الاثنين، 21 يوليو 2008

يا ساجد .. يا سعد .. لاتقعا في مطب تحويل الاعلام الالكتروني إلى إعلام مطبوع... تدريجيا

بن طفله والعبدلي وصورة من البدايات حينما كانت الصحافة المطبوعه مسيطرة


مطالبة الدكتور ساجد العبدلي للصحف الالكترونية والمنتديات بإعادة النظر في مسألة نشر تعليقات القراء والتي تتضمن امور سلبية من ضمنها الاستهداف الطائفي , والانشغال بمهاجمة صاحب المقال , هذه المطالبة أصابتني بالرعب الحقيقي ليس فقط لأنها تعتبر بداية لمطالب كثيرة ستكثر في الفترة المقبلة , ولكن لأن اللغة التي صاغها العبدلي في مطالبته بما تتضمنه من نعومه ومخملية من أجل الوصول للهدف الرئيسي وهو المنع لبعض ما ينشر في الالكتروني ولا ينشر في المطبوع , هذه اللغة سمعناها كثيرا خلال نضالنا كمقاتلين من أجل الحرية خلال بداية عملنا في الصحافة البورجوازية وأثناء محاولات دك قلاع هذه الصحافة لتحرير الحرية من قيد الفئوية والعائلية .


بالتاكيد العبدلي لا يقصد التقييد من الحريات ولكن وفي النهاية هو يطالب بالمنع ليس فقط لكلمات النابية بل لأمور يحتمل تفسيرها معاني فضفاضة من أهمها تأجيج الطائفية .


قلناها في ندوات وفي لقاءات تلفزيونية , وفي محاضرات مغلقة وخلال ورش عمل في دول أجنبية وفي الكويت , أبواب الحرية , أي حرية لا يجوز أن تغلق إلا أمام كل ما هو واضح بقوة ويتضمن ما هو سلبي بقوة أما الامور التي تتضمن تفسيرات عده فيجب ألا نقع في المحظور ونقوم بإعادة تفسيرها تدريجيا لنجد أننا وفي النهاية أصبحنا صحف مطبوعة تصدر عبر الانترنت .


حين كان يكتب احدهم في الصحف المطبوعه مقالا يتضمن آراء وأفكارا تتحمل الاختلاف كان يعيش كالامبراطور المتوج فلا أحد يملك التعقيب عليه وإنتقاد ما طرحه من أفكار إلا عبر حق الرد ولمن يمسهم المقال بشكل شخصي وذلك حسب قانون المطبوعات والنشر المتخلف عن تطور العصر .


اما الآن وبعد ظهور المنتديات والمدونات في الكويت ولاحقا جريدة "الآن" أصبحت العملية تتضمن نوعا من التحدي فبعض كتاب الرأي يرصدون ردود الفعل على مقالاتهم في جريدة "الآن" وفي منتديات معينه أخرى .


بل أن بعض الكتاب وبعض المسؤولين يتمنون الا تقوم الآن" بنشر ما يتعلق بهم كي لا يفتح المجال أمام القراء لإنتقادهم علنا .


ووفقا لمعلومات أملكها تم تغيير صيغة قرار او تم التراجع عن توجه معين من قبل الحكومة ومن قبل تيارات سياسية فقط بسبب إما نشر خبر نشرته "الآن" وتجنبته صحف أخرى نهائيا أو تجنبته إلى أن نشر في "الآن" فعادت لتقرر نشره أو إستمرت الخشية فنسبته إلى "الآن" بشكل واضح .


والأمر نفسه ينطبق على قيام الآن بإعادة نشر مقالات نشرت في صحف أخرى .إن أبواب الحرية إنفتحت على مصراعيها ولم يعد بالإمكان إعادة عقارب الساعة إلى الوراء لمجرد أن هناك , والعبدلي منهم , من يخشى من التأجيج الطائفي وغير ذلك من معاني فضفاضة .


كل ما يعتقد البعض في الكويت أنه محرم من عبارات أصبح يتداول علنا في جلسات مجلس الامة وفي طريقة التشكيل الحكومي وفي تصريحات النواب وفي مواضع كثيرة من أهمها قضية قيام نائب كويتي ومواطنين كويتيين شيعة بتأبين القيادي في حزب الله عماد مغنية والمتهم من الكويت بضلوعه في إختطاف وقتل كويتيين على متن طائرات كويتية في الثمانينات من الرقن وهي القضايا التي لم تتم محاكمته فيها بسبب ما يقال انه إتفاق دولي أبرمته الكويت من أجل إطلاق سراح الرهائن مقابل تعهد بعدم المطالبة بمختطفي الطائرات الكويتية .


بعد كل هذا التداول العلني للعبارات التي يخشى البعض منها انها ستسبب في التأجيج الطائفي أثبت الكويتيون أنهم شعب ضد أي فتنه طائفية وقد تجسد هذا بجهود كثيرة قام بها مواطنون سنة وشيعة لتخفيف الاحتقان وبمقالات صحافية حاربت أي تأجيج من أهمها إفتتاحية جريدة "الراي" والتي صاغها رئيس تحرير الجريدة آنذاك جاسم بودي , ومقالة للزميل ساجد العبدلي نفسه في جريدة الجريدة .


الآن بعد كل ذلك نأتي ونطالب بعادة النظر في مسالة نشر بعض تعليقات القراء ونحرمهم بالتالي من حقهم الأدبي في العبير عن رأيهم وإن كان جارحا وناقدا لكاتب المقال نفسه .


علينا الا نحرم أنفسنا من حوار حقيقي بين كل الاطياف وعلينا ان نتحمل الحقيقة مهما كانت مره ولا يجوز ان تكون الصحف الالكترونية كالاب الحنون الذي عليه ان يعاقب بعض الابناء لمجرد ان رأيهم كان شديد الوضوح ويعبر عن ذواتهم .


ما ضايقني في مقال العبدلي انه اورد عبارات من أحد القراء يطالب فيها مالك جريدة الآن الدكتور سعد بن طفله بالقيام بإجراء ما وكأنما حرية التعبير في الالكتروني أصبحت بيد بن طفله أو غيره من الافراد ,وكأنما الحرية في الكويت لا تعيش من دون وصاية , وكأنما بن طفله نفسه والذي هرب من قفر المطبوع إلى فضاء الالكتروني سيقبل على نفسه أن يكون أول قامع للحريات في الالكتروني .


الرسول الأمي محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم أطلق صرخة للدنيا بأسرها مفادها أن العدل والمساواة مقدسة في الإسلام إلى درجة تطبيقها على أبنته لو قامت بالسرقة , ونحن ونحن نسير على هديه في دعواته السامية والتي يحاول البعض ان يحتكرها لنفسه ويحولها من معان إنسانية إلى طقوس يتم من خلالها السيطرة على الآخرين , نقول أن من سيتعرض للحرية في أي موقع سوف لن نتردد بالتصدي له ولو كان شخصا بتقدمية وسعة أفق سعد بن طفله .


خلال إشتراكي مع سعد بن طفله في مشروع اعلامي تطوعي كنت اقترح نشر التعليقات التي لا تتضمن إنتقادا ينم عن ثقافة أو فكر وكنت أقترح إستبعاد التعليقات التي قد يكتبها شخص واحد لانتقاد شخصيات سياسية ونيابية لمجرد الإنتقاد أو لمجرد الايحاء ان هناك إستياء شعبيا منها إلا أن بن طفله حينها كان يقول لي بلطف " يا داهم فلتدع الحرية تعم الجميع ودع القراء يعبرون بحرية عن ما يرونه ... ولا تفكر بعقلية النشر في الاعلام المطبوع نظرا لأنك بدأت العمل في المطبوع " .


كلمات بن طفله حولتني من نهج إلى نهج فالمتصفحين ومهما كانوا بسطاء هم في النهاية متصفحين ومن حقهم الا يحرموا من التعبير عن رأيهم مهما كان مزعجا ومهما كان في احيان سخيفا وتبقى مسألة تقدير ما يقصدونه إلى عموم المتصفحين .


أما قلة الأدب والالفاظ النابية فهي مسألة مفروغ منها إذ أنه من حق المتصفحين ألا تجرح مشاعرهم بمثل هذه الالفاظ .


تحياتي للعبدلي وفوق التحية محبة .


وتحياتي أيضا لبن طفلة وفوق التحية تنبيه وتحذير فالتعرض للحريات ليس خطا أحمرا فقط لا نقبل تعديه بل هو في ظني , التعرض للحريات , خطأ إستراتيجيا سيجعلنا نعود من جديد لنبحث عن فضاءات أرحب تتجاوز أي فلسفة للمنع مهما كانت ناعمة ومخملية بنعومة ومخملية العبارات التي إستخدمها العبدلي في مقالته .


الحرية في الكويت يتنفسها الجميع ومن يعترض على إتساعها فليختنق لوحده .


( فيينا- 21 يوليو 2008 )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق