هذا المواطن بإسم مستعار؟.


الشيخ سعود الناصر وزير الاعلام السابق وسفير الكويت في واشنطن إبان الغزو العراقي الغاشم لم يستطع رغم قوته آنذاك من منع الصحافيين الكويتيين من العمل في الصحف ولهذا على كل صحافي أن يواصل رسالته في نشر الحقيقة فديناصورات الحكومة لن يستطيعوا هزم الحرية في الكويت .



من توصيات الوثيقة الإفك "التشدد مع الكتاب والمحررين والصحافيين غير الكويتيين العاملين في الصحف، الذين يثبت في حقهم نشر الأخبار المختلفة أو الكاذبة أو نشر الاشاعات المغرضة التي تثير البلبلة في المجتمع أو تحرض على الفرقة والخلاف واتخاذ اجراءات ابعاد هؤلاء المحررين الأجانب الذين يرتكبون هذه الأفعال بقرارات سيادية من وزارة الداخلية." وهكذا ومن دون حكم قضائي ولمجرد فهم ربما يكون مغلوط لموضوع ما يريد أصحاب هذه الوثيقة الإفك القضاء على مستقبل إنسان وعائلته بجرة قلم .


قبحكم الله من وحوش تريدون تهميش القانون وتنحية القضاء والعودة في الكويت للاحكام اللاقانونية وهذا قد يحصل في حال التوسع في إستخدام سلطة الابعاد الاداري لوزير الداخلية فهي سلطة وإن كنا نختلف مع إستخدامها في كل الاحوال , يجب أن يكون تطبيقها فقط في الحالات القصوى وبما لا يتسبب بظلم بريء .


من توصيات الوثيقة الإفك التواصل مع رؤساء التحرير وإعداد ميثاق شرف صحافي وتشكيل فريق من الصحافيين والكتاب ذوي الانتماء الوطني، والذين لهم قبول عام في أوساط المجتمع، وذلك لإشراكهم في المسؤولية السياسية سواء في مرحلة ما قبل اتخاذ القرار السياسي أو في المرحلة اللاحقة على اتخاذه، لتوضيح ملاءمته وسلامته واظهار دوافعه الوطنية واستهدافه للمصلحة العامة.


وهذه التوصية تكشف كم كان جاهلا بشؤون الكويت من صاغ هذه الوثيقة الإفك فالصحافة الكويتية في مجملها لا تعادي السلطة والصحافة الكويتية تتناغم مع الحكومة في القضايا الخارجية , ولعلنا نذكر كيف إمتنعت الصحافة في الكويت ترغيبا أو ترهيبا من الخوض في مسألة أزمة الحكم مطلع العام 2006 لهذا لا نرى أن الحكومة تحتاج إلى أي فريق من الطابور الخامس الصحافي فهناك من يقتنع بالسياسات الحكومية ويدافع عنها وعن قناعة وهو أمر مشروع فكاتب هذه المدونة قد يتبنى بعض الآراء الحكومية في بعض المسائل وقد يرفض بعض القضايا وهو حال معظم الصحافيين أي أن العبرة في قدرة الحكومة على كسب الرأي العام ممثلا في الصحافيين وكتاب الرأي إلى صفها عبر حسن تقديم مشاريعها وليس عبر فرق مشبوهه .


الوثيقة الإفك تطرقت إلى قضايا نقابية وقضايا أخرى لسنا بمختصين في الرد عليها وأصحاب الاختصاص أجدر بالرد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق