الأربعاء، 19 مايو 2010

وماذا بعد الرفض الشعبي لتطبيق قانون أمن الدولة على الصحافيين والكتاب ؟ ولماذا غاب أحمد السعدون عن الحضور ؟

الأب المؤسس الدكتور أحمد الخطيب يقف بشموخ في ساحة الإرادة ليدافع عن الحق في التعبير لكل مواطن كويتي ( المصدر - جريدة الآن الإلكترونية )

من الدكتور أحمد الخطيب نائب رئيس المجلس التأسيسي وهو يقترب من عامه الثمانين إلى عبدالله العرادة الفتى الذي لم يتجاوز عمره السابعة عشر عاما وفي ساحة الإرادة وعلى بعد أمتار من مبنى مجلس الأمة مبنى مجلس الوزراء ,ومن قصر العدل نقل الخطيب إلى العرادة رسالة كويتية بدأت في الكويت منذ النشأة الأولى حينما كان الحاكم لا يصدر قرارا من دون مشاورة الشعب ,ومرت بسنوات الشقاء والتعب ,وعبرت بسنوات التنوير ونشأة الدولة الحديثة ,وهاهي تنقل في عصر الفضائيات والفيس بوك والآي فون ,من الخطيب أحد الآباء المؤسسين إلى أحد الأحفاد الواعدين, رسالة مفادها "أن الكويت ليست بكويت من دون حرية ,ومن دون إيمان حقيقي من الدولة ومجلس الأمة والأسرة الحاكمة بأن حق كل مواطن في التعبير لا يمكن أن يمس بقوانين جائرة كقانون أمن الدولة والذي صدر من مجلس أمة مزور النتائج العام 1970 .


المشهد في ساحة الإرادة كان مزيجا كويتيا لا يتكرر الا حينما تمس الحريات كما في حصل في الحملة الشعبية للتصدي لتنقيح الدستور العام 1981 و, كما تكرر في حركة دواوين الاثنين العام 1989 , وكما جرا قبل 4 سنوات في حملة "نبيها خمسة " لتغيير النظام الانتخابي فالفرقاء توحدوا وتجاوزوا خلافاتهم حماية للدستور ولحرية الرأي والتعبير أما من غاب عن هذه المواقف التاريخية فلا عزاء له فالتاريخ الكويتي لا يتوقف عند أشخاص مهما كان دورهم فالإنسان إبن الحاضر ومن يناور أو يراهن على متغيرات قد لا تحصل فليس له سوى الظن والخيبة .

وإذا كان تجمع "الحرية للجاسم" قد شهد تتويجا شعبيا لزعامة النائب مسلم البرا ك السياسية فأنه سجل أيضا غيابا ملحوظا لزعيم سياسي طالما صفقت له الجماهير طويلا في قضايا أصغر بكثير من قضية قمع المواطنين بقانون أمن الدولة , و لن نقول احتراما لتاريخ الغائب الكبير النائب أحمد السعدون رأينا بالتفصيل عن سبب عدم حضوره بعد أن تأكدنا أنه لم يكن هناك مانع لحضوره , وكننا سنكتفي بالقول غب يا أحمد السعدون أو أحضر فالدفاع عن الدستور والحريات العامة لم يعد ينحصر في أشخاص أو تيارات سياسية فضمائر الكويتيين هي الآن خط الدفاع الأول غاب من غاب وحضر من حضر .

كم كان حضور الأب المؤسس الدكتور أحمد الخطيب مؤثرا فالرجل رغم كبر سنه ورغم خصومته المعروفه مع الجاسم ورغم عدم مقدرته على المشي من دون عصا حضر كما العملاق وكما الأسطورة الحية فإستحق "مانديلا"الكويت أن يرحب به بتصفيق القلوب قبل الأيدي فقال وأوجز وأعلنها مدوية " للكويت نكهه خاصة عن باقي الدل وهي حرية الكلمة " .

الحدث اللافت في التجمع تمثل في كون المشاركة النيابية كانت جزءا من الحدث لا الحدث كله فالشباب الوطني الذي نظم هذا التجمع بفكرة من الفتى الوطني عبدالله العرادة وبتنفيذ من اللجنة الشعبية لدعم حرية التعبير أجادوا في التنظيم ووجهوا الحدث ليخدم القضية الرئيسية وهي الحرية للمواطن لا الجاسم بذاته فالجاسم كان في الحدث رمزا ,كما قال أغلب المتحدثين , لأي مواطن يتعرض للقمع بسبب آرائه.

وكما أن الحضور النوعي كان لافتا بوجود قيادات نقابية ومدنية وسياسية وبوجود حضور شعبي متنوع كان لافتا غياب بعض التيارات السياسية ما جعل أحد الحضور يقاطع النائب السابق فهد الخنه حينما قال ان التيارات السياسية حضرت جميعا ما جعل الخنه يصحح المعلومة ويختصر المشهد بالقول " الشعب الكويتي لا يهتم بمن قعد عن حضور هذا التجمع الوطني المبارك "

ولا جزا الله السفر أي خير فسفر النائبة الدكتورة أسيل العوضي حرم المشهد من مشاركة كانت أكيده لها في هذا الحدث ويا ليتها كانت هنا فالشعب الكويتي يشعر "بالقرف " من تخلف النائبات عن الأحداث الوطنية التي تتعلق بالحريات العامة وإن كان الأمل ينعقد في واقع الحال على نائبتين "فيهما رجا " أما غير ذلك فليستا سوى صنيعة حكومية بكل إقتدار .

الشاب الوطني خالد الفضالة قدم درسا وطنيا لكل من كان يتحفظ عن الحضور بسبب الخلاف مع الجاسم حينما أشار في خطابه إلى أن ترفع النواب السابقين أحمد الخطيب ومشاري العصيمي وعبدالله النيباري على خصومتهم مع الجاسم وحضورهم للدفاع عن حق المواطن الكويتي في التعبير عن رأيه من دون أن يتعرض للإعتقال وفق قانون أمن الدولة .

اللحظة المؤثرة في التجمع كانت حينما ذكر الكاتب أحمد الديين بعض ظروف إحتجاز الجاسم ومنها تقييد رجليه ويديه بالقيود ( الكلبشات) في سرير المستشفى العسكري رغم إعتراض الأطباء , وأيضا مرافقة ثلاث سيارات نقل محملة برجال قوات خاصة مقنعين للجاسم في طريقه للسجن في سابقة لم تعهدها الكويت لرجل لم يشكل تنظيما مسلحا لقلب نظام الحكم .

في مقال الأمس تساءلنا " هل تشهد ساحة الإرادة الليلة نهاية تطبيق قانون أمن الدولة ضد الصحافيين والكتاب ؟ " وكان الجواب متعددا إذ أعلن نواب أنهم سيتقدمون بتشريعات تحد من ذلك كما أن جمعية المحامين والتي حضر أعضائها بمسيرة من قصر العدل أعلنت على لسان نائب الرئيس الحميدي السبيعي مجموعة من التعديلات وطالبت النواب بتبنيها كما أن مداخلات الخطباء ومنهم النائبين السابقين مشاري العصيمي والدكتور فهد الخنة كانت واضحة في إنتقاد النائب العام والطلب منه الإلتزام بصريح القانون .


الآن ما هو المطلوب على وجه التحديد ؟

بعد هذا التجمع الشعبي اللافت والذي أعقبته مسيرة جالت في شارع الخليج العربي وإنتهت أمام مجلس الأمة وبعد المواقف الواضحة التي أطلقها المواطنون بحضورهم الواسع والمتنوع تتطلب الحكمة التالي :

- قيام وزير الديوان الأميري بسحب البلاغ الذي قدمه بحق الجاسم لأن القضية أصبحت مكلفة للأسرة الحاكمة فالإنتقادات التي وجهت للأسرة في هذا التجمع لم تكن مسبوقة بهذا الشكل والوضوح .

- قيام النائب العام بوقف التحقيق وإطلاق سراح الجاسم فورا وتصنيف الإتهامات وفق قانون المطبوعات والنشر وإسقاطها بسبب التقادم .

- إستمرار التحركات الشعبية ليس فقط إلى حين إطلاق سراح الجاسم بل إلى حين إصدار تشريع يحد من تطبيق قانون أمن الدولة على الكتاب الصحافيين وعلى صاحب أي رأي ,وإصدار تشريع يجعل مسألة الحبس الإحتياطي مسببه وتحكم من قبل قاضي للتدقيق على قرارات النيابة العامة .

- إعلان القوى السياسية كافة وخصوصا القوى الشيعية التي غابت كتنظيمات رغم حضور وطنيين من الشيعة المستقلين , موقفا صريحا من مسألة تطبيق قانون أمن الدولة على الكتاب والصحافيين فهل هم مع أم ضد ؟.


الكويت ليست بكويت من دون حرية ومن دون إيمان حقيقي من الدولة ومجلس الأمة والأسرة الحاكمة بأن حق كل مواطن في التعبير لا يمكن أن يمس قوانين جائرة كقانون أمن الدولة والذي صدر من مجلس أمة مزور النتائج العام
1970 .


هل وصلت الرسالة للجميع ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق